العرب والعالم

مركز أبحاث: اليمن سيواجه موجة جديدة من الأزمات

19 يونيو 2020
19 يونيو 2020

صنعاء- "عمان"- جمال مجاهد

حذّر "مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية" (اليمني المستقلّ) أمس من أن اليمن الذي يرزح تحت وطأة المشاكل الإنسانية والاقتصادية المتفاقمة والمتراكمة خلال السنوات الماضية تاركةً اليمنيين العاديين معرّضين للخطر بشكل كبير، سيواجه موجة جديدة من الأزمات نتيجة الانتشار المتسارع لفيروس كورونا المستجدّ (كوفيد19) في اليمن، لدرجة توقّعت معها الأمم المتحدة أن الفيروس سيصيب قرابة 16 مليون شخص في اليمن، خاصةً وقد اتّسمت استجابة الأطراف المتحاربة لجائحة كورونا بـ "الاستهتار"، بل "بالغياب الحقيقي" في أغلب مناطق اليمن.

وأشار في تقرير اطّلعت عليه "عمان" إلى أن هذه التطورات تزامنت مع تراجع الدعم المالي الدولي لجهود الإغاثة في اليمن، والذي جاء في أسوأ وقت ممكن. وتوقّع أيضاً أن تنخفض كمية العملة الأجنبية المتوفّرة في اليمن بشكل حادّ نتيجة تراجع التحويلات المالية للمغتربين، ونفاد الدعم المخصّص لتغطية استيراد المواد الأساسية، منبّهاً إلى أنه "في ظل هذه العوامل مجتمعة، يبدو أن الأشهر المقبلة ستكون أليمة وعواقبها كارثية".

ولفت إلى أن "السياسة التي اتّبعتها جماعة أنصار الله رفعت درجة التهديد التي يمثّلها فيروس كورونا، وجعلت انتشاره في شمال اليمن محتّماً لا محالة كما حدث في الأسابيع الأخيرة".

ويبدو الوضع في عدن (جنوب اليمن) مشابهاً لصنعاء وغيرها من المناطق، إذ تظهر إحصائيات الدفن المتزايدة وشهادات اليمنيين على وسائل التواصل الاجتماعي أن الفيروس ينتشر دون رادع.

في هذه الأثناء، تعمل منظّمة الصحة العالمية على افتراض أن "التفشّي الفعلي يحدث الآن" في مختلف أنحاء اليمن، رغم أن من المستحيل تحديد عدد المصابين بكوفيد19 نتيجة عدم إجراء اختبارات كافية. وفاقم سوء التغذية والفقر المنتشران بشكل واسع حدّة الوضع، والمؤسف أنهما سوف يزدادان سوءً في المستقبل القريب بفعل تراجع المساعدات الدولية المخصّصة لليمن.

وتوقّع التقرير أن يشهد السوق اليمني قريباً انخفاضاً حادّاً في كمية العملات الأجنبية المتاحة. وتقدّر التحويلات المالية التي تعتبر أكبر مصدر للعملة الأجنبية في اليمن بأكثر من ثلاثة مليارات دولار سنوياً وترسل بشكل رئيسي من اليمنيين الذين يعملون في السعودية، حيث تتوقّع الأمم المتحدة انخفاض التحويلات المالية بنسبة 70% بسبب القيود المفروضة على العمّال والانكماش الاقتصادي المفاجئ نتيجة القيود المفروضة لاحتواء فيروس كورونا والهبوط الحادّ بأسعار النفط العالمية.

وعلت التحذيرات خلال الأشهر القليلة الماضية من انخفاض الدعم الأجنبي الذي بلغ العام الماضي بما يقدّر بمليارات الدولارات، في حين أعلن "برنامج الأغذية العالمي" في أبريل عن تقليص المساعدات الغذائية إلى النصف في المناطق الخاضعة لسيطرة "أنصار الله" في خطوة تؤثّر على 8.5 مليون شخص تقريباً. بينما قالت منظّمة الصحة العالمية إنها ستوقف معظم الخدمات التي تقدّمها في المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية وعمليات الاستجابة لكوفيد19.

وأعلنت الأمم المتحدة في مايو أنها تتّجه صوب "منحدر مالي" في اليمن وأن نقص السيولة قد يؤدّي إلى إيقاف أو تقليص عمل ثلاثة أرباع برامجها هناك، ما يعني أن آلاف اليمنيين الذين يعملون ضمن هذه البرامج سيخسرون مصدر رزقهم إلى جانب التأثير المباشر على ملايين المستفيدين.

وفي خضمّ كل هذه التطورات، يخلق الوباء بيئة أكثر صعوبة أمام إيصال المساعدات لبرامج الإغاثة التي لا تزال تمارس عملها بسبب تخفيض عدد عمّال الإغاثة الدوليين، وفرض القيود على حركة الموظّفين اليمنيين نتيجة الحجر الصحي وبروتوكولات السلامة التي تفرضها وكالات الإغاثة، واضطّراب سلسلة التوريد العالمية.

وتأتي هذه المؤشّرات، بينما يعاني سكان اليمن بشدّة جرّاء الحرب المستمرّة منذ خمس سنوات، والانهيار الاقتصادي المصاحب لها، إذ يرزح نحو ثلاثة أرباعهم تحت خط الفقر وأي ارتفاع في أسعار السلع سيكون له آثار كبيرة على قدرتهم الشرائية، وبالتالي قدرتهم على البقاء على قيد الحياة. كما سيؤدّي انخفاض كمية العملات الأجنبية التي تدخل اليمن إلى تقليل النشاط الاقتصادي بشكل عام وتزايد نسبة البطالة.

وحثّ التقرير على الالتزام بتنفيذ "اتفاق الرياض" في الجنوب، داعياً طرفي النزاع في الشمال إلى أن "يتوقّفوا عن القتال ويشكّلوا جبهة موحّدة ضد كورونا، وهو تعاون من شأنه إن تم، أن يضع الأسس لتوحيد عمل البنك المركزي المنقسم حالياً ومؤسّسات أخرى تستطيع أن تبدأ في تأمين الخدمات الأساسية لليمنيين".