العرب والعالم

تصعيد الإجراءات الاحترازية في غزة وسط دعوات لدعم دولي

29 مارس 2020
29 مارس 2020

"أونروا" تخصص 17 مدرسة كمراكز صحية -

غزة - (د ب أ)- تسير الأعمال على قدم وساق لبناء نحو 500 غرفة حجر صحي في قطاع غزة منذ أيام بغرض استيعاب الحالات المشبه بإصابتها بفيروس كورونا المستجد. وتقام غرف الحجر الصحي في منطقة حدودية قريبة من معبر رفح أقصى جنوب القطاع على الحدود مع مصر ضمن الإجراءات الاحترازية لخطر تفشي الوباء. إذ أن كل من يدخل غزة منذ أسبوعين تقريبا يتم فحصه داخل معبر رفح نافذة القطاع على العالم الخارجي ثم يضعون في مراكز الحجر الصحي لمدة 14 يوما. وتشرف على بناء غرف الحجر الصحي حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي تسيطر على قطاع غزة بالتعاون مع البلديات والجهات المحلية المختصة، ضمن ما قالت إنه مسؤوليتها الاجتماعية. وصرح عضو المكتب السياسي لحماس خليل الحية أن المشروع القائم يستهدف تجهيز ألف غرفة حجر صحي موزعة على مناطق شمال وجنوب القطاع بالتنسيق مع الأطراف المختصة. وأكد الحية للصحفيين في غزة، أن اللجان الحكومية ذات العلاقة وضعت خطة متدرجة بحسب مواصفات منظمة الصحة العالمية لرفع مستويات الإجراءات الوقائية والحجر الإلزامي لكل العائدين إلى القطاع. وقررت السلطات الحكومية التي تديرها حماس منذ أسبوعين منع السفر خارج قطاع غزة باستثناء الحالات المرضية الطارئة وذلك تحسبا من خطر تفشي فيروس كورونا بين المسافرين وتم تخصيص 20 مركزا صحيا ما بين مدرسة وفندق للحجر الصحي بانتظار انتهاء مشروع بناء غرف الحجر الجاري تجهيزها والتي من المتوقع تسليمها خلال أيام. كما تم تجهيز مستشفى ميداني في معبر رفح بسعة 40 سريرا وأجهزة عناية مكثفة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية للحالات المشتبه بإصابتها بالفيروس. وقطاع غزة يقطنه زهاء مليوني نسمة وتبلغ مساحته 375 كيلومترا مربعا ما يجعله من أكثر مناطق العالم من ناحية الكثافة السكانية. وسجل القطاع إصابتين بفيروس كورونا المنتشر عالميا، حتى الآن لمواطنين كانا عائدين من باكستان وتم وضعهما في الحجر الصحي. وسبق أن أعلنت وزارة الصحة في غزة عن توفير جهاز الفحص الخاص بالفيروس داخل القطاع بعدما كان يتمّ إرسال العيّنات لفحصها في الضفة الغربية. وداخل المختبر المركزي في غزة، يكثف فريق الأطباء والمتخصصين إجراءات فحص عينات المحجورين العائدين من الخارج ومن خالطهم وسط معايير مشددة من التعقيم. ويقول الاختصاصي في البيولوجيا الجزئية هاني المقيد لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، إنهم تلقوا تعليمات مكثفة من منظمة الصحة العالمية بشأن آليات فحص العينات والتأكد من جهوزية المختبر. ولا يخفي المقيد أنه مع جميع الاحتياطات المتخذة سواء في الغرف المجهزة للعزل أو داخل المختبر إلا أن القلق ينتابه والفريق العامل معه خشية الإصابة بالفيروس وانتشار العدوى في القطاع. ويشير إلى أنه يتم الإبلاغ المسؤولين في وزارة الصحة على مدار الساعة بنتائج العينات وهم من يتولون بنقلها إلى الجهات المختصة "كون هذا الوضع يتطلب إجراءات وقائية مشددة". ولتطويق انتشار الوباء أقرت وزارة الصحة في غزة وقف العمل في كافة عياداتها الخارجية ومنع إجراء العمليات الجراحية غير الطارئة وزيارة المرضى داخل المستشفيات الحكومية والخاصة. من جهتها قررت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" تخصيص 17 مدرسة تتبع لها كمراكز صحية لمراجعي أمراض الجهاز التنفسي منعًا لاختلاطهم بباقي المرضى. وبدت الأجواء داخل المدارس مختلفة عن وضعها الاعتيادي بعد أن تبدل الأساتذة والطلبة بأطباء ومرضى فيما تحول ضجيج الحركة السابق فيها إلى خوف من خطر فيروس كورونا. وقال المستشار الإعلامي لأونروا في غزة عدنان أبو حسنة لــــ(د.ب.أ)، إن مستجدات خطر تفشي فيروس كورونا فرضت ضرورة سياسة الفصل بين المراجعين في عيادات ومراكز الوكالة الصحية ضمن الإجراءات الوقائية المتخذة. وأوضح أبو حسنة أنه تم فصل المرضى من ذوي الأمراض التنفسية عن كبار السن وأصحاب أمراض ضغط الدم والسكر وغيرهم لتجنب الاحتكاك والإصابة بالفيروس. وشدد على أن "الوقاية هي الأساس حاليا في مكان هش وضعيف الإمكانيات مثل غزة"، مشيرا إلى أن أونروا أطلقت مناشدة طارئة بدعمها بمبلغ 17 مليون دولار لحماية اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها خاصة القطاع من خطر فيروس كورونا. في هذه الأثناء فإن إجراءات الوقاية والتعقيم أخذت منحنى تصاعدي في المؤسسات الحكومية والخاصة في قطاع غزة مع تنامي المخاوف من خطر احتمال انتقال العدوى بين السكان. لكن وطأة القلق والحاجة إلى تأمين مصادر البقاء تسببت بانتشار حالات تدافع أمام البنوك بعد قرار تقنين العمل في كافة القطاعات الحكومية والأهلية والمصرفية. وكان تم تعطيل المدارس والجامعات والمعاهد الحكومية والخاصة فضلا عن مدارس أونروا في غزة منذ الخامس من الشهر الجاري حتى إشعار أخر كإجراء احترازي من خطر تفشي الوباء. ولاحقا أعلنت وزارة الأوقاف والشئون الدينية التابعة لحماس في غزة عن إغلاق مساجد القطاع ووقف صلاة الجمعة والجماعة فيها لمدّة أسبوعين ابتداء من يوم الأربعاء الماضي. من جهة أخرى قال مركز الإعلام والمعلومات الحكومي في غزة إنه تم اتخاذ قرار بالإعفاء الضريبي على استيراد السلع الأساسية وعددها 14 سلعة لتدعيم المخزون الاحتياطي من هذه السلع. وأوضح المركز أنه تم ملاحظة انخفاض ملموس لتهافت السكان على شراء السلع والمنتجات المختلفة، فيما تم توجيه البلديات عبر وزارة الحكم المحلي بتعزيز إجراءات تعقيم الأماكن والمنشآت العامة الخاضعة لنفوذ البلديات. وسبق أن صرح مدير مكتب منظمة الصحة العالمية في غزة عبد الناصر صبح إن حالة القطاع الخاصة باعتباره منطقة غير سياحية، ويعيش تحت حصار إسرائيلي جنبه التفشي الحاصل لفيروس كورونا حول العالم. لكن صبح حذر من أن الوضع الصحي في قطاع غزة لديه القدرة على التعامل مع أول 100 حالة بطريقة جيدة، لكن بعد ذلك يحتاج إلى دعم وتدخل، وهو ما تعمل المنظمة الدولية عليه. ويقول مختصون إن مقاومة غزة تعد في قادم الأيام حاسمة ومصيرية أمام خطر تفشي الفيروس بدون وساطات خارجية هذه المرة فيما الحاجة تتصاعد لدعم دولي يمنع خطر كارثة إنسانية بين سكانه.