٥٥٥٥٥٥
٥٥٥٥٥٥
آخر الأخبار

دراسة علمية تؤكد تدني الإنتاجية الرعوية في محمية جبل سمحان إلى أكثر من 85%

11 مايو 2020
11 مايو 2020

تسجيل 6 أنواع نباتية من واقع 19 نوعًا

أهمية تسوير المداخل الرئيسية للمحمية للحد من تدفق المواشي داخلها

ضرورة تفعيل قانون المراعي وإدارة الثروة الحيوانية لتنظيم عملية الرعي في المحمية

منظر لجبل سمحان[/caption]

كتبت - مُزنة بنت خميس الفهدية

تتعرّض محمية جبل سمحان الطبيعية للعديد من الضغوط البشرية كالرعي الجائر، والاستغلال المفرط لأشجار اللبان، بالإضافة إلى الضغوط الطبيعية التي تمثلت في تغيّر المناخ وتعرّض المحمية لتأثير العواصف الاستوائية، وتمّ إعداد دراسة حول التقييم البيئي المتكامل للموارد الرعوية في محمية جبل سمحان بسلطنة عُمان.

وأوضحت قياسات الغطاء النباتي العشبي داخل المحمية وخارجها قلة الإنتاجية الرعوية بأكثر من 50% في غرب المحمية عنها في المناطق المسيّجة عن الرعي منذ 18 سنة، كما سُجلت 6 أنواع نباتية داخل المحمية من واقع 19 نوعًا سُجل وجودها في مواقع الدراسة الخمسة، وازداد التدهور في جنوب المحمية حيث تدنت الإنتاجية الرعوية إلى أكثر من 85% مقارنةً بالمناطق المسيّجة، حيث سُجل وجود نوعين نباتيين فقطن على الرغم من تعدد التشريعات الخاصة بحماية الغطاء النباتي، والمحافظة على التنوّع البيولوجي في السلطنة، إلا أنها لم تحد من تدهور الغطاء النباتي العشبي، ويعد سيناريو الاستدامة الذي وُضع وفق منهجية بناء السيناريوهات في التقييم البيئي المتكامل هو السيناريو الوحيد الذي يمكن من خلاله الحفاظ على استدامة النُظم البيئية في محمية جبل سمحان.

وأوصت الدراسة بناء قاعدة بيانات خاصة بالسكان وتجمعاتهم السكانية الثابتة والمؤقتة الواقعة داخل المحمية أو على تخومها بحيث يشمل الحصر عدد السكان، وقطعانهم، وموارد الدخل، والصناعات الحرفية القائمة على الخدمات البيئية التي تقدمها المحمية، وتفعيل قانون المراعي وإدارة الثروة الحيوانية لتنظيم عملية الرعي في المحمية، وتسوير المداخل الرئيسية للمحمية وخاصة الواقعة في الجانب الشرقي والغربي للحد من تدفق المواشي إلى داخل المحمية من أجل الحفاظ على الغطاء النباتي، وتفعيل الرقابة البيئية، وإنشاء عدد من المسورات الرعوية خارج المحمية وداخلها بهدف دراسة التغيّرات التي تطرأ على الغطاء النباتي، بالإضافة إلى تشجيع وتمويل الأبحاث والدراسات العلمية في المحمية.

السيناريوهات المستقبلية

محمية جبل سمحان[/caption]

سيناريو الوضع الراهن: دعم وتنمية الثروة الحيوانية من خلال توفر الخدمات البيطرية، وتأمين مصادر المياه، وقيام الجهات المختصة في الحكومة بشراء المواشي بأسعار جيّدة على هيئة مشروعات غير مستمرة تهدف للتقليل من أعداد المواشي من أجل حماية الموارد الطبيعية، هذا التوجه دفع السكان المحليين للاحتفاظ بقطعانهم وزيادة أعدادها في المناطق المحيطة بالمحمية على حساب الموارد الرعوية مما ساهم في تدهورها بشكل مطرد خلال الـ20 سنة الماضية، وفي الوقت نفسه يتوقع ازدياد الطلب على المياه نتيجة للمعدلات السريعة للنمو السكاني، والتوسع الكبير للأنشطة الاقتصادية في ظل محدودية الموارد المائية المتجددة في المحمية والمتمثلة في عدد من العيون والينابيع التي يتنافس عليها رعاة المواشي، وجامعي اللبان، والأحياء الفطرية في الوقت الراهن، ويزداد الوضع تفاقمًا بآثار تغيّر المناخ وما هو متوقع من انخفاض في هطول الأمطار وزيادة معدلات الجفاف، وبالتالي قلة موارد المياه المتاحة، وازدياد التنافس عليها بين مختلف القطاعات الأمر الذي سيقلل من فرص حصول الأحياء الفطرية على المياه الكافية، وكذلك تواصل تدهور الموائل والنُظم البيئية بفعل زيادة الضغوط البشرية التي تُمارس على الموارد الطبيعية في المحمية، وسيدفع ذلك للتوجه مستقبلًا نحو الاعتماد على محطات تحلية المياه وما يصاحبها من مشكلات بيئية كتلوث الهواء، والبيئة البحرية مع استمرار استعمال الوقود الأُحفوري كمصدر أساسي لإنتاج الطاقة، وهو ما يعني استقرار أكثر للسكان وتهيئة البنية الأساسية لأعداد أكبر من السكان والمشروعات السياحية، وبالتالي ضغوط أكبر على الموارد الطبيعية، وفشل في الأهداف التي أُنشئت من أجلها محمية جبل سمحان.

سيناريو الاستدامة

المسح الميداني للبان في الوديان الجنوبية[/caption]

إن التوجه لتنمية رأس المال البشري في المناطق المجاورة للمحمية من خلال تأهيل وتدريب وتوعية السكان المحليين يساهم في زيادة مداركهم وإكسابهم خبرات جديدة تقلل من اعتمادهم على المواد الأولية كالموارد الرعوية، كما أن التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى للحفاظ على التنوّع البيولوجي، وتشجيع البحث العلمي، وتمكين القوانين والتشريعات البيئية وإعطائها الأولوية سوف يساعد متخذ القرار على المضي قدمًا في تنفيذ السياسات البيئية المرسومة لاستدامة الموارد في محمية جبل سمحان.

وفي ظل زيادة المشاركة الشعبية في صنع واتخاذ القرارات ورسم السياسات ستقوم الحكومة بتوفير الخدمات الأساسية في النيابات والقرى مما يقلل من تدفق نزوح السكان من تلك القرى للمدن الساحلية وهذا سيحد من النمو العشوائي في تلك المناطق وبالتالي التقليل من نسب التلوث ويحافظ على التنوّع البيولوجي.

إن سياسات إعادة تأهيل المناطق المتضررة بالتصحّر عن طريق إراحتها من الرعي واستزراع المزيد من المساحات في المحمية بأشجار اللبان سيعطي بُعدًا آخر لاستدامة الموارد الطبيعية، حيث سيتم وضع خطة طموحة لتنظيم عملية جمع اللبان مما يرفع الإنتاجية في ظل ازدهار ملحوظ في عدد الأشجار وهذا يصب في تحسين مستوى الدخل للسكان المحليين، واعتماد المحمية على تمويل نفسها، كل ذلك يُعطي أملاً جديدًا لازدهار المحمية والمحافظة على مواردها الطبيعية خلال الـ20 سنة القادمة.

الجدير بالذكر أنه نفذ الدراسة كل من علي سالم بن مسلم بيت سعيد، ومحمد بن سليمان عبيدو، وأسماء بنت علي أباحسين، وهشام عبدالمنصف محمد، من برنامج علوم الصحراء والأراضي القاحلة بكلية الدراسات العليا بجامعة الخليج العربي، وذلك حسب ما ذكر في العدد اثنين وخمسين من مجلة الوشق وهي نشرة شهرية يصدرها المركز الوطني للبحث الميداني في مجال حفظ البيئة.