oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

كورونا وإعادة تعريف مفهوم المسؤولية الاجتماعية

14 أبريل 2020
14 أبريل 2020

يطرح مفهوم المسؤولية الاجتماعية كثيرًا لدينا في الشركات والمؤسسات والمجتمع عامة، وهو في الأساس يتعلق بمبدأ أخلاقي في أن أي جهة أو منظمة يقع عليها دور معين باتجاه المجتمع الذي تعمل فيه، فالربحية ليست هي المبدأ الأساسي للإنتاج والفائدة، إنما هناك ما وراء ذلك من ضرورة أن تعمل المشروعات أي كانت على منفعة الجميع.

هذا الإطار النظري للمسؤولية الاجتماعية الذي بدأ يأخذ النواحي التطبيقية ويتعزز في السنوات الأخيرة وتقوم عليه الكثير من الشركات وهي تؤدي هذا الدور المجتمعي، يصير أكثر وضوحًا مع جائحة كورونا، بحيث أصبح ممكنًا رؤية بعض الأبعاد التي لم تكن قائمة أو مطروحة من قبل، والسبب يتعلق بقضية الأزمة نفسها التي تجعل الإنسان أو المؤسسات ترى بعض الأمور التي لم تفكر فيها في السابق، وهذا جزء من طبع الكائن البشري عموما أنه أحيانا لا يعمل بكفاءة إلا تحت رهن ظروف معينة، ليكون له ممكن توليد قدرات لم تكن مسبوقة.

إن الحديث عن المسؤولية الاجتماعية وإعادة تعريفها والتفكير فيها بشكل جديد هو أحد تجليات الوضع الراهن، فقد بدأت الكثير من القطاعات والشركات والمؤسسات والجهات في رؤية هذا المفهوم بطرق متعددة، لتقدم خدمات ومساعدات وغيرها من أشكال العون الاجتماعي التي لم تكن مطروحة سابقًا، ما يؤسس لرؤية جديدة للمفهوم يمكن أن تستمر لما بعد الأزمة بحيث تصبح جزءا من وعي وفهم جديدين يمكن السير عليهما.

من ناحية نظرية فإن المسؤولية الاجتماعية تعني ذلك التكامل بين عناصر الاقتصاد أو الإنتاج والإنسان من طرف والبيئة من طرف ثالث، في حلقة ثلاثية الأبعاد، فالمصنع مثلًا يقوم بدور معين وينتج سلعة ما، وعليه أن يقدم لمجتمعه أو منطقته فائدة معينة، كذلك في الوقت نفسه يكون له مردود بيئي إيجابي وليس سلبيًا على المحيط من حوله، وهنا يجب النظر إلى أن المشروعات المجتمعية في نهاية المطاف تتكامل مع البيئة وعناصر الأرض والإنتاج بشكل عام.

إن النظريات الحديثة للإنتاج في ربطه بالمسؤولية الاجتماعية تعي هذا العلاقات، بيد أنها لم تطبق بالشكل العملي الواضح على الأرض أو الميدان إلا مع أزمة مثل كورونا، التي جعلت بعض الحلول غير المرئية أو المنسية أو المغلفة تصبح الآن أمام أعيننا واقعا ماثلا.

أخيرا يجب التأكيد بأن هذه الفترة العصيبة من التاريخ البشري التي تمر بها كل شعوب العالم، بقدر ما فيها من القسوة والعزلة والألم والمصاب الجلل، إلا أنها تشكل محطة لإعادة التفكير في كثير من مكتسبات الدول والشعوب والإنسانية جمعاء، بما يفتح الآفاق لعالم أفضل بإذن الله، يعاد فيه ترتيب الكثير من القضايا والأحوال لما فيه مصلحة مشتركة للمجتمعات وفائدة للجميع.

إن الإنسان بطبعه وعبر تاريخه يتعلم من الأزمات والتجارب العسيرة، كما يتعلم في الأوقات السهلة، لكن تجارب الاختبارات الصعبة تكون أحيانا أكثر قدرة على الصمود وتعزيز الثقة بالقدرات والإمكانيات الذاتية وتوظيفها بالشكل الأفضل.