abdulah1
abdulah1
أعمدة

نوافذ: قليل من الثناء لزملاء المهنة

07 يونيو 2020
07 يونيو 2020

عبدالله بن سالم الشعيلي

Twitter:@ashouily

يحكي لي صديق أتشارك معه هم الصحافة اليومي عن موقف لن ينساه طوال حياته حدث له خلال تغطيته لأزمة كورونا بعدما قرر الخروج من مأمنه إلى الميدان لملاحقة الفيروس وأخباره، عاد بعدها طريح الفراش يعاني من وساوس الإصابة بهذا الفيروس جراء اعتقاده بأنه خالط بعضا ممن أجرى معهم لقاءات أو نقل أخبارهم للمجتمع عبر صفحة جريدته الإلكترونية التي يعمل بها حتى تبين له بعد إجراء الفحص أن وساوسه لم تكن حقيقية بعد أن جافاه النوم ليلا وأرقه المرض نهارا.

أمثال هذا الصحفي وغيره كثيرون فلم يثن على عملهم أحد، ولم يعرف عن وضعهم ووجعهم وآلامهم أحد، وهم يتألمون في صمت ويكتبون في صمت وينقلون الأخبار بصمت ويعملون داخل بيوتهم وخارجها في صمت ويستمتعون بمتاعبهم ومتاعب مهنتهم بصمت ويفرحون أيضا في صمت.

لا يعرف أحد عن مشاكلهم المالية المتفاقمة جراء عدم دفع أجورهم كاملة ولا عن أجورهم الحقيقية الزهيدة التي يتقاضونها مقابل التضحيات التي يقومون بها خدمة للمجتمع وللوطن، ولا يعرف أحد أيضا عن أمراضهم وعللهم ومشاكلهم الصحية والنفسية الناتجة عن عملهم الطويل المضني للبحث عن معلومة أو لتقصي حقيقة خبر أو سهرهم لساعات طوال بحثا عن خيط رفيع يقود إلى كشف كبير. كل هذا قد لا يعرفه إلا من اقترب أو عايش أو استمع إلى شهادة صحفي وإعلامي أفنى عمره كاملا في خدمة وطنه وقارئه ومتابعه.

لن أسهب كثيرا في تعداد الدراسات والأرقام والبحوث التي نشرت وتنشر عن صعوبة هذه المهنة ومخاطر امتهانها ولن أتحدث عمن قتل من الصحفيين جراء تغطياتهم للحروب والكوارث في مختلف أنحاء العالم التي وصلت خلال العام المنصرم إلى حوالي الخمسين صحفيا ممن فقدوا حياتهم جراء تغطياتهم للحروب المختلفة، ولن أتكلم عن الانتهاكات التي تمارس ضد الصحفيين والإعلاميين في العالم أجمع من قبل مؤسسات حكومية وأهلية، ولن أتحدث عن الممارسات اللفظية والمضايقات التي تمارس ضدهم من بعض رؤساء الدول التي تدعي الديمقراطية، ولن أتحدث أيضا عن هجرة كثير من الإعلاميين للمهنة بسبب المضايقات ومنافسات بعض النباتات الطفيلية لأعمالهم وقلة الدعم المادي المقدم لهم ومشاكل التحولات الرقمية والطباعة وغيرها من المشكلات التي بات الصحفيون والعاملون في مجال الإعلام في مهب الريح والتي قد تعصف بالمهنة وأصحابها.

لن أتحدث عن أن هذا العام كان بالنسبة للإعلاميين والصحفيين عاما مرهقا وعصيبا وشديدا لم تمر به الصحافة ووسائل الإعلام من قبل، طوت عديد من الصحف أوراقها وأغلق بعضها أبوابه وشارفت بعض الوسائل الإعلامية على الانهيار المالي وفقد كثير من الأصدقاء الإعلاميين والصحفيين وظائفهم بسبب الفصل أو التقاعد الإجباري واحتجبت كثير من الإعلانات التجارية الممولة لوسائل الإعلام وزادت حدة العداوة والبغضاء للإعلاميين والصحفيين في كل أرجاء العالم واتهم الكثيرون الصحافة بالكذب والتدليس وتأجيج النزاعات ولعبت رياح التغيير التي هبت من الشرق والغرب في تحريك بعض أغصان هذه الشجرة المثمرة فبدأت بعض أوراقها في التساقط واحدة تلو الأخرى، ومع اشتداد الريح تهاوت هذه الأشجار التي كانت في يوم من الأيام وارفة الظلال وبسقوطها سقطت بعض رموز العمل الصحفي.

إنني أتحدث عما أسماه «كايل بوب» رئيس تحرير مجلة «كولومبيا جورنال ريفو» عن الخطر المحدق بالصحافة تطرق فيه إلى المخاطر المحدقة بالصحافة ومستقبلها الذي ينتظرها في ظل وجود كثير من المخاطر المحدقة ليس بالصحافة وحدها وإنما وسائل الإعلام كلها مجتمعة، مثنيا في نهاية مقاله على الإعلاميين في كل العالم الذين يقومون بعمل مذهل في ظل مناخ مضطرب وعالم متقلب.

أتحدث عن استحقاق زملاء المهنة من الإعلاميين والصحفيين - كما قال كايل - بعض الثناء والتقدير على ما قاموا ويقومون به من عمل جليل في ظل الكثير من الاضطرابات في هذا العالم المتلاطم الأمواج؟ أولا يستحقون ذلك منكم أيها القراء؟