oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

الظروف الراهنة وإعادة تشكيل الفكر الاقتصادي

10 مايو 2020
10 مايو 2020

تطرح الظروف الراهنة التي يمر بها العالم أجمع من جائحة كورونا، إعادة التفكير في الكثير من المفاهيم والبنى الاقتصادية الكلاسيكية التي ظلت الدول تحافظ عليها لسنوات طويلة، ربما لأن طبيعة الأزمة والاختبار وضعت الناس أمام التجربة والتحدي، ما يعني بشكل أو بآخر استخراج العديد من الأفكار التي لم تكن لتطرح من قبل لولا ما يجري الآن، وهذه هي طبيعة الأزمات بقدر ما تكون سيئة وقاسية في راهنها إلا أنها تفتح الباب أمام الابتكار والمواجهة والقدرة على توليد الفكر الجديد وربما غير المسبوق، وهذا كله موجود في سجل التاريخ الإنساني عبر قرونه المتعاقبة، حيث أن الإنسانية تتعلم من وراء كل جائحة أو كارثة أو عقبة تعتريها لتخرج أكثر صمودا وقدرة على التماسك والتعايش مع واقع جديد.

ربما أن الأمر لا يتعلق بالاقتصاد وحده فحسب، لأن موضوع الاقتصاديات في نهاية الأمر هو جزء من منظومة فكرية شاملة أو كلية لكل الأفكار والتصورات البشرية حول قضايا الحياة بشكل عام، فالاقتصاد هو انعكاس للخيال الإنساني ورحلة الكائن البشري مع المعاش وكفاحه لأجل بناء الأفضل، حتى لو أن النتائج النهائية تنعكس في شكل أرقام وبيانات ومن ثم منافع على حياة الناس، تتجلى في وضعهم المباشر وتكييف المعاش والقدرة على الاستمرار في العطاء الإنساني والتنمية الشاملة في كافة مناحي الحياة.

بالنسبة لنا في السلطنة ومن خلال هذه الأفكار والمفاهيم وطبيعة الوضع الراهن، فنحن مطالبون بالفعل بإعادة التفكير في الكثير من المقتضيات وطبيعة التأسيسات التي تقوم عليها المسائل الاقتصادية وفكر الاقتصاد بشكل عام، وإذا كان من الصحيح أن بعض القضايا مطروحة من ذي قبل فإنه قد آن الأوان اليوم لتسريعها، على سبيل مسألة التنويع الاقتصادي والخروج من الاعتماد الكلي على النفط كمصدر أساسي للدخل الوطني، كذلك قضية تشجيع قيم الابتكار والذكاء الاصطناعي وكل القيم المتعلقة بهذه الجوانب، التي يجب أن يتم دعمها لصالح اقتصاد جديد ما بعد انتهاء هذه الجائحة بإذن الله.

ومن المهم النظر في هذا الإطار إلى أن مشروعنا الوطني في الرؤية المستقبلية «عُمان 2040»، يأخذ بعين الاعتبار بناء مجتمع الابتكار، بأن يضع السلطنة في صدارة الدول عالميا في هذا المجال بأن تحتل مكانة متقدمة ضمن العشرين الأوائل، أيضا ينظر إلى مسألة التنويع الاقتصادي والمصادر المختلفة للدخل الوطني، وربما في هذه الظروف الراهنة ما يشكل لنا الاستلهام بما يحقق الفائدة الإيجابية في المستقبل في إعادة التفكير في العديد من قضايا الفكر الاقتصادي وبناء مناظيم أكثر حداثة تتقاطع مع متطلبات ما بعد كورونا.

إن النظر إلى مجمل التصورات والمقترحات في إطار ربط كل ذلك بالوضع الراهن، ومن خلال تجربة متراكمة عبر عقود طويلة، كل ذلك سوف يساهم عبر التفكير الجديد والخبرات والعمل الجاد على رؤى أفضل للغد بإذن الله، بما يساهم في دفع مسيرة الخير والنماء، لوطننا الحبيب.