الأمن الغذائي.. الاستفادة من تجربة «الأزمة»

يعد الأمن الغذائي من الأولويات في أي بلد كان، حيث تحاول أي دولة أن تضع الخطط المناسبة التي تعمل على معالجة هذا الجانب، وتتفاوت قدرات البلدان بحسب الإمكانيات الطبيعية والمادية وغيرها من العوامل، وهذا كله معروف تقريبًا، بيد أن الجديد في الأمر يتعلق بالظروف الراهنة التي يمر بها العالم مع جائحة كورونا «كوفيد 19» التي فتحت التساؤلات حول آليات الأمن الغذائي والقدرات في مختلف بلدان ودول العالم، وهنا أمامنا كثير من الاستفهامات التي ربما لم تكن مطروحة من قبل، أو لم تكن لتطرح لولا الظرف العالمي الراهن.

لقد بنت السلطنة منذ عقود مبكرة العديد من الاستراتيجيات والخطط المستقبلية المتعلقة بفكر الغذاء، وكيف يمكن التحوط لكافة الاعتبارات والظروف، وذلك بالنظر إلى الموارد والمدخول والإمكانيات المتاحة، وغيرها من العوامل في هذا الجانب، لكننا اليوم مع جائحة كورونا اختبرنا العديد من الأمور التي أدت لنتائج إيجابية في اختبار قدرات الذات والتعامل مع الأزمة، وكيفية ابتكار حلول جديدة، أو ربما لم تكن محل تجريب في الماضي.

سواء تعلق الأمر بالمنتج المحلي ودعمه في هذا الإطار أو تشجيع الاستثمارات بشكل عام، في كل ما يقود إلى الأمن الغذائي على المستوى المحلي، أو يدعم مسائل الاستيراد بطرق غير تقليدية، وغيرها من الحلول فإن المطلوب الاستفادة من مجمل التجربة بعد انتهاء هذه الأزمة، ومن ثم العمل على تقييم كافة التحديات والحلول التي تمت إزائها، بحيث يمكن أن نخرج من كل ذلك المشهد بإمكانية دعم الأمن الغذائي بشكل ابتكاري أو يقترب من الحلول غير المنظورة في الماضي القريب.

وربما هذه هي طبيعة مثل هذه الأزمات والظروف التي تتيح للإنسان أن يرى المسائل من زوايا مختلفة وجديدة.

بالطبع هناك العديد من المسارات التي يمكن الحديث عنها في قضايا الأمن الغذائي، وهي متداخلة ومتعددة، وتتشارك فيها قطاعات وأطراف عديدة، لكن في نهاية الأمر فإن جملة الموضوع يتعلق بطبيعة التفكير وكيفية إحداث نقلة في الرؤى بالنظر إلى تراكم خبرة سريعة في هذه الظروف، إذ كشفت هذه الأوقات العصيبة أن ثمة دروسًا يمكن استلهامها في وقت وجيز، قياسًا للأوقات التقليدية طويلة الأمد.

على سبيل المثال يمكن التفكير في كيفية تنمية قطاعات محلية في صناعات معينة، بحيث تطرح المسائل المتعلقة بكيفية إنجاز ذلك.. وما الوسائل الممكنة لتحقيق هذه الأهداف؟ ومن جهة ثانية ما التحديات التي سوف تجابه ذلك؟

كذلك فإن تشجيع المستثمرين لاسيما من أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أو قيام شراكات ذكية في هذا الإطار بعيدًا عن النظرة التقليدية للعمل الانفرادي، كل ذلك قد يقود ريادة الأعمال إلى أداء أدوار جديدة في قضايا الأمن الغذائي بعيدا عن الفائدة المنفردة واللحظية، وغيرها من الأفكار التي تحتاج إلى مزيد من العصف الذهني والتشارك في وضع الأفكار من خلال مجموعة من الفاعلين والجهات ذات الصلة بهذه المجالات، بما يؤدي إلى استشراف الآفاق الأفضل في المستقبل.