Screen Shot 2020-04-14 at 1.14.24 PM
Screen Shot 2020-04-14 at 1.14.24 PM
أعمدة

نوافذ: وماذا بعد .. يا "كورونا"

24 أبريل 2020
24 أبريل 2020

أحمد بن سالم الفلاحي

[email protected]

منذ حلت جائحة العصر (كرونا – كوفيد19) والعالم من أقصاه إلى أقصاه يسجل خسارات متتالية، خسارات مادية مباشرة، وخسارات معنوية غير مباشرة، وهي؛ يقينا؛ سوف تؤول إلى خسارات مادية مباشرة، فالمسألة مسألة وقت لا أكثر، هذا بخلاف خسارات الأنفس حيث تودع المئات منها هذه الحياة في اليوم الواحد، وكل ذلك يحدث لحكمة لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، خالق هذه البشرية، ومصرف أمورها، وبقدر الألم الذي تتركه الأنفس الراحلة على ذويها بهذه الصورة السريعة، وبلا مقدمات من شأنها أن تهيئ الأنفس لاستيعاب صدمة الموت، يبقى الخوف أكثر على الأنفس التي تعاني موتا بطيئا، وهي الواقعة تحت الضغوط النفسية الشديدة الوقع على أصحابها، وهي حالة مرشحة للزيادة والنمو يوما بعد يوما، مع حالة تموضع الجائحة التي تنجز اليوم شهرها الخامس، مع بدء انطلاقتها في مدينة "ووهان" بالصين.

وهذا التموضع المخيف الذي تشكله جائحة القرن بدأ يشكل صدمات متتالية للأنفس، حتى تلك الأنفس المحصنة نفسها بقناعات معنوية كثيرة، وما التقارير الدولية؛ التي تعدها المنظمات المتخصصة في مختلف المجالات، إلا نذير لتأثيرات هذا التموضع الذي تكون عليه هذه الجائحة، في البدايات الأولى كنا نستمع كثيرا إلى الأطباء المتخصصين، والاستشاريين في (الباطنية والجراحة) أكثر من غيرهم بحكم تخصصهم، ومعرفتهم العالية لخط سير منحنيات الجائحة، اليوم لم نعد نكتفي بهذا الجانب فقط، بل دخل على خط سير المنحنى الأطباء النفسانيين؛ بمجالاتهم المختلفة، فكما هناك حالات مرضية مباشرة في الجوانب الباطنية، هنا الآن حالات مرضية ثانوية في الجانب النفسي والسلوكي، وإذا كان الأمر في الأولى مقتصر وجوده في المستشفيات، وعلاجاتها متعلق أكثر بالمختبرات الراصدة لحالة المرض عند كل مريض، أصبح الأمر في الثانية أخطر، من حيث الممارسات النافرة والمتصادمة مع من حولها في المحيط الأسري المباشر الذي يضم كل أفراد الأسرة في مساحة ضيقة لا تتعدى في بعض الحالات الـ (600م2).

وليتخيل أحدنا أن أسرة مكونة من (5) أشخاص – في المتوسط – جميعهم يصبحون ويمسون، ويتفاعلون على امتداد ذات المساحة، على امتداد الـ (24) في اليوم، ومضاعفة هذه الفترة الزمنية على مدار الأسبوع، والرقم المتصاعد على امتداد الشهر، ولذلك تشير الأرقام التي تصل القارئ المتابع من مختلف دول العالم نمو حالات العنف الأسري؛ بين الزوجين خاصة؛ وما يرافق ذلك من ارتفاع مستويات الإحباط، والقلق بين أفراد الأسرة "عموما" وأخيرا بدأنا نسمع عن وجود حالات انتحار، خاصة مع فقدان بعض الأسر لأحد أفرادها بسبب الجائحة، وما يولد هذا الشعور الانهزامي لمواجهة تأثيرات هذه الجائحة هو عدم القدرة على التكهن بموعد رحيل الجائحة، ولعل ما سوف يؤثر سلبا في ذات الاتجاه، هو الحديث المتجدد، بأن هناك؛ قد تكون؛ نوبة ثانية للوباء، بعد فترة من وصولها إلى الذروة، وخاصة في فصل الشتاء القادم.

لا شك أن التحصن بالإيمان بالقضاء والقدر، وأن كل ما يحدث هو أمر من الله، يظل المرتكز الأساسي الذي يستند عليه الإنسان، أي كانت ديانته، فهناك مدبر لهذا الكون كله، ولكن هذا اليقين يحتاج إلى أنفس كبيرة ومتسعة لاستيعاب هذه الحقيقة الوجودية في الحياة، ومن يقع أسيرا لتفكيره الضيق هو من يكتوي بتداعيات الحالات النفسية أكثر من غيره.

تسجل بعد الدول تراجعا ملحوظا، سواء في الإصابات أو الوفيات، وتسارعا ملموسا في حالات الشفاء، وهذا من شأنه، أن يخفف من تأثيرات الضغوط النفسية التي يعاني منها البعض، وتبقى مسألة القدرة المعنوية عند كل فرد في استيعاب أهمية تطبيق مجمل التعليمات والنصائح "المجمع عليها" والذاهبة إلى الحد من تفشي الوباء هي الرهان الأجدى والأبقى، وإلا سترتبك كل الجهود المبذولة في سبيل الحد من الانتشار.