1468948
1468948
كورونا

رغم الخوف من المرض والفزع الإعلامي والشائعات أزمة كورونا .. مناعة نفسية أيضا

06 أبريل 2020
06 أبريل 2020

  • المنجية: مشاركة الناس إنجازاتها وابتكاراتها تبعث في النفس الطمأنينة والسرور وضع جدول نشاط (مفيد وممتع) بمشاركة جميع أفراد الأسرة تحويل النظرة السلبية للأزمات إلى نظرة إيجابية
  • زينب سلطان: المنغمسون بالتفكير في المرض يجدون صعوبة في التعايش مع الوضع العام
  • السليمانية: الحجر الصحي للمجتمع سلوك غير مألوف وأثاره النفسية متفاوتة
  • د. وليد: البشر يميلون للقلق من المجهول و(كوفيد-19) محاط بالغموض
  • آثار إيجابية: - مناعة نفسية للفرد والمجتمع - تعلم الأمور الصحيحة - الحفاظ على الصحة الشخصية
  • - تعلم المسؤولية تجاه المجتمع
  • - التعامل الإيجابي مع الأزمات
  • - المرونة الإيجابية مع تغير روتين الحياة
  • - الاستفادة من أوقات الفراغ - الزهد في فيما اعتاد عليه الأفراد

كتب - عبدالله بن سيف الخايفي (لا بد من تحرير الناس من خوفهم فالمرض يصيب الجبناء) هكذا رأى الطبيب العربي الشيخ الرئيس ابن سينا قبل أكثر من ألف عام أفضل أسلوب لمحاربة الموت الأسود أو الطاعون.. الصحة النفسية هي جزء لا يتجزأ من الصحة عموما، والعامل النفسي يؤثر في الصحة الجسدية فكلما تخلصنا من الاضطرابات والضغوطات النفسية وكانت معنوياتنا مرتفعة انعكست إيجابا على صحة أجسادنا وقدرتها على مقاومة الأمراض. لكن الحجر المنزلي الناتج عن جائحة كورونا لا تقتصر تأثيراته على الجانب الصحي فحسب بل امتدت لتشمل الجوانب الاجتماعية والاقتصادية ومواجهة صعوبات مادية يمكن أن تتسبب في مشاكل نفسية حادة. ففي الوقت الذي يسابق فيه العلماء حول العالم الزمن لإيجاد علاج لمرض فيروس كورونا (كوفيد-19) المستجد يخضع أكثر من مليار إنسان حول العالم إلى حجر منزلي غير مسبوق وغير معلوم المدة تجاوز الأيام إلى أسابيع في سبيل الحد من تفشي الجائحة. هذا الوضع لم يألفه الناس وربما يتسبب مع مرور الأيام وطول مدة البقاء بالمنزل في حدوث مشكلات نفسية لكثير من الأشخاص الذين لا يتمكنون من التعامل مع الوضع أو أولئك الذين يعانون أساسا من مخاوف ومشاكل نفسية قد تدفع بهم إلى مخاطر نفسية واجتماعية وأضرار وخيمة. ما هي الآثار النفسية للحجر الصحي أو البقاء في المنزل؟ من هم أكبر المتضررين؟ وكيف نعبر هذه المرحلة بأقل الأضرار النفسية؟ كيف يمكن توظيف وقت الحجر الصحي بطريقة إيجابية تعود علينا بالنفع وتساعدنا على تبني أسلوب حياة صحي؟. الإجراءات المطبقة في السلطنة من قبل اللجنة العليا المختصة بالتعامل مع تطورات كورونا كانت رسالة واضحة بأن البقاء في المنزل يساعد في الحفاظ على سلامة الجميع وجاءت الاستجابة من المواطنين والمقيمين منسجمة مع تلك النداءات من أجل الصحة العامة. وهنا تطل أهمية طمأنة المواطنين من خلال الحفاظ على سلامتهم النفسية فبرزت مبادرة الدعم النفسي من خلال الخط الهاتفي المخصص الذي يستقبل من الساعة الثامنة صباحا إلى الثانية ظهرًا استشارات الدعم النفسي المتعلقة بكورونا وتقديم المساعدة وخاصة لأولئك الذين لديهم أساسا مشاكل نفسية أو تتغير سلوكياتهم مع الضغط الذي يمكن أن يسببه هذا المرض وبالتالي يحتاجون للمساعدة. المختصون في الدعم النفسي بمستشفى المسرة لا يقتصر دورهم على شرح التأثيرات النفسية المحتملة وبث رسائل التوعية النفسية عبر وسائل الإعلام وإنما يقدمون المساعدة للمتصلين بشأن كيفية التفكير في الأشياء التي يمكن أن تساعدهم في الخروج من المشكلة. الدكتورة فاطمة السليمانية طبيبة نفسية تبعث رسالة إيجابية للمجتمع بأن لكورونا أثرًا إيجابيًا على (مناعة الناس النفسية) وإضافة للمناعة النفسية التي سيكتسبها الفرد والمجتمع فإن الأزمة الصحية فرصة لتعلم قيم مهمة للمجتمع، منها اكتساب تعلم الأمور الصحيحة بشكل عام، والحفاظ على الصحة الشخصية، والمسؤولية تجاه المجتمع، وكيفية التعامل الإيجابي مع الأزمات، وتعلم المرونة الإيجابية مع تغير الروتين في الحياة والاستفادة من أوقات الفراغ، والزهد في الأمور التي اعتاد الأفراد عليها واختفت مع وضع الطوارئ.

التوتر والقلق

وتحدثت السليمانية عن التأثيرات النفسية المحتملة على المواطنين والمقيمين جراء جائحة كورونا قائلة: من الشائع في أي وباء أن يشعر الفرد بالتوتر والقلق، وذلك يتضمن (سواء بشكل مباشر أو غير مباشر) الخوف من الإصابة بالوباء أو نقل العدوى للآخرين أو فقدان الأحبة. والخوف من الانفصال عن المقربين ومقدمي الحماية بسبب أنظمة الحجر الصحي. ومن التأثيرات أيضًا الشعور بالعجز والملل والوحدة والاكتئاب بسبب العزل. والخوف من الموت جوعًا (ما يفسر تهافت المستهلكين على تخزين المنتجات الأساسية).

وأضافت: الخوف من تدهور الوضع الجسدي والنفسي للفئات الهشة، مثل كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة. والخوف من فقدان سبل العيش وعدم القدرة على العمل أثناء العزل والطرد من العمل. تأثيرات على المعزولين أما ما يخص بالتأثيرات النفسية المحتملة على المحجورين أو المعزولين فقالت: الأعراض النفسية العامة وتشمل الشعور بالوحدة والعزلة والغضب والملل والارتباك. وهناك أيضًا الخوف من المرض واضطراب سوء المزاج والأرق وفقدان الشهية للأكل. ومن الأعراض النفسية كذلك اضطراب ما بعد الصدمة. والخوف من العدوى وإصابة الآخرين. والوصمة الاجتماعية من الوباء والعزلة التي غالبا ما تستمر بعض الوقت بعد الحجر، وتأتي نتيجة وجود بعض السلوكيات المجتمعية مثل تجنبهم، ومعاملتهم بالخوف والشك. وهناك أيضًا السلوك التجنبي والوسواسي حتى بعد انتهاء فترة الحجر الصحي، مشيرة إلى أنه كلما زادت فترة الحجر الصحي زادت معه الاضطرابات النفسية وكانت أكثر شدة في أثرها.

آثار ما بعد الحجر

وقالت الدكتورة السليمانية: إن بعض الآثار تظهر بعد الحجر كالحجر والعزل الذاتي وفقدان الروتين المعتاد. وتقلص التواصل الاجتماعي والبدني مع الآخرين الذي يسهم في زيادة الملل والإحباط والشعور بالعزلة عن بقية العالم. أما اضطراب ما بعد الصدمة فيظهر عند الأشخاص الذين لديهم قابلية سواء من الناحية النفسية أو الوراثية، الذي قد يستمر لفترات طويلة وله آثار سيئة إذا لم يتم التعامل معه من قبل الفريق المختص. الفزع الإعلامي وأرجعت الطبيبة النفسية أسباب التأثيرات إلى وجود المرض والفزع الإعلامي الذي يحيط بكورونا كعامل أساسي لهذه التأثيرات، والاستماع للشائعات والأخبار المغلوطة.

المجتمع لم يألف الحجر

وقالت: إن الحجر الصحي للمجتمع كونه غير مألوف وسلوك جديد، فأي ظروف جديدة وغير مألوفة من شأنها أن تترك أثارًا نفسية متفاوتة، تعتمد على الفرد وعلى تلقيه الدعم النفسي خلال هذه الفترة. الفئات الهشة وأكدت أن التأثيرات في معظم الأحيان تزول بزوال الوباء إذا تم تقديم الدعم النفسي والاجتماعي بصورة صحيحة أثناء فترة الوباء ولكن قد تستمر التأثيرات عند بعض شرائح المجتمع خصوصا الفئات الهشة مثل كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة إذا لم يتم تقديم الدعم والرعاية الكافية خلال فترة الجائحة وأيضًا الأشخاص الذين لديهم قابلية من الناحية الوراثية للاضطرابات النفسية أو الأشخاص الذين كانوا يعانون من اضطرابات نفسيه في السابق.

القلق والخوف والاكتئاب

ليلى المنجية أخصائية نفسية قالت: إن فكرة مبادرة الدعم النفسي تزامنت مع زيادة حالات الإصابة في العالم بفيروس كورونا.. حيث فكرت إدارة المستشفى بالآثار النفسية المترتبة على المجتمع وكيف يمكن أن يقدم خدمة للمواطنين لتخفيف وتقليل حالات الهلع والخوف في ظل هذه المعلومات عن مرض كورونا. وأشارت إلى أهمية توضيح مفهوم العلاقة بين الاضطرابات النفسية والآثار المترتبة أو الناتجة عن مرض كورونا وضرورة المساهمة في نشر الوعي عن بعض الممارسات الخاطئة التي قد تؤثر على الصحة النفسية وقالت: إن الأهم من ذلك أن يقدم الدعم النفسي للمحتاجين والذين يعانون من أي أضرار نفسية مثل (القلق والخوف والاكتئاب)، فضلا عن نشر الوعي بأهمية المحافظة على الصحة النفسية وعدم إهمالها في ظل الظروف الراهنة وكيف تؤثر على مناعة الإنسان بشكل عام. وأوضحت أن البقاء في المنزل لفترات طويلة يسبب الكثير من (الضغوطات النفسية والاكتئاب) على المدى البعيد إذا لم يستغل أو يتم قضاؤه بطريقة صحيحة. (ليس من السهل التخلي عن روتين قد اعتدت عليه لفترات طويلة واستبداله بالبقاء في المنزل) تقول الأخصائية النفسية محذرة من أن (العنف والغضب) يزيد عند الإنسان وخاصة في الأسر التي لديها تاريخ عنف أسري، مضيفة إن (الخوف والقلق والوسواس) يزيد بشكل عام عند سائر الناس وبالأخص الأشخاص المشخصين بأمراض نفسية مسبقا.

ونصحت بوضع خطة محكمة أو جدول روتين يومي مدروس من قبل الأسرة للوقاية من التأثيرات النفسية وأن يتشارك فيه جميع أفراد الأسرة، كما دعت إلى تحويل النظرة السلبية للأزمات إلى نظرة إيجابية وقالت: إن ذلك يساهم بشكل فعال في تقليل الضغوطات النفسية، وأن يشغل الإنسان وقته بأشياء مفيدة وممتعة والابتعاد عن الأخبار السلبية، مشيرة إلى مشاركة الناس إنجازاتها البسيطة وابتكاراتها التي تبعث في النفس الطمأنينة والسرور لدى الآخرين. من يتأثر بالجائحة؟ بدورها قالت زينب بنت سلطان أخصائية نفسية: إن جماعة الدعم النفسي تخدم جميع فئات المجتمع وتقدم خدمة الاستشارات النفسية للمتأثرين والمتضررين بانتشار الفيروس.

وأوضحت أن الجميع قد يتعرض لنوبات من القلق والخوف، لكنها قالت: إن من يتأثر بالجائحة هم (الأشخاص الذين يعانون من أمراض صحية مزمنة، أو أولئك المشخصين مسبقًا بأمراض عقلية واضطرابات نفسية). وأوضحت أن المقصود بالمتضررين هم الفئة المصابة بالفيروس والمحتجزة التي تعاني من القلق والاكتئاب والخوف، أو الأشخاص المنغمسون بالتفكير في المرض وأثر تفكيرهم على نفسياتهم مما أدى إلى صعوبة تعايشهم مع الوضع العام، كذلك يستهدف الدعم النفسي فئات المرضى النفسيين والمشخصين سابقا باضطرابات نفسية واشتدت عليهم الأعراض في الوقت الآني. نعم هناك مخاطر وعمّا إذا كانت هناك مخاطر من التأثيرات النفسية؟ أجابت قائلة: نعم، فمخاطر التأثيرات النفسية قد تهدد حياة الإنسان في حال اشتداد أعراضها، فمريض الاكتئاب قد تزيد عنده شدة الاكتئاب فتتحول إلى أفكار انتحارية نتيجة للوضع العام والبقاء في المنزل.

وأضافت: كذلك الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات في النوم، يؤثر ذلك على مشاعرهم وسلوكياتهم فيؤدي بهم الاضطراب إلى إيجاد مشاعر العدوانية والعنف تجاه الآخرين فتكون النتائج سلبية وتؤدي بصاحبها إلى ما لا تُحمد عقباه. القلق من المجهول والمرض محاط بالغموض الدكتور وليد حسن طبيب نفسي أكد حاجة مرضى فيروس كورونا (كوفيد-19) للرعاية الصحية النفسية الجيدة في العزل المنزلي.. وحول رصد حالات تأثرت نفسيا قال: (بالتأكيد هناك بعض التأثيرات النفسية)، وأوضح أن البشر يميلون للقلق من المجهول أكثر من قلقهم مما يعرفون، وحاليًا المرض محاط بكم من الغموض، فلا أحد يعرف ما هو سببه، أو شدة الأعراض المؤثرة أو العلاج الأكيد.. وهذا يثير كثيرًا من القلق لدى الناس. حالات لا تتحمل القلق وما إذا كان للتأثيرات النفسية انعكاس على انتشار العدوى قال: بعض الحالات قد لا تتحمل كل هذا القلق فتلجأ لإنكار إصابتها بالفيروس كوسيلة دفاع نفسية، وتبدأ في التعامل كأن شيئًا لم يكن وبلا أي محاذير وهذا قد يؤدي أحيانا إلى انتشار المرض. لكنه أوضح أنه ليست هناك أي دراسات في الوقت الحالي تشير إلى أن العدوى تعود إلى تأثيرات نفسية، مضيفا (ما نعلمه حاليًا أن الحالة النفسية الجيدة تساعد وتقوي جهاز المناعة). وحول إمكانية ظهور حالات نتيجة مشاكل نفسية قد تمارس سلوكيات اللامبالاة أو ربما الانتقام بعد إصابتها من خلال نشر العدوى قال الدكتور وليد: إن هذه السلوكيات نادرة وغير شائعة، وبعض النظريات النفسية قد تفسر ذلك بأنه غضب تجاه الآخرين أو عدم الرغبة في الشعور بالوحدة (لا أريد أن أكون أنا الوحيد المصاب). ولكن نؤكد أنها لا تصدر من معظم المرضى.