oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

متغيرات وتحولات تتطلب إعادة تشكيل بنى التفكير

13 مايو 2020
13 مايو 2020

من المدرك أن الظروف الراهنة التي تمر بها كل دول العالم ومنها السلطنة، تؤثر على البنى الاقتصادية والإنتاجية وحركة الاقتصاد بشكل عام، حيث إن التصورات والاستراتيجيات والموازنات الموضوعة في مرحلة ما قبل الأزمة الحالية جراء فيروس كورونا «كوفيد-19» تتأثر الآن بشكل واضح وكبير للكل وتتغير عما كان متصورًا من قبل، ما يشير إلى ضرورة التكيف مع جملة المتغيرات والمستجدات في بنى الحياة بما يساهم في تجاوز التحديات إلى أن تصبح الأمور أكثر وضوحًا، ومن ثم فإن التصور للمرحلة المقبلة قد يشهد إعادة تعريف وتقييم لكثير من الأمور والمقتضيات وفق الظروف المرحلية الآنية انتقالًا إلى لحظة السكون والاستقرار النسبي وصولًا إلى نقطة الاستقرار الكلي في القطاعات المختلفة من الحياة الإنسانية.

عمليًا فنحن في وضع يشبه ظروفًا عالمية كالكساد العالمي الكبير قبل قرابة حوالي قرن، أو الحروب العالمية الكبيرة، لكن طبيعة المعركة هذه المرة مختلفة، فهي بين هذا الفيروس المجهري والبشر، وليس بين الناس أنفسهم، حتى لو كانوا موجودين في عمق هذه المعركة. كما أنه في هذه الظروف من الصعب وضع أي نوع من التكهنات بخصوص الخطوات المقبلة، فمنذ أقل من شهرين شهدنا تسارعًا في الخطوات والإجراءات والقرارات الاحترازية في كافة دول العالم بشكل لم يكن لأحد أن يتصوره قبل بداية الوضع الوبائي، كما أن الأرقام والبيانات تتحرك بشكل يصعب التنبؤ به.

جملة هذا الوضع وكلياته تعني أن على المجتمعات البشرية بشكل عام، أن تعمل على إعادة تشكيل بنى التفكير والرؤى من أجل التكيف مع الأوضاع الراهنة ومن ثم تلمس الأمل في المستقبل بأن تكون ثمة ظروف أفضل، وذلك من خلال تقييم التجربة والخروج منها بأقل الخسائر ومن ثم الاستفادة من النواحي الإيجابية.

لكن في كل الأحوال يظل الأثر عن ما يجري حاليًا واضحًا وجليًا، ويثبت أو يرسل رسالة لكل العالم والبشر أن التغيير والتحولات في التاريخ قد تحدث في ظروف وجيزة وليس بالضرورة في أوقات طويلة المدى، كما أنه حتى عادات الناس وما تعودوه لسنين طويلة يمكن التأثير عليه في شكل وجيز، كما يلفت ذلك الانتباه إلى قوة القانون والتشريعات ودور كل ذلك في سيادة العدالة والحفاظ على المجتمعات.

إن الإجراءات التي تصدر من الجهات المختصة فيما يتعلق سواء بالمسائل التنظيمية أو الوقائية أو الجوانب المالية أو إدارة الإنتاج وغيرها، تتطلب بالفعل أن يعمل الجميع على تقبلها وتنفيذها وفق المراعاة العامة لمجمل الوضع الذي سيكون عابرًا بإذن الله، في ظل تكاتف الجميع وتشاركية أفراد المجتمع في سبيل الوصول إلى وضعية أحسن من خلال تجاوز الأزمة الراهنة بالتحدي والصبر والتعاضد والإيمان بأن الوصول إلى الأهداف يتطلب المزيد من التضحيات والانتباه إلى أنه في تجارب الأمم والشعوب دائمًا ما نحتاج إلى التحلي بروح الثقة بالذات والتضحية والانتباه إلى أن التنمية والبناء والمستقبل الأفضل رهين بتلك الإرادة الجماعية والتعاون بين الجميع.