Screen Shot 2020-03-25 at 7.13.32 PM
Screen Shot 2020-03-25 at 7.13.32 PM
المنوعات

(الأب) وعيده، في زمن (الكورونا)

25 مارس 2020
25 مارس 2020

عبدالرزّاق الربيعي

مرّت بنا، عدّة مناسبات، وأعياد عالميّة، ونحن عاكفون في منازلنا، كوسيلة من وسائل الحدّ من انتشار (كورونا)، لعلّ أبرزها يوم الأمّ، ويوم الشعر، وعيد نوروز، ويوم المسرح العالمي، ويوم الأب، وكلّها تستحقّ منّا وقفة، لكنّني في هذه المساحة اخترت الأخير، لأننا نعيش ظرفا استثنائيّا، يساهم الجميع في تشكيله، والمشاركة في تجاوز الخطر المحدق في العالم، بفعل هذه الجائحة، ومن بينهم الأب، الذي وجد (عيد الأب) العالمي، الذي عرفه العالم عام 1910م، لتكريمه، وتقدير دوره في الأسرة، كما خطّطت الأمريكية سونورا سمارت دود، حين أرادت تكريم والدها الذي كان يُشرفُ على تربيتها هي وإخوانها الخمسة بعد وفاة والدتها فطالبت بذلك، واقترحَت أن يكون يوم عيد ميلاد والدها يوم تكريم الأب، فكان لها ما أرادت، وسرعان ما انتشر يوم الأب في العالم، واختارت بعض البلدان تواريخ مختلفة، لكن الثابت هو تخصيص يوم لتكريم الأب، الذي كرّمه ديننا الحنيف، بالكثير من الآيات التي تدعو إلى الإحسان للوالدين، والبر بهما، ونقرأ في سورة يوسف قوله تعالى: (قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) هذه المكانة الرفيعة للأب نجد لها تطبيقات في الكثير من تراثنا، ومن ذلك سئل عمر بن زيد: كيف برّ ابنك بك؟؟ أجاب: ما مشيت نهارًا إلا وهو خلفي، ولا ليلا إلا مشى أمامي، ولا رقي سطحا إلا وأنا تحته وقد مرّ يوم الأب الأسبوع الماضي بنا بأكثر من صورة، من بينها تلك الصورة المثاليّة لأب يجالس أولاده، ويساعدهم في دروسهم التي تعطى لهم عن بُعد عقب قرار إيقاف الدوام في المدارس للحدّ من انتشار فيروس (كورونا)، ويتحدّث إليهم، ويقترب منهم، والمثل العربي يقول (ربّ ضارّة نافعة)، فإذا كانت فكرة يوم الأب جاءت لتكريم الأب وإظهار دوره في الأسرة، ورعاية الأبناء، فإنّ الأب بجلوسه إلى أولاده هو تعزيز للعلاقة الأسريّة، فيظهر حبّه لهم، ويظهرون حبّهم له، كونه قدوة ليست فقط لهم بالمجتمع، وفي ذلك يورد الشاعر العربي حكاية طريفة، حين قال: مشى الطاووس يومًا باعوجاج فقلد شكل مشيته بنوه فقال علام تختالون قالوا: بدأت به ونحن مقلدوه فخالف سيرك المعوجّ واعدل فإنا.. إن عدلت معدلوه أما تدري أبانا كلّ فرع يجاري بالخطى من أدبوه وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوّده أبوه الجلوس إلى الأبناء واجب اجتماعي، وسعادة، وفي ظلّ تعقيدات حياتنا، يحتاج إلى توفير ظروف كاملة، خصوصا بالنسبة للآباء الذين يعملون طوال ساعات النهار، ويمضون جلّ أوقاتهم خارج المنزل، أو البعض ممن يعملون في أماكن بعيدة، حسب متطلّبات العمل، ولذا تألّمت للصغيرة (مريم) ذات التسع سنوات، عندما افتقدت والدها الذي يعمل في إحدى شركات الطيران الخليجية، لاضطراره البقاء في مكان عمله، بعد التطورات الناتجة عن انتشار (كورونا) (كوفيد19) بتطبيق الحجر الصحي على جميع القادمين إلى السلطنة، بما في ذلك العمانيون، ولكنّ أمّها شرحت لها سبب غيابه في هذه المناسبة، فالمصلحة العامّة تقتضي من الجميع التكاتف، للحدّ من انتشار الفيروس، وتمكين الأجهزة الطبية من السيطرة على الفيروس، ودفع شرّه عن السلطنة، وليست (مريم) الطفلة الوحيدة التي افتقدت والدها في (يوم الأب)، فالكثير من الآباء الذين يعملون في المجال الطبّي، أطبّاء، وممرضين، ومسعفين، وفي سلك الشرطة، الذين يسهرون على سلامتنا، ويتابعون، ويشرفون على تطبيق الأنظمة، والقوانين، يمكثون بعيدا عن أسرهم، ولكنّها شدّة، وتزول، وتعود الحياة تسير بشكل طبيعي، كما كانت من قبل (كورونا)، كلّ عام والأب بخير.