Screen Shot 2020-04-04 at 8.02.12 PM
Screen Shot 2020-04-04 at 8.02.12 PM
المنوعات

على سبيل التقديم

20 أبريل 2020
20 أبريل 2020

ملف تأملات في العزلة المنزلية ومآلات الكون

عاصم الشيدي

لا يختلف هذا اليوم عن سابقه إلا باختلاف أرقام الإحصائيات التي نرصدها، صحفيا كل ساعة، هذا العالم ذاهب إلى الفناء بدلالة الآلاف الذين يسقطون ضحايا فيروس دقيق غير مرئي، فيما لا يستطيع الجميع فعل شيء أكثر من البقاء في المنازل ومشاهدة أعداد الوفيات والإصابات المتسارعة في كل مكان. يحاول البعض منا ترميم خسائره مع الزمن، فيستغل الحجر المنزلي في التصالح مع الذات ومع رغباتها وطموحاتها التي ما كانت لتتحقق لولا أحكام العزلة وضرورتها.

لكن ما يحدث اليوم هو حدث استثنائي، تاريخي، لا يتكرر كثيرا في أكثر من مستوى. فهناك معارك ضارية تدور في العالم أجمع، إنها حرب عالمية ثالثة، تدور بين فيروس لا يرى بالعين المجردة وبين البشر جميعا، جميعا دون استثناء، في الدول الفقيرة والغنية، بين الفيروس وبين الأفراد، أغنياء كانوا أم فقراء، حكام كانوا أم بسطاء، سياسيون متسلطون أم طلاب مساحة من الحرية.

لم يسبق من قبل أن خضع أكثر من 4 مليارات من البشر في حجر منزلي إجباري. في الحروب الماضية كان يطلب من هؤلاء أن يكونوا في خط المواجهة، أن يرتدوا البدلة العسكرية ويحملوا السلاح تحت شعارات "الدفاع عن الوطن والكرامة" ويطلبوا منهم أن يموتوا تحت شعار "الموت في الحرب خلود للفرد وللوطن" حتى لو لم يعرفوا لحربهم عقيدة أو هدفا، فأهداف الحروب عادة لا يعرفها إلا الساسة.. المعادلة مختلفة اليوم، لا شك أن هناك معركة، ولا شك أنها ضارية؛ ولكن النصر فيها بالجلوس في المنازل، والتباعد الاجتماعي والجسدي.

ولأن هذا المشهد لا يتكرر كثيرا في التاريخ، ولأنه استثنائي فإن رصده إبداعيا غاية في الأهمية، والتأمل حوله مهم.

و"عمان" تفتح مساحاتها للكتاب والأدباء ليتأملوا العالم اليوم، يتأملونه من مساحات عزلتهم أينما كانوا، يفكرون في مآلاته القادمة. سألنا البعض ماذا يفعلون في عزلتهم الإجبارية، وهم يبتعدون عن العالم اجتماعيا وجسديا، وكيف يمضي يومهم، وما طقوسهم وتصوراتهم اتجاه المشهد.

وإذا كنا ننشر اليوم هذه التأملات فإن الملف ما زال مفتوحا، والطلب ما زال قائما: اكتبوا يومياتكم في العزلة، تأملاتكم وشاركونا إياها، شاركوا العالم نظرتكم له في هذا المنعطف التاريخي الذي لا يتكرر. انظروا للعالم من ثقب الباب، أو عبر إحصائيات الموت التي تأتيكم من كل مكان. "ولعلّ في هذه العزلة من الإبداع والتأمل من يعزي، ما يعزي في الآخر وفي الزمن".