1468323 (1)
1468323 (1)
كورونا

د. ناصر البريكي: قرارات اللجنة العليا لاتمس الحريات الشخصية لأنها تراعي الصالح العام

04 أبريل 2020
04 أبريل 2020

"عمان" :

تحدث الدكتور ناصر بن حمد البريكي باحث ومتخصص في الشؤون القانونية حول القرارات الصادرة من اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا "كوفيد 19" ومصادرة الحرية الشخصية، قائلا: الحرية الشخصية وفق ما جاء ونص عليها النظام الأساسي للدولة في المادة 18 منه وهي مكفولة وفق القانون، ولا يجوز القبض على إنسان أو تفتيشه أو حجزه أو حبسه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون، إذًا حرية كل فرد مصانة لا تمس، ولكن هناك استثناء وصفه المشرع يراعي به المصلحة العامة، وهي أعلى بطبيعة الحال من الحرية الفردية، وإطلاق حرية الشخص بما يسبب إضرارًا بمجتمع كامل هذا ليس من العدالة بجانب أن خلت من ضوابط قد تمتد لتنال من حرية الآخر وهنا نجد أن اللجنة قد اعتمدت ذلك أساسًا لقراراتها، حيث أباح لها القانون ذلك، ونجد ذلك في نص المادة 18 من المرسوم السلطاني رقم 73/92، حيث أعطت هذه المادة الصلاحية لوزير الصحة عند ظهور أي مرض وبائي يهدد الصحة العامة سلطات استثنائية لحماية البلاد من تفشي الوباء وذلك بالاتفاق مع الجهات المختصة، فنجد هنا أنه لا يمكن لأحد ما الإدعاء بأن هذه الإجراءات تمس الحريات الشخصية إطلاقا.

إبلاغ المصاب عن نفسه

متطرقا في حديثه حول اجبار الشخص الإبلاغ عن نفسه إذا كانت به أعراض وباء كورونا، قائلا: على حسب رأيي لا أجد أقوى سلطة إجبار من سلطة الواجب الاجتماعي والحس الوطني، حيث أن ذلك هو ما يدعو المصاب أن يتوجه فورًا للإبلاغ عن حالته حفاظًا على نفسه ابتداءً وحفاظًا على أسرته ومجتمعه، ونحن كلنا لن نزايد على حب المواطن العماني وحتى المقيم بهذا البلد، ومن وجهة نظر قانونية فإن المتبرع قد ألزم الشخص المصاب أو المشتبه في إصابته بأحد الأمراض المعدية التوجه فورا إلى أقرب مؤسسة صحية لإجراء الفحص الطبي وتلقي العلاج والمشورة والتوعية بمخاطر المرض وطرق انتقاله، كذلك حتى على الشخص القادم من خارج السلطنة أن يبلغ سلطات المنافذ الحدودية بذلك فور وصوله إليها، كما أن المشرع قد غلظ صورة الخطاب على من علم بإصابته بأي مرض معدي أن يقوم بأي سلوك من شأنه أن يؤدي إلى نقل العدوى إلى الغير، وهذا يجب أن يتنبه له بعض الأفراد من المصابين اللذين قد لا تظهر عليه الأعراض أو وضعوا في الحجر المنزلي، فإن قيامهم بمخالطة الآخرين هو تعمد منهم لنقل تلك العدوى، وهذا أمر جرمه القانون ووضع عقوبة عليه.

المسؤولون عن الإبلاغ

وأشار الدكتور ناصر إلى الذين تقع عليهم مسؤولية الإبلاغ عن شخص مصاب بهذا الوباء في ضوء القانون، قائلا: الطبيب الذي قام بالكشف على المريض، ومسؤول المؤسسة الصحية التي ظهرت بها الإصابة بالمرض، ومسؤول المختبر الذي تم فيه فحص العينة التي تشير إلى وجود المرض، ورب أسرة المريض أو من يعوله أو يأويه أو من يقوم على خدمته، ورب العمل والمدير المسؤول إذا ظهرت الإصابة في إحدى المؤسسات الصناعية أو التجارية أو المحال العامة، وقائد وسيلة النقل إذا ظهر المرض أو اشتبه فيه اثناء وجود المريض بها، وممثل الجهة الإدارية والوالي أو الشيخ أو الشرطة.

تخفيض أجور العاملين بالقطاع الخاص

وعن ما يتم تداوله من محاولة بعض الشركات تخفيض أجور العاملين فيها، وبعضها بسبب الإقفال لن يقوم بدفع أجر شهر أبريل الجاري، أوضح الدكتور مدى قانونية هذا الأمر، قائلا: بداية نحن نقدر ما تمر به شركات القطاع الخاص وخاصة الشركات الصغيرة وتداعيات هذه الجائحة على عملهم التجاري وربحية أعمالهم؛ لكن ذلك ليس بمبرر خفض الأجور بقرار فردي وإدارة منفردة، حيث أن العلاقة بين العامل وصاحب العمل هي علاقة عقدية نظمها قانون العمل العماني، وبها إيجاب من صاحب العمل وقبول من العامل وبنود تم الاتفاق عليها ومن بينها الأجر الذي يتقاضاه العامل نتاج قيامه بالعمل، فلذلك إن هذا الإجراء لا يجد شرعيته في قانون العمل، وخاصة إذا كان ذلك التخفيض على مجموعة كبيرة من العاملين وحتى في العرف التجاري فإن ربحية الشركة أو تكبدها خسائر مالية لا يظهر من أول شهر عند حدود الجائحة أو ظرف ما حيث أن ميزانية الشركات تعد عند نهاية كل سنة أي على مدار أثنا عشر شهرا بعدها يتضح إذا كانت تلك السنة المالية سنة بها أرباح أم انها تعاني خسائر تحتم عليها عمل إجراءات لخفض التكاليف ولا تقوم باستغلال مثل هذه الظروف الذي تمر بها البلاد، وواجب المواطنة يحتم عليها تحمل الأعباء، أما في ما يخص الشق الثاني من السؤال بعدم قيام أصحاب الأعمال بدفع رواتب شهر أبريل الجاري بحجة ما نالهم من الإجراءات الاحترازية التي قامت بها الدولة للحد من انتشار الوباء فإن ذلك أيضا غير قانوني حيث إن العامل لم يمتنع عن أداء العمل المكلف به ولكن لظروف خارجة عن ارادته.

وفي سؤالنا له حول، قد ينادي صاحب العمل بأن الأجر يكون مقابل العمل؟ فكيف يتوجب على صاحب العمل دفع الأجر للعامل وهو في منزله ولم يقم بالعمل؟

أجاب الدكتور ناصر، قائلا: هنا لو أخذنا بالقياس ما أعطاه المشرع للعامل من حقوق في الإجازات الممنوحة له حيث أن يتقاضى راتبا شاملا عن إجازته السنوية وعن إجازات العطلات في الأعياد والمناسبات التي يصدر بتحديدها قرار من الوزير على حسب ما ورد في نص المادة 65 من قانون العمل العماني وهذا أمرا صادرا عن السلطة وليس العامل هو الذي أخل بالتزامه.