أفكار وآراء

التقاعد وبداية مرحلة جديدة

07 يونيو 2020
07 يونيو 2020

سالم بن سيف العبدلي

[email protected]

يمر الواحد منا خلال حياته بمحطات رئيسية ومراحل متسلسلة وكل مرحلة من هذه المراحل تأخذ جزاء من أعمارنا فالمحطة الأولى هي فترة الإعداد والتكوين وتبدأ منذ الطفولة وحتى سن الرشد والشباب وتستمر إلى بداية العشرينات في هذه المرحلة يتعلم الإنسان الكثير من دروس الحياة ويتلقى التعليم النظامي والذي يؤهله لاستقبال المحطة الثانية والتي يبدأ فيها بتطبيق وجني ثمار ما غرسه وتعلمه في المرحلة الأولى فهذه المرحلة تعتبر مرحلة البناء والتكوين ومرحلة العطاء والإنتاج وقد تطول وتستمر إلى سنوات عديدة حسب الظروف المحيطة وحسب مقدرة الإنسان، أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة التقاعد وهي مرحلة مهمة جدا ولا تقل أهمية عن المرحلة السابقة.

كثر الحديث والنقاش خلال هذه الأيام عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول موضوع التقاعد ومتوقع أن يستمر الجدل حول هذا الموضوع لفترة طويلة وذلك على خلفية التعميم الديواني رقم (2020/‏‏5/‏‏6) الصادر من معالي السيد وزير ديوان البلاط السلطاني والموجه إلى كافة الوحدات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة في الدولة والذي تضمن الأوامر السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله وأبقاه- والقاضية بعدم تجديد عقود ما لا يقل عن (70%) من الخبراء والمستشارين الأجانب العاملين في جميع الوحدات الحكومية المدنية دون استثناء عند انتهاء العقود المبرمة.

كما تضمن التعميم أيضا إحالة مالا يقل عن (70%) من الموظفين العمانيين الذين أكملوا 25 سنة فأعلى ممن يشغلوا وظائف مستشار/‏‏ خبير /‏‏ مدير مختص وما لا يقل عن 70% من موظفي كافة الوحدات الحكومية المدنية دون استثناء ممن تجاوزت خدماتهم (30) سنة إلى التقاعد وذلك في موعد أقصاه تاریخ31 ديسمبر 2020، وكان هذا القرار مفاجئا بالنسبة للعديد من الموظفين في القطاع العام ولم يكن في الحسبان رغم انه كان متوقعا في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها السلطنة وفي ظل أزمة كورونا والتي زادت الطين بلة، كما أنه يأتي في إطار إعادة الهيكلة التي وعد بها جلالته في خطابه التاريخي الأول.

ما يهمنا هنا هو الحديث عن المحطة الثالثة من عمر الإنسان وهي مرحلة التقاعد والتي كثر الحديث عنها وهي مرحلة هامة جدا في حياة كلا منا فهي حتمية ولابد أن تأتي وإن كان الحديث هنا عن حالة استثنائية وفي ظل ظروف اقتصادية صعبة فعندما نتحدث عن موظفين قضوا 30 سنة من أعمارهم في خدمة الوطن ويتم إحالتهم إلى التقاعد في عمر 55 سنة تقريبا قد تقل أو تزيد قليلا أي أنه لا زال في قمة العطاء والإنتاجية وبالتالي فإن هذا القرار ينبغي أن لا يعطل نشاطه ولا يقلل من همته ولا يثبط من عزيمته بل عليه أن يتكيف مع الوضع وأن يبدأ مرحلة جديدة من العطاء والجهد والنشاط مرحلة لا تقل أهمية عن المرحلة السابقة.

التقاعد ليس نهاية المطاف كما يعتقد البعض بل هي مرحلة فيها من العطاء الكثير خاصة عندما تكون هذه المرحلة في أوج نشاط وعطاء الإنسان والذي ينبغي أن لا يتوقف عند حد معين مادام قادرا على العمل فلا بد أن يستمر الإنجاز والطموح نحو الأفضل قد يقول القائل: إن هذا الكلام عبارة عن تنظير وكلام فلفسي. لكن في حقيقة الأمر هو واقع وهناك نماذج كثيرة لأشخاص حققوا طموحاتهم وابدعوا بعد التقاعد.

طبعا من أجل تحقيق هذا الطموح والتكيف مع الوضع الجديد والمفاجئ لدى هؤلاء الموظفين فلابد أن يحصل المتقاعد على مزايا وتسهيلات تقدم له نظير خدمته لثلاثين سنة أو اكثر فقد يكون بعضهم لديه التزامات كقروض بنكية وجمعيات أو ديون لأشخاص لذا ينبغي أن يتم مكافئتهم من خلال منحهم منحة مالية كمبلغ مقطوع ليعينهم على تحمل أعباء المعيشة ولكي لا يكونوا عالة على الآخرين.

ونحن نجزم بأن من كان راتبه 1000 ريال أو أقل خاصة من هم ضمن الوظائف التنفيذية فإن راتبهم التقاعدي سوف يصبح أقل من 600 ريال وهذا المبلغ لا يغطي الاحتياجات المتزايدة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية كما أن الشخص الذي ليس لديه مصدر دخل آخر لن يتمكن من الاستمرار في عطائه وإنتاجيته لذا يأمل الجميع أن تكون هناك لفتة ومراعاة خاصة لهذه الفئة والتي لا شك أن أعدادهم كثيرة كما ينبغي توجيه المصارف والبنوك على مراعاة هذه الفئة من المقترضين عند السداد.