Untitled-1
Untitled-1
روضة الصائم

الإسراف مظهر من مظاهر الترف كونه يُنفق المال دون ضرورة الله تعالى أمر بالقصد في الأمور كلها تهذيبا وتربية لنفس الإنسان

30 أبريل 2020
30 أبريل 2020

ينتج عنه حرمان لمستحقيه -

أجرى اللقاءات: سيف بن سالم الفضيلي -

أكد عدد من المواطنين على أن الإسراف مظهراً من مظاهر الترف بحيث ينفق المال دون ضرورة ينتج عنه حرمان لمستحقيه.. جاء ذلك في استطلاع أجراه (روضة الصائم) حول ظاهرة الإسراف والتبذير.

وأوضحوا أن الله تعالى أمر بالقصد في الأمور كلها تهذيبا وتربية لنفس الإنسان بحيث لا يسمح لنفسه بإهدار الأموال والأوقات في ما لا يعود بالنفع له ولمجتمعه ووطنه.

وأشاروا إلى أن بعض الأسر تجتهد في شراء الطعام والشراب في هذا الشهر بكميات هائلة دون الحاجة الحقيقية لذلك وإنما تبذيرا وإسرافا، داعين إلى أن يكون المسلم معتدلا ولا يسرف ويأخذ قدر حاجته.

وناشدوا الموسرين والمقتدرين من أبناء المجتمع إلى تخصيص جزء من الأموال للتبرع بها للصناديق الخيرية بالولايات لتوزيعها على المتضررين من جائحة «كورونا» وهو ما يعني نضج المجتمع وتفاعله مع ما يحدث في مجتمعه تفاعلا إيجابيا لتحقيق التكافل الاجتماعي المؤدي إلى الأمن الاجتماعي الذي تنشده كافة المجتمعات المتحضرة.. والى ما جاء في الجزء الأول من الاستطلاع.

بداية يؤكد خالد بن خميس المويتي الإسراف والتبذير وجهان لعملة واحدة فكل مسرف مبذر وكل مبذر مسرف وفي المحصلة كلاهما داخلان في بغض الله تعالى بنص كتابه نسأل الله السلامة والعافية قال تعالى: (وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) ويقول سبحانه : (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ)، وللإسراف معانٍ متعددة منها: تجاوز الحد في كلِّ فعل يفعله الإنسان ولكن يربط دائما في الإنفاق، وقيل هو: إنفاق المال الكثير في الغرض الخسيس، ويعرف اصطلاحا: بصرف الشيء فيما لا ينبغي زائدا على ما ينبغي.

ويضيف: ويعد الإسراف مظهراً من مظاهر الترف بحيث ينفق المال دون ضرورة مما ينتج عنه حرمان لمستحقيه فيشتهر بين الناس الحرمان والحنق والحقد وقد يدفع للإجرام طلبا للمال.

وعند التأمل في قول الله تعالى: (وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) ، وقوله عز وجل: (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) يتبين أن الإسلام ينظر لمال كل فرد أنه مال للأمة، وهو في الأصل مال الله أعطاه للإنسان وديعة لينفقه على نفسه وعلى مجتمعه وفي وجوه الخير المختلفة، بل أشد من ذلك فيعتبر الإسلام إسراف الغني وتبذيره للمال وإضاعته فيما لا طائل من ورائه اعتداء على الأمة بأسرها؛ فالمال عصب الحياة ومصدر قوة الأمة.

لذا فإن الإسلام ينهى عن الإسراف والتبذير فقال تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال)، وتوجد كلمة رائعة جدا لسيدنا ابن عباس رضي الله عنهما يقول فيها: «من أنفق درهما في غير حقه فهو سرف».

ويشير: وللمصداقية أقول أن الإسراف والتبذير شمل جميع طبقات المجتمع خصوصا في شهر رمضان المبارك، ولا أبالغ إن قلت أن بعض الأسر تجتهد في شراء الطعام والشراب في هذا الشهر الفضيل بكميات هائلة، وتنشغل في إعداد الموائد لساعات طوال، ولا يؤكل من ذلك إلا الشيء اليسير ثم تزدحم مكبات القمامة بالفائض من هذا الطعام، ويرزح تحت خط الفقر ومن لا يجد من يسد به رمقه آلاف المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وقد جاء النهي الصريح في كتاب الله تعالى عن مثل ذلك قال تعالى: (كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)، ويشمل ذلك الإسراف في الملابس والمراكب والأثاث وغيرها محرمٌ كما قال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) ، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ).

الكرم وفق ما يقبله الدين

ويقول: وقد يعذر البعض نفسه أنه يكثر من هذه الأطعمة بنية الكرم وشتان بن الإسراف والكرم رغم أنَّ كلاً منهما عطاء، لكن الكرم يكون وفق ما يقبله الدين مثل: إكرام الضيف، إطعام الفقير، وأما الإسراف فهو قرين الكبر بحيث يظنُّ المسرف أنَّ له فضلاً بإسرافه، فيُصيبه الكبر والبطر، والإسراف كما يكون من الغنيِّ، فقد يكون من الفقير أيضاً؛ لأنَّ الإسراف في هذه الحالة أمر نسبيٌّ.

ولخصوصية شهر رمضان أقول: إن الاقتصاد والاقتصار على الطعام اليسير والشعور بالجوع حال الصيام من الرسائل الربانية وفيها تذكير للمرء أن جوعه لوقت يسير وسيأتي بعده لذيذ الطعام لكن عليه أن يتذكر إخوانه الفقراء الذين يجوعون لأوقات طويلة ولا وقت معهود لوجود الطعام هذا يدفعه لعدم التبذير والإسراف ودعم أخوانه الفقراء بحقوقهم عليه من مال الله والله مع المحسنين.

أخيرا التوسعُ في النفقات من طبيعة البشر، والمبالغة في الاستهلاك، وقد صرح القرآن بأن من طبيعة الإنسان السرف عند السعة في المال، قال الله تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى* أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى} وقال سبحانه: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء}، ولتهذيب الإنسان وتربيته أمر الله تعالى بالقصد في الأمور كلها بحيث لا يسمح لنفسه بإهدار الأموال والأوقات فيما لا يعود بالنفع له ولمجتمعه ووطنه.

الاعتدال صفة المؤمن

أما محمد بن راشد الراسبي فيقول: الإسراف والتبذير بالمأكل والمشرب لا يجوز  يقول عز وجل (كلوا واشربوا ولا تسرفوا) ويقول سبحانه (ولا تبذر تبذيرا) فالواجب على المسلم أن يكون معتدلا ولا يسرف ويأخذ قدر حاجته وفي شهر رمضان المبارك تكثر ظاهرة الإسراف في إعداد الطعام وهي ضد مقاصد الصوم من الأساس وفي هذه الأيام نعيش ويعيش العالم باسره مرض الكورونا ونتيجة لذلك تعطل الاقتصاد وأقفلت الأسواق وتضررت شريحة من الناس وخصوصا من يعتمدون على اليومية كمصدر لرزقهم لذا وجب علينا تخصيص جزء من أموالنا كصدقات وزكوات والتبرع بها للصناديق الخيرية بالولايات ليتم توزيعها للمتضررين من توقف أعمالهم ومصدر رزقهم لسد احتياجاتهم ولإظهار قيمة التكاتف المجتمعي وختاما نسال الله أن يرفع هذه الجائحة وتعود الناس لأعمالهم وحياتهم الطبيعية.

التوسيع على الفقراء

ويقول راشد بن جمعة الراسبي: الله سبحانه وتعالى ذم الإسراف والمسرفين والمؤمن وسط لا إفراط ولا تفريط فإذا وسع الله عز وجل على بعض الناس فهذا شي جميل أن يكونوا من أهل الكرم إذا وزعت ما تبقى من هذا الطعام الى الفقراء والمساكين ولم ترمي منه حبه أرز واحدة في سلة القمامة والمهملات أما إذا رمي ما تبقى من هذا الطعام بكميات هائلة كما نرى ونشاهد كثيرا من الناس وبالأخص في شهر رمضان فهذا هو الإسراف والتبذير المحرم في شرع الله تبارك وتعالى، وشهر رمضان شهر العبادة والطاعة لا للأكل والشرب والإسراف.