«كوفيد-19» وتشارك المعرفة العلمية على المستوى العالمي

بالرغم من الآثار السلبية الهائلة التي نتجت عن جائحة كورونا في كل الكرة الأرضية، إلا أنه على الصعيد العالمي والأدوار التي تقوم بها المنظمات والجهات الدولية الاختصاصية كمنظمة الصحة العالمية، فقد برزت الحاجة إلى وجود جهة مركزية عالمية في تلقي المعلومات وتعميمها بكافة الوسائل، ومن ثم اتخاذ القرارات في كل دولة من دول العالم بالنظر إلى المستجدات العالمية، لأن تضارب البيانات والمعلومات العلمية يؤدي في نهاية الأمر إلى قرارات غير سليمة ومن ثم فوضى في الإجراءات والقرارات المتخذة على مستوى الدول وفي مجمل المسرح العالمي.

من هنا فثمة العديد من النقاط الإيجابية في هذا الجانب بالنظر إلى الجهود التي تضطلع بها منظمة الصحة العالمية وغيرها من الجهات الاختصاصية، حيث تتكامل هذه الأدوار العالمية مع الجهد الوطني في كل بلد، وحيث ينفتح الذهن الإنساني للخروج من هذه الأزمة بحزمة من المعارف والمكتسبات العلمية والمعرفية لا سيما في حقول كالطب والابتكار والاكتشافات في هذا الإطار عامة.

من هنا فقد جاءت دعوة منظمة الصحة العالمية لإطلاق منصة عالمية لتشارك البيانات وإجازات حقوق الملكية الفكرية، بما يضمن الوصول إلى أكبر عدد من الاكتشافات الطبية والتكنولوجية المنجزة في إطار مكافحة فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19»، كذلك يوحد الجهود الإنسانية بدلًا من أن يتم إنتاج الابتكار نفسه أكثر من مرة وفي أكثر من مكان.

فعندما يتكامل الجهد البشري وتكون هناك منصة دولية موحدة، فهذا سوف يساعد بلا شك في التشارك المعرفي وسرعة الوصول إلى البيانات ومن ثم العمل على الاستفادة منها وتوحيد المشروعات الابتكارية وعدم تكرارها.

ومن الملاحظ أن الوضع الراهن قد أدى إلى إنشاء معرفة جديدة بشكل عام في إطار البيانات العلمية والطبية وسرعة تداولها عالميا، وهو أمر لم يكن موجودًا سابقًا على المستوى الدولي، بالرغم من حضور هذه المنظمات والجهات التي ترعى وتهتم بهذه المسائل، وهذا سوف يفتح الطريق بلا شك لرؤى جديدة في كيفية توحيد الجهد الإنساني في علاج الأمراض ودرء الأوبئة وتكوين القواعد المشتركة لتلافي الكثير من الإشكاليات المستقبلية من وقت مبكر.

تهدف منصة منظمة الصحة العالمية إلى إنشاء «قاعدة بيانات للتكنولوجيا الطبية على صعيد اللقاحات والأدوية والتشخيصات وأي أداة أخرى، لمكافحة مرض (كوفيد-19)»، بحيث يكون متاحًا للجميع من خلال هذه المنصة تشارك المعلومات والبيانات وغيرها من الأدوات المعرفية، ما يفتح الباب لنهضة طبية وعلمية في المستقبل من خلال ما يشبه البوابة العالمية الموحدة في هذا المسار.

وإذا كان ثمة حديث يتكرر منذ عقود طويلة حول احتكار المعرفة، فالسؤال الذي سوف يطرح هنا، هل سوف ينتهي هذا الشيء؟ هل سوف نرى في عالم ما بعد كورونا، وحدة إنسانية في تشكيل معرفتنا بالمشاكل من حولنا وطرق حلها عبر كافة الوسائل والابتكارات؟ لا سيما تلك القضايا التي يتشارك فيها المجتمع البشري كله كما في هذه الجائحة العالمية.