salim
salim
أعمدة

نوافذ :معضلة غياب الوعي

11 مايو 2020
11 مايو 2020

سالم بن حمد الجهوري -

[email protected] -

أصابنا المؤشر الإحصائي لمجموع الإصابات بفيروس كورونا في السلطنة اليومين الماضيين بالإحباط والصدمة لتسجيله ١٧٥و174 إصابة موزعة بين محافظات السلطنة لعل جلها لمحافظة مسقط تركزت بولاية مطرح.

هذا الرقم ناتج عن خلل في التزام العامة بالتعليمات التي تصدر من اللجنة العليا، وهذا الخلل سيكلفنا اقتصاديا الكثير من الوقت والجهد وسوف يضعنا في موقف صعب، والصعب هنا يعني أن الدولة لن تستطيع أن تعيد الحركة الاقتصادية ، كما كان مخططًا لها عبر التدرج المرحلي الذي كان يستهدف وقتا معينا للعودة إلى الشبه الطبيعي حتى لا تعاني البلد من التوقف التام والشلل الاقتصادي الذي أصاب كل بيت في أهم قطاعاتها الحيوية الذي يمثل دخل الأفراد وتأمين احتياجاتهم المالية.. ولأنه توجد فئة من المواطنين والمقيمين من أفراد المجتمع غير قادرة على استيعاب ما يحدث داخل الوطن وفي العالم ضاربة عرض الحائط كل ما اتخذ من إجراءات.. تارة نجدهم في تجمعات أمام المطاعم بالعشرات وأخرى أقلقت راحة الناس باستعراضات للسيارات ليلا حتى طلوع الفجر، وآخرين على مجموعات من الدراجات الهوائية، وثانية في جلسات عزب البوش، والإصرار على التجمع العائلي وبعضهم يتخذون الجبال موائد لهم، وخياطين مندسين في أحد المنازل، وشلة يلعبون الورق على أسطح أحد البيوت وشباب الكيرم ومجموعة السدرة والقائمة تطول..

ماذا يمكن أن نفعل بهذه الفئات التي لا يحبذ حتى تواجدهم في السجون في هذه الأوقات؟ كيف يمكن أن تفهم هذه المجموعة أن هناك خطرا صحيا في العالم اسمه فيروس كورونا؟.

في المقابل هناك الأغلبية الملتزمة قدر المستطاع بعدم الخروج من البيت، وهي بذلك تساهم في دعم الجهود، لكن الإشكالية أن هذه القلة المنفلتة من الناس بتلك التصرفات يمكنها أن تدمر صحة الغالبية الملتزمة في البيت، وهنا المعادلة الأصعب، كيف للقليلة هذه أن تؤثر على الكثيرة!؛ لأن الوباء ينتشر بسرعة فائقة؟ ولأنه يستطيع التنقل باللمس والعطس وعبر الأسطح!

لم يبق إلا اللجوء إلى الحل قبل الأخير، وهو فرض العزل على الولايات التي تتزايد فيها الإصابات وتشديد الدوريات على الأحياء التي لا تلتزم كمرحلة قبل الأخيرة؛

لان الدولة في النهاية سوف تلجأ إلى تلك الإجراءات عندما يتضاعف الخطر، وهو العزل الجماعي التام للمحافظات ومنع تنقل الناس بينها، كما بدأت دولة الكويت الشقيقة فعليا اعتبارًا من الأحد الماضي.

لأن الاستهتار الذي مارسه البعض وعدم الاكتراث بالالتزام بلغ مداه، وكانت له عواقب وخيمة نشاهدها في ارتفاع حالات الوفيات والإصابات التي قفزت فوق التوقعات خلال أسبوعين فقط ، وإذا بقيت تلك الفئة مستمرة في ممارستها اليومية دون رادع فأن الوضع سيقترب من الخطر وسيفشل كل الجهود التي تعاضدت في الفترة الماضية للتقليل من الجائحة الكونية..

العديد من الدول التي منها إيطاليا التي لم تسجل أي وفاة تقريبًا لليوم السابع على التوالي حسب المؤشرات الصادرة، بعد أن بلغت وفياتها الألف وفاة يوميًا في ذروة الأزمة، بدأت تتجاوز محنتها التي لم تتعرض لها منذ الحرب العالمية الثانية، رغم تأخرها في الإجراءات؛ لأن الجميع أدرك أهمية الالتزام بالتعليمات ولأن الجميع اعتبر نفسه في سفينة واحد، إما الغرق ويهلك الجميع أو النجاة للجميع.

المنحنى لدينا أقرب إلى التسطيح مع ارتفاع غير طبيعي اليومين الماضيين ، والتسطيح لا يعني التراجع، إنما الاستقرار في عدد الإصابات، أي أن كانت أعدادها كبيرة أو صغيرة، قبل البدء في نزول المؤشر.

ولأن أرقام الأيام الماضية كانت متقاربة وغير تصاعدية، كنا قد اقتربنا من حالة التسطيح، بعد أن كان المؤشر في حالة تصاعدية في الأسابيع الأولى..

لكن إذا استمرت حالة التزايد هذه فإن المؤشر سيعاود التصاعد العمودي مرة أخرى ، وهذا يعني عدم القدرة على السيطرة ، وهنا تكمن المشكلة التي تغذيها تصرفات الفئة التي لم نستطع ضبطها بعد في الالتزام بالتعليمات.. ولم نستطع إقناعها أن الموت يتربص بها.