oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

رمضـان فـي ظـروف اسـتثنائـية

25 أبريل 2020
25 أبريل 2020

يأتي الشهر الفضيل هذه المرة، رمضان المبارك، في ظروف استثنائية غير مسبوقة، بسبب جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) التي تعم بلدان العالم، ما يجعلنا أمام وضع غير معتاد بكل المقاييس، فقد درجنا أن نستقبل هذا الشهر بالعديد من التقاليد والعادات التي تصور زخمًا من المعاني ذات الطابع الاجتماعي، التي نحن محرومون منها اليوم بسبب هذا الوباء العالمي.

ما من شك أن هذه الأزمة المستمرة منذ فترة في العالم لها تأثير كبير على كل مفاصل الحياة الإنسانية، كما نرى في التحولات الجلية على الحياة الاجتماعية والاقتصادية والقيم والمفاهيم، ولا بد أن هذا له انعكاسه اللحظي والمستقبلي على الواقع عامة.

لكن ونحن نستقبل رمضان هذا الشهر العظيم، فسوف نقف لنرى الأمور بشكل مختلف، والسبب أنه طالما كان لنا روتين معين وصورة محددة لهذا الشهر، التي لن نعود نعيشها أو نراها مع الظروف الراهنة، إذ سوف تختفي هذه السنة مظاهر الصلوات الجماعية في بيوت الله والتراويح وموائد رمضان ذات الطابع الجماعي، وغيرها من حلقات العلم وما يرتبط بهذه الأجواء الروحانية.

هذا من جهة له تأثير لا شك على الجانب النفسي والروحي، فالمسلم له ارتباط معين وجو خاص ربما يظل ينتظره طوال العام حتى وصول شهر رمضان، وهو ما سيحرم منه هذا السنة.

لكن من ناحية أخرى يجب أن ننظر إلى الأمر من جانب آخر من حيث كيفية الاستفادة من تأثير الجائحة السلبي في هذه العزلة لتعزيز المسائل الإيجابية الممكنة، من حيث زرع الكثير من القيم السمحة، لا سيما بين أبنائنا الذين سنكون متواجدين معهم لوقت طويل، ما يعني بذل المزيد من الوقت في العلم والدروس والإرشاد الصحيح وتعريفهم بالتاريخ والقيم الرائعة في تجارب الأجداد والآباء، وغيرها من المعاني ذات الدلالات الدينية والثقافية والمعرفية.

كذلك لكل فرد أن يستفيد ما أمكن من وقته في مسائل تعود له بالنفع سواء على مستوى التغذية الروحية أو الاطلاع والثقافة العامة في كل ما هو مفيد، أو حفز المهارات المعينة التي يرى أنه في حاجة إلى دعمها ورفدها لكي يكون ممتلكًا لها بشكل أفضل أو مجيدًا لها.

بدون شك نحن أمام تجربة مختلفة فالعادة أن أوقات الراحة تتيح لنا الحرية أن نفعل الأشياء وفق الروتين دون أن نفكر فيها كثيرًا من حيث الجدوى أو الفائدة، في مقابل ذلك فإن الأوقات التي نمر بها الآن من العزلة الإجبارية ربما لها جانب آخر هو التفكير متعدد الأوجه في إمكانية الاستفادة من الزمن ومن ثمرات الحياة الإنسانية عامة.

الخلاصة في أن رمضان هذه السنة هو استثنائي بكل المقاييس، ونسأل الله أن يمر بخير وسلام وقد انتهى هذا الوباء وعادت الحياة إلى طبيعتها، فاستمرار هذا الوضع غير الطبيعي سوف تكون له عواقب وخيمة وغير جلية بالمعنى الكلي على المدى البعيد في كل قطاعات الحياة والإنتاج.