1482439_388
1482439_388
العرب والعالم

المتظاهرون في نيويورك و لوس أنجلوس يتحدون حظر التجول مع تسجيل أعمال النهب والتخريب

03 يونيو 2020
03 يونيو 2020

التظاهرات متواصلة في الولايات المتحدة رغم لهجة ترامب القتالية -

واشنطن-(أ ف ب) - تواصلت الاحتجاجات والتظاهرات ضد العنصرية وعنف الشرطة في الولايات المتحدة حتى وقت متأخر من ليل امس وامس الاول رغم المواجهات مع الشرطة وتهديدات الرئيس دونالد ترامب المصمم على إعادة فرض النظام ملوحا باستخدام الجيش. وبعد تسعة أيام على مقتل جورج فلويد اختناقا تحت ركبة شرطي أبيض أوقفه، تتواصل موجة الاحتجاجات التاريخية من غير أن تتراجع. وتحدى المتظاهرون في نيويورك وفي لوس أنجلوس حظر التجول حتى وقت متأخر من الليل، مع تسجيل عدد أقل من أعمال النهب والتخريب من الليالي السابقة. وتظاهر ما لا يقل عن 60 ألف شخص بشكل سلمي امس الاول تكريما لذكرى جورج فلويد في هيوستن، المدينة التي نشأ فيها في ولاية تكساس وحيث سيوارى الثرى الأسبوع المقبل. وقال رئيس بلدية المدينة سيلفستر تيرنر "نريد أن يعرفوا أن جورج لم يمت سدى". وفي نيويورك، بعد تعرض العديد من المتاجر الفاخرة على الجادة الخامسة الشهيرة للنهب ، تم تقديم ساعة بداية حظر التجول الليلي إلى الساعةالثامنة ليلا وتمديده حتى الأحد المقبل . وبعد تجاوز الوقت المقرر، استمر مئات المتظاهرين من السود والبيض على السواء بالاحتجاج سلميا هاتفين "جورج فلويد، جورج فلويد" و"حياة السود تهم" (بلاك لايفز ماتر). وقالت الممرضة السوداء تازيانا غوردن البالغة من العمر 29 عاما إن حظر التجول "أداة لمنع الناس من التظاهر وليس لاعتقال الذين يرتكبون جرائم". وكتب رئيس بلدية نيويورك بيل دي بلازيو في تغريدة على تويتر "الوضع هادئ جدا"، مضيفا أن "حظر التجول مفيد بالتأكيد، لغاية الآن، وفق ما شاهدته في بروكلين ومانهاتن في الساعات الثلاث الماضية". أما في مينيابوليس، مركز حركة الغضب حيث قتل فلويد، فكان الهدوء مخيما. وقالت روكسي واشنطن، والدة ابنة جورج فلويد التي تبلغ ستة أعوام، باكية "أريد العدالة من أجله لأنه كان طيبا، مهما ظن الناس، كان شخصا طيبا". وأعلنت ولاية مينيسوتا أولى الخطوات العملية استجابةً لطلبات المحتجين مع فتح تحقيق حول شرطة مينيابوليس. وسينظر التحقيق في احتمال حصول "ممارسات تمييزية منتظمة" على مدى السنوات العشر الماضية، وفق تغريدة كتبها الحاكم تيم والتز. وفي لوس أنجليس، ركع رئيس بلدية المدينة إريك غارسيتي مع شرطيين على ركبة واحدة، في الوضعية التي ترمز منذ 2016 إلى التنديد بعنف الشرطة ضد السود، وتذكر بالشرطي الذي قتل فلويد ضاغطا بركبته على عنقه لحوالى تسع دقائق. وفي مساء امس الاول، تجمع المتظاهرون خارج مقر إقامته حيث تم توقيف نحو 200 شخص بعد رفضهم أوامر التفريق، بحسب مراسل وكالة فرانس برس. وفي واشنطن، تظاهر الآلاف وبينهم السناتورة الديموقراطية إليزابيث وارن بسلام إلى ما بعد بدء حظر التجول. وبث التلفزيون صورا اظهرت إطلاق الشرطة الغاز المسيل للدموع، لكن الوضع بدا هادئًا بشكل عام. وقالت المتظاهرة جادا والاس (18 عاما) "تعبت من الشعور بالخوف من الشرطة وعدم نيل العدالة". واستخدمت قوات الأمن الغازات المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين قرب البيت الأبيض، حتى يتمكن ترامب من التوجه مشيا إلى كنيسة عريقة قريبة من البيت الأبيض تعرضت لأعمال تخريب في اليوم السابق والتقاط صورة أمامها رافعا كتابا مقدسا، في خطوة ندد بها قادة روحيون من البروتستانت والكاثوليك باعتبارها عملية إعلانية "بغيضة أخلاقيا". وانتشرت الاضطرابات منذ أسبوع إلى أن عمت أكثر من مئة مدينة أميركية، مترافقة مع آلاف التوقيفات وعدد من القتلى. وكرم ترامب مساء الثلاثاء شرطيا سابقا قتل في موقع كانت تجري فيه أعمال نهب في سانت لويس بولاية ميزوري. وكتب ترامب على تويتر أن العاصمة الأميركية حيث تم توقيف أكثر من 300 متظاهر مساء الإثنين "كان المكان الأكثر أمانا في العالم الليل الماضي"، ماضيا في الخط الذي اعتمده منذ بداية الأزمة إذ يطرح نفسه كرئيس "النظام والقانون". ومساء الإثنين الماضي، أعلن ترامب أنه أمر بنشر "آلاف الجنود المدججين بالسلاح" والشرطيين في واشنطن لوقف "أعمال الشغب والنهب". كما دعا حكام الولايات إلى "السيطرة على الشوارع"، مهددا في حال عدم حدوث ذلك بإرسال الجيش. "خطيئة العنصرية" من جهته اعتبر البابا فرنسيس امس الأربعاء أن أي شكل من أشكال العنصرية "غير مقبول"، معلقا على مقتل جورج فلويد، منددا في الوقت نفسه بأعمال العنف خلال التظاهرات التي تلت. ودعا إلى "الصلاة لراحة نفس جورج فلويد ولكل الذين قضوا بسبب خطيئة العنصرية". كما واجهت الولايات المتحدة انتقادات غير معتادة من حلفائها، من بينهم ألمانيا وبريطانيا وأستراليا. واعتبرت إيران، من جهتها، على لسان المرشد الأعلى علي خامنئي، أن وفاة جورج فلويد كشفت عن "طبيعة أميركا" و "ما فعلته دائما مع العالم بأسره". وفي مواجهة الاحتجاجات الجارية في ظل تفشي وباء كوفيد-19 الذي زاد من حدة التباين الاجتماعي والعرقي، بقي ترامب حتى الآن صامتا حيال المشكلات التي يشكو منها المتظاهرون. وقتل الرجل البالغ من العمر 46 عاما اختناقا في 25 مايو الماضي وهو يردد "لا يمكنني التنفس" وينادي والدته، مطروحا أرضا مكبّل اليدين، وشرطي يركع على عنقه لتثبيته بركبته، فيما زملاؤه الثلاثة الآخرون يراقبون المشهد من دون أن يتدخلوا ، الا ان عمليتا تشريح أكدت أن الوفاة نتجت عن الضغط على العنق. شرطيون يدعمون الاحتجاجات وقد تفاجأ الأميركيون بانتشار صور لشرطيين ركعوا على ركبة واحدة إلى جانب المحتجين، في أكثر الاحتجاجات المدنية انتشارا في الولايات المتحدة منذ عقود، إذ إنّ رجال الأمن دعموا وضعية مناهضة للعنصرية يندّد بها الرئيس دونالد ترامب. وفيما يدفع الرئيس الجمهوري ترامب لقمع الاحتجاجات العنيفة في كثير من الأحيان على وفاة جورج فلويد، يتخذ ضباط الشرطة من نيويورك إلى لوس انجليس إلى هيوستن وضعية التضامن مع المتظاهرين الغاضبين على قتل رجل أسود غير مسلح أثناء توقيف الشرطة له. وصاح العمدة الأبيض لمدينة فلينت بولاية ميشيغن كريس سوانسون أمام مجموعة من المتظاهرين السبت الماضي"خلعت الخوذة ووضعت الهراوات. إلى أين تريدون أن نسير؟ سنسير طوال الليل". ثم ركع سوانسون على ركبة واحدة، وانطلق مع المحتجين وسط الهتافات ،وتوقف العمدة لالتقاط صورة سلفي مع متظاهر أسود مشيرا بإبهامه للأعلى. وفي دي موين في آيوا، ركعت قائدة الشرطة دانا وينغيرت على ركبة واحدة أمام حشد من المتظاهرين مع ضباط آخرين وشرحت موقفهم قائلة "ننضم إليهم (المحتجين) بطريقة رمزية هذا أقل ما يمكننا فعله". وتبنى المتظاهرون المناهضون للعنصرية في جميع أنحاء البلاد الوضعية التي اشتهر بها ظهير كرة القدم الأميركية السابق السابق كولين كايبرنيك الذي بدأ الركوع قبل عزف النشيد الوطني في العام 2016، للاحتجاج على وحشية الشرطة ضد السود والأقليات الأخرى. ونبذ اتحاد كرة القدم الأميركية كايبرنيك بسبب احتجاجه الراكع، ما جعله والرياضيين الذين احتذوا بحركته موضع ادانة المحافظين بمن فيهم الرئيس دونالد ترامب. وسجلت مشاهد مماثلة في فلوريدا وإلينوي وميسوري وجورجيا، وكذلك في العاصمة واشنطن. وتبنى سياسيون بارزون وضعية الركوع على ركبة واحدة، من المرشح الديموقراطي للرئاسة جو بايدن إلى عمدة لوس انجليس إريك غارسيتي، الذي ركع على ركبته مع مجموعة من الضباط أثناء تواجدهم مع المتظاهرين بالقرب من مجلس المدينة امس الاول. "نحن هنا معكم" شهدت الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد على مقتل فلويد في 25 مايو، ضرب الشرطة للمحتجين وإطلاق الغاز المسيّل للدموع أو الرصاص المطاطي على المتظاهرين، الذين تورطت أقلية منهم في النهب والتخريب في اوسع الاضطرابات العرقية انتشارا التي تهز الولايات المتحدة منذ عقود. وفي بعض الحالات، تبدو تصرفات الشرطة حقيقية تماما، مثل اي شخص يتضامن مع قضية مناهضة العنصرية. لكن في أحيان أخرى، أسفرت وضعية الركوع عن نزع فتيل التوتر المتزايد، ما أثار تساؤلات حول كونه مجرد تكتيك للتخفيف من تصعيد العنف. على سبيل المثال، خارج فندق "ترامب إنترناشيونال" في واشنطن مساء الاثنين، ركعت مجموعة من رجال الشرطة كانوا على مواجهة مباشرة مع المحتجين الذين لم يكفوا عن الصراخ. في لوس انجلوس أيضا، صرخ عناصر الشرطة طويلا في المتظاهرين قبل أن يركعوا واحدًا تلو آخر على ركبة واحدة فيما كان بعضهم يبتسم عند ملامستهم الأرض. وقال قائد الوحدة "تريدون منا أن نركع؟ سنركع لأننا هنا معكم". وفي العاصمة واشنطن، قال متحدث باسم الشرطة لوكالة فرانس برس إن قرار الركوع خارج فندق ترامب كان "طبيعيا في لحظتها ولم يكن أسلوبا متفقا عليه". وأفاد أيضا أنّ عناصر الشرطة "لا يواجهون إجراءات تأديبية" على سلوكهم الذي يعتبره كثيرون تحديا للسلطة. الاحتجاجات ترسم صورة زعيمين بعدما بقي جو بايدن محتجزا في منزله لأكثر من شهرين بسبب تفشي وباء كوفيد-19، منحت الاحتجاجات ضد العنصرية وعنف الشرطة ضد السود في الولايات المتحدة المرشح الديموقراطي الى البيت الأبيض فرصة لاستقطاب الأضواء مجددا بأسلوب قيادة مناقض لأسلوب الرئيس الجمهوري دونالد ترامب الذي سيواجهه في انتخابات نوفمبر. وقالت كابري كافارو المسؤولة التنفيذية في الجامعة الأميركية في واشنطن "هذه قصة نوعين من المهارات القيادية". واضافت أن "القوة في منظور هذين الرجلين مختلفة تماما". وأضافت زعيمة الأقلية الديموقراطية السابقة في مجلس الشيوخ في ولاية أوهايو "يحاول ترامب أن يضع نفسه في موقع يجعل فيه القيادة مرادفة للقوة، والمرادف للقوة في هذه الأجواء هو استخدام القوة العسكرية". وقالت كافارو إنه بالنسبة لنائب الرئيس السابق بايدن فإن "القيادة والقوة هما مرادفان أقرب للقوة الناعمة التعاون والاصغاء والمشاركة". وأوضح الأستاذ المساعد للعلوم السياسية في جامعة ستانفورد حكيم جيفرسون أنّ قضايا العرق والعدالة ستكون بارزة دائما في الحملة حتى بدون الاحتجاجات التي أثارها موت جورج فلويد، الرجل الأسود الذي قتل بيد ضابط شرطة أبيض في ولاية مينيسوتا والقمع الذي أمر به ترامب بعد ذلك. وقال جيفرسون إنّ "هذه نتيجة وجود الرئيس الحالي دونالد ترامب الذي جاء إلى السلطة لإذكاء المخاوف العرقية والتحريض والتساهل مع العنف العرقي". ووصف بايدن في أول خطاب علني كبير له منذ بدء إجراءات الإغلاق في منتصف مارس بسبب تفشي الفيروس، وفاة فلويد بأنها "دعوة إلى أمتنا لتستيقظ" واتهم ترامب بتحويل الولايات المتحدة إلى "ساحة معركة تقسّمها مشاعر الحقد القديمة ومشاعر الخوف الحديثة". وتعهد بايدن البالغ من العمر 77 عاما والذي عمل نائبا لمدة ثماني سنوات لباراك أوباما أول رئيس أسود للولايات المتحدة بمعالجة "العنصرية المؤسساتية" إذا وصل للبيت الأبيض. وقال إنّ "البلاد تصرخ من أجل القيادة (...) القيادة التي توحدنا. القيادة التي يمكن أن تجمعنا". "القانون والنظام" سارع قطب العقارات الثري ترامب بالرد على تصريحات بايدن بتغريدة عدائية. وقال الرئيس الجمهوري إنّ "الضعف لن يهزم أبداً الفوضويين والسارقين وقطّاع الطرق، وجو كان ضعيفاً سياسياً طوال حياته". وأشار إلى ضرورة تطبيق "القانون والنظام". وقالت كافارو إنّ الاحتجاجات قد يكون لها تأثير على الانتخابات أكبر من تأثير من الوباء إذ إنها توفر لبايدن فرصة لإظهار "التباين الصارخ بينه شخصيا وتجربته وقيادته وتعاطفه مع ذلك الذي رأيناه حتى الآن من دونالد ترامب". لكنها تابعت أنه من غير المرجح في نهاية المطاف الأحداث الأخيرة أن يكون لها تأثير كبير على المؤيدين المتشددين على كلا الجانبين. وقالت "القاعدة في اليسار واليمين - قاعدة ترامب والقاعدة الديموقراطية - لا أعتقد أن هناك تغييرا كبيرا". وقالت "لكن هناك الكثير من المستقلين في كل من يسار الوسط ويمين الوسط الذين يشاهدون ذلك كنقطة محورية في تاريخنا مع اجتماع جائحة وبطالة مرتفعة تاريخياً واضطرابات عرقية". قال جيفرسون من ستانفورد إنه كان من المرجح أن يدلي معظم الناخبين السود بأصواتهم لصالح بايدن فينوفمبر، إلا أنهم لا ينظرون إليه على أنه "المخلّص". وأشار إلى دعم بايدن حين كان سناتورا لمشروع قانون "صارم ضد الجريمة" في العام 1994 والذي يُنظر إليه على أنه ساهم في موجة من الاعتقال الجماعي للأميركيين الأفارقة. وتابع "أعتقد أنه يتم تذكير السود بالخيار الذي لدينا في نوفمبر - وهو إبقاء الرجل الذي يريح المؤمنين بتفوق البيض الذين يروجون للخطاب العنصري".وأضاف "أعتقد أن هذا خيار سهل لمعظم الناخبين السود". وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة واين ستيت في ولاية ميشيغان جيفري غرينافيسكي إنّ الانتخابات من المرجح أن تكون "معركة إقبال" سيحسمها الحزب القادر على حشد مزيد من الناخبين. وأشار غرينافيسكي إلى أن الأميركيين من أصل إفريقي صوتوا بأعداد أقل بكثير لهيلاري كلينتون في عام 2016 مقارنة بما فعلوا مع أوباما، والسؤال الحاسم هو ما إذا كانوا سيتوجهوا إلى صناديق الاقتراع لدعم بايدن. وتابع "أميل إلى القول أن خطاب دونالد ترامب خلال الأسبوع الماضي قد يعزز دعم السود لبايدن"، رغم أن تاريخه مع مشروع قانون الجريمة ليس في مصلحته.