1-1338699
1-1338699
كورونا

في زمن كورونا .. مصر تستخدم "القوة الناعمة" من خلال المساعدات الطبية

14 مايو 2020
14 مايو 2020

(أ ف ب) على أطنان من التجهيزات الطبية التي سلكت طريقها من مصر الى الولايات المتحدة، كُتبت عبارة "من الشعب المصري الى الشعب الأمريكي"، في مبادرة شملت أيضا دولا أخرى صديقة وتعكس إرادة مصر في استخدام "القوة الناعمة" لتعزيز علاقاتها الدولية في زمن فيروس كورونا المستجد.

وفيما يقترب عدد ضحايا الجائحة في العالم من 300 الف، أرسل الرئيس عبد الفتاح السيسي مساعدات طبية الى الولايات المتحدة وبريطانيا والصين وإيطاليا والسودان، لكن هذه المبادرات الكريمة لم تنجح في إقناع جميع المصريين الذين يعيشون في جزء كبير منهم أوضاعا اقتصادية صعبة.

وقامت وزيرة الصحة المصرية هالة زايد في أبريل بزيارة الى إيطاليا، إحدى أبرز بؤر الوباء في أوروبا، لتسلّم بنفسها المساعدات المصرية من أقنعة واقية وقفازات الى وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، وتعرضت الوزيرة بعد هذه الزيارة لعاصفة من الانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي، وعبّر المدوّنون عن استغرابهم لتقديم هذه المساعدات في وقت لم يكن المصريون يجدون أقنعة أو قفازات في الصيدليات.

ويوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة برمنغهام جيراسيموس تسوراباس لفرانس برس أن "دبلوماسية الصحة هي إحدى الاستراتيجيات التي لجأت اليها دول الجنوب الطامحة الى دور كبير على الساحة الدولية". وبحسب تسوراباس، تميل مصر الى إعطاء "الأولوية للسياسة الخارجية على السياسة الداخلية". ويعتقد مع ذلك أن هذه الاستراتيجية "لن تصل الى مداها" بسبب الاحتياجات المتنامية للبلاد من الأدوات الطبية اللازمة لحماية المواطنين.

وتخطت مصر، البلد الأكبر ديموغرافيا في العالم العربي والتي يقطنها 100 مليون نسمة حاجز العشرة آلاف إصابة وبلغ عدد الوفيات فيها نتيجة الفيروس قرابة 600، وفق الأرقام الرسمية. وفي خطوة مثيرة للدهشة، قامت مصر التي تتلقى مساعدات أمريكية سنوية قيمتها 1,3 مليار دولار، بإرسال طائرة محمّلة بأطنان من التجهيزات الطبية الشهر الماضي الى الولايات المتحدة. ويرى الخبير في الشؤون المصرية يزيد صايغ من مركز كارنيغي الشرق الأوسط ببيروت أن هذه المبادرات تندرج في إطار "حملات العلاقات العامة والدعاية الشكلية" من جانب حكومة السيسي.

ويعتقد صايغ أن الهدف من هذه المبادرات هو إظهار قدرات النظام المصري ومحاولة كسب تقديره. ويقول "بوضوح، هذا النوع من الأنشطة لن يكون له تأثير دائم على صورة الحكومة المصرية في الخارج"، مضيفا "ما يمكن أن يكون مؤثرا هو إدارة ناجحة لأزمة كوفيد-19 وإعادة الاقتصاد للوقوف على قدميه مرة أخرى". ويمكن وضع مبادرة المساعدات المقدمة الى الولايات المتحدة في سياق العلاقات التي أقامها السيسي خلال السنوات الأخيرة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومع الزعيم الصيني كسي جينبينغ. ووفق أستاذة العلوم السياسية في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن ريم أبو الفضل، فإن مبادرة السيسي تهدف الى إبهار المصريين.

ويرى المحللون الذين تحدثت إليهم فرانس برس أن موقف مصر من الجدل الدائر حول سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على النيل يفسّر جزئيا الحملة الدبلوماسية المصرية الأخيرة. فبعد تسع سنوات من المفاوضات، لم يتم التوصل الى أي اتفاق بين مصر التي تخشى من أن يحدّ السد البالغ طوله 145 مترا من نصيبها من مياه النهر، وبين إثيوبيا التي تتطلع الى التنمية.

لجأت أديس أبابا الى شركات إيطالية وصينية للمشاركة في تشييد السد، في حين اتجهت مصر الى إدارة ترامب لتفعيل المفاوضات مع إثيوبيا والسودان المعنية كذلك بمياه النيل. وتعتقد ريم أبو الفضل أن دبلوماسية الرئيس السيسي لم تقنع المصريين الذين يواجهون الآن جائحة كورونا. وتقول "المصريون يعرفون تماما أن هناك نقصا في الاستثمارات في الصحة العامة وفي مجالات أخرى في ظل الإدارة الحالية".