oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

الاقتصاد وجائحة كورونا

15 أبريل 2020
15 أبريل 2020

لعل الجانب الاقتصادي أو المالي يعتبر من الجوانب شديدة التأثر بجائحة كورونا، هذا بالإضافة إلى القضية الأساسية من فقدان الأرواح والقدرات البشرية بالطبع، كما في العديد من الدول الأوروبية مثلًا التي فقدت أعدادًا كبيرة من البشر بفعل هذا الوباء الذي لم يُعرف حتى الآن إلى أين يتجه بالضبط في ظل غياب اللقاح الناجع الذي من المفترض أن ينهي هذه الأزمة! إذا كان موضوع الاقتصاد جدليًا وكبيرًا ومعقدًا ومرتبطًا بكافة مفاصل الحياة الإنسانية، ومعاش الناس بشكل مباشر من حيث الأكل والشرب والملبس والسكن وغيرها من الاحتياجات الضرورية التي تخلى الناس عن بعضها في زمن كورونا، فإن الوصول إلى حلول نهائية أو قرارات موضوعية وخلاصات يتم الاتفاق الكلي عليها في المسائل الاقتصادية التي تعتبر من القضايا المثيرة للإرباك لدى الخبراء والحكومات والأفراد. فمن الولايات المتحدة غربًا إلى اليابان شرقًا، تبقى الكثير من الأسئلة المعلقة حول الإدارة الرشيدة للموارد المالية وكيفية العبور بسلام من هذه الفترة العصيبة على التاريخ الإنساني، طالما كان الاقتصاد محرك الحياة والإنتاج الذي هو دافع التنمية في أي بلد كان.

نحن في السلطنة بكل تأكيد لسنا بمنأى عن هذا الأثر العالمي، لقد سبقت أسعار النفط المتدنية هذه الجائحة الراهنة، بأن أثرت على الميزانية العامة للدولة والمصروفات الحكومية وعلى المشروعات التنموية، لكن ظل ثمة تأكيدًا من القيادة السامية بأنه لا مساس بالجوانب الاجتماعية لحياة المواطنين، حيث يبقى هذا الجانب أساسيًا ومرتكزًا لا حياد عنه مهما كانت الظروف.

الآن مع الأوضاع الراهنة فإن المسؤولية تتضاعف والعبء المالي كذلك، بحيث يكون على الكل العمل بكل كفاءة ممكنة حتى يمكننا العبور من هذه المرحلة بإذن الله، ولن يكون ذلك إلا عبر التكاتف الجماعي والإرادة المشتركة والإيمان بالقدرات الذاتية وحب هذا الوطن الذي يملأ جوانحنا جميعًا. بكل تأكيد أننا أمام ظروف استثنائية بكل المعايير وبالتالي أمام تقدير مختلف للمسؤوليات، بخلاف ما تعودناه في الوضع الطبيعي، حيث إن الموقف العالمي كله بشكل عام غامض وغير واضح سواء من حيث تاريخ محدد لنهاية هذه الجائحة أو من حيث مسارات التكهن للاقتصاد العالمي عامة، الذي يعاني الآن حتى في كبريات الاقتصاديات في الدول الكبرى. مقابل ذلك يبقى الالتزام بالتعليمات والإرشادات التي تضعها الجهات المختصة، سواء فيما يتعلق بإدارة الأزمة الراهنة أو ما يتعلق بالمسائل المالية والإدارة الرشيدة للقدرات المالية من حيث ترشيد المصروفات الإنمائية للوزارات والوحدات المدنية حتى على مستوى الإدارة المالية للأفراد.

إن موقف النفط في المقابل برغم الاجتماع الأخير لـ(أوبك بلس)، لا يزال غير واضح بشكل نهائي، فالأزمة النفطية لا تزال قائمة من جهة ثانية، وبالتالي فإن الحلول السليمة والكلية تتطلب بالفعل من الجميع العمل بكل حزم في هذه المرحلة لمواجهة الآثار الناتجة عن انخفاض الأسعار، ما يعني المضي في إدارة رشيدة فعلية تقودنا إلى إنماء واقعي وملموس. أخيرًا تبقى الغايات بعيدة والطموحات عظيمة، ولا يتوقف الإنسان بأحداث عابرة وإنما يستلهم منها العبر والدروس لأجل رسم أفضل لخرائط المستقبل.