أفكار وآراء

المتربحون من كورونا

20 مارس 2020
20 مارس 2020

حسن عبدالله -

لا شك أن إعلان الرئيس الصيني، منذ عدة أيام، سيطرة بلاده عمليا على انتشار فيروس كورونا المستجد في بؤرة انتشاره بمقاطعة هوبي وعاصمتها ووهان، وعدم وجود حالات إصابة جديدة، سيغضب الكثير من المستفيدين الذين ربحوا ملايين بل مليارات الدولارات من وراء ظهور هذا الفيروس.

كورونا الذي بات منتشرا في 100دولة وأصاب نحو 200 ألف شخص وقتل نحو4500 إنسان، أدى إلى تعطيل قطاعات النقل في العالم، وتسبب بإلغاء جميع المناسبات من المؤتمرات إلى البطولات والدورات الرياضية، وأوقف الأنشطة السياحية والثقافية، ومازال انتشاره يهدد بخسائر فادحة للكثير من الدول والمؤسسات والأفراد.

وحسب تصريح للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فإن 60 إلى 70% من الشعب الألماني مهددون بالإصابة بكورونا، وها هي إيطاليا الموبوءة بالفيروس وضعت جميع مقاطعاتها في حجر صحي صارم حولها إلى دولة أشباح، وغيرها من الدول التي يهدد كورونا وجودها مثل إيران وكوريا الجنوبية.

إذن فمن المستفيد من نار كورونا التي باتت تحرق الكبار والصغار، الأغنياء والفقراء؟

وهل يمكن الحديث عن مؤامرة كبرى في ظل هذه المعطيات؟

الدكتور إيان ليبكين، أشهر طبيب أمريكي، ساعد الصينيين عام 2003 في مكافحة مرض (سارز) والآن يساعدهم في مكافحة كورونا يؤكد أن كورونا ليس من صنع البشر، بل هو من الطبيعة، وبالتحديد من الحيوانات البرية، وعلى البشرية جمعاء أن تتبادل المعلومات لمكافحة الوباء.

نحن-إذن- أمام قضية رأي عام عالمي تغذيها وسائل إعلام لغايات غير بريئة، تختلط فيها المصالح التجارية والاقتصادية بالسياسة والأمن.

غير أن هذا لا ينفى استفادة أطراف عدة من الأزمة عبر توظيفها اقتصاديا وسياسيا.

الولايات المتحدة الأمريكية التي تسعى بكل الوسائل إلى تأخير سيطرة التنين الصيني، المنتظرة والمتوقعة، على العالم تنظر بعين الرضا إلى الضربات التي أدت إلى تباطؤ الاقتصاد الصيني الذي ينمو بمعدل نحو9% ما يفوق نمو الاقتصاد الأمريكي عدة مرات( 3%).

بكين التي اضطرت إلى ضخ عدة مليارات من الدولارات في شرايين اقتصادها لتعويض الخسائر الناجمة عن الأزمة، ولدفع عجلة النمو، كسبت هي الأخرى مكاسب طائلة جراء هروب عدد غير قليل من أصحاب الأعمال الأجانب من كورونا واضطرارهم إلى بيع أسهم شركاتهم للحكومة الصينية بأسعار وصفت بأنها«بخسة» لا تتجاوز ثلث سعرها الفعلي. وبذلك تغير الهيكل الصناعي الصيني من كونه يهيمن على الصناعة الثانوية إلى كونه يهيمن على الصناعة ككل.

وبذلك تكون الصين قد حققت هدف الخطة الخمسية الثالثة عشرة (2016-2020) لمضاعفة الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2020. وهذا يعني أن التأثير السلبي لتفشي فيروس كورونا على الاقتصاد الصيني أمكن السيطرة عليه إذ أمكن كبح جماح الوباء في غضون ثلاثة أشهر.

وفيما عزف زبائن المتاجر الافتراضية الصينية، وفي مقدمتها «علي أكسبرس» و«علي بابا»، عن الشراء، اتجهت أنظار الكثير من الصينيين إلى «أمازون» الأمريكية وغيرها من متاجر التجزئة الأمريكية والأوروبية.

استفادت الصين، كذلك، بوصفها أكبر مستورد للنفط في العالم من تراجع الأسعار بشكل كبير، فيما حقق منتجو الذهب مكاسب ضخمة جراء قفزات كبيرة حدثت في أسعار الذهب.

وكما في النفط والذهب وتجارة السلاح، فهناك «لوبي» أو مجموعات ضغط تتحكم بقطاع الصحة عالميا، وتوجهه إلى منحى تحقيق الأرباح الباهظة، والاستفادة من جميع الأزمات التي تقع في أي بلد بشكل مفاجئ أو متوقع أو مصنوع.

مؤشر «ناسداك» سجل أرباحاً قياسية لشركات تعمل في القطاع الصحي. قيمة أسهم بعض هذه الشركات شهد ارتفاعاً ناهز 12 في المائة في أسبوع واحد فقط، وذلك قبل أن تعلن منظمة الصحة العالمية أن «كورونا» قد تحول إلى «وباء عالمي».

كذلك حققت أسهم شركات تصنع مكملات «فيتامين سي»، ولها مقرات في الولايات المتحدة والصين قفزات كبيرة. شركة Blackmores، على سبيل المثال لا الحصر، زادت مبيعاتها بنسبة 11 في المائة.

الحديث هنا عن مبيعات بمئات ملايين الدولارات تمت في ساعات قليلة. الأمر ذاته تكرر مع شركات تصنيع الأقنعة الواقية، لا في الصين فقط، بل في أستراليا، وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

وثمة شركات لم تبع أي منتج، بل حدث أن أعلنت أنها بدأت العمل على الاستثمار في تطوير لقاحات لعلاج الفيروس لتشهد أسهمها ارتفاعاً ملحوظاً في أسواق المال العالمية.

ولم يتوقف الأمر على ذلك، بل طالت المكاسب- والفضيحة في نفس الوقت- واحدة من الأدوات الشهيرة في مجال مكافحة الأخبار الزائفة عالمياً وهي «نيوز غارد»، فقد تواترت أنباء عن أن مجموعة تجارية عملاقة تعمل في مجال تصنيع الأدوية والمنتجات الطبية تمول مشروع تطويرها.

لم ينفِ القائمون على «نيوز غارد» هذه الأخبار التي ذكرت أن مئات الملايين من الدولارات حولتها المجموعة الطبية العملاقة إلى المنصة الرقمية التي تدير «نيوز غارد» وحسابات عديدة لشركات علاقات عامة وإعلام، كي تتربح من أزمة كورونا وغيرها.

وثمة مستفيدون كبار كما قلت مثل شركات تصنيع الأقنعة والقفازات الطبية، وذلك مع إقبال الملايين في أنحاء العالم على شراء الكمامات التي اختفت من على أرفف المتاجر في أماكن مختلفة من دول العالم.

سهم شركة Alpha Pro Tech الكندية التي تبيع الأقنعة في الصين، ارتفع بنسبة 70 في المائة، بينما زادت القيمة السوقية لشركة 3M بنحو مليار و400 مليون دولار.

وامتدت المكاسب إلى شركات الأدوية خصوصا التي تعمل على أبحاث الأمصال المضادة لفيروس كورونا، مثل شركة Novavax التي قفز سهمها 72 في المائة خلال شهر، وسهم Inovio الذي ارتفع 25 في المائة، ثم سهم MODERNA بخمسة في المائة في الفترة نفسها.

الدكتور جابو أكايدا من منظمة «العدل والتنمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا» يؤكد أنه خلال أيام معدودات ربما تكشف أمريكا عن مصل فعّال لعلاج كورونا مثل ما حدث مع الفيروسات الأخرى، لتدخل المليارات خزينة شركات الأدوية الأمريكية».

شركات الطيران والوجهات السياحية الأوروبية، وعلى الرغم من حالة التوتر والاضطراب السائدة، ربحت الكثير من إلغاء الرحلات من وإلى الصين، على غرار ما حدث أثناء وباء سارس في 2003.

بل إن أسهم شبكة نتفليكس ارتفعت بنسبة 0.8%، فوفقًا لـ «الإندبندنت»: «نتفليكس هي المستفيد الواضح إذا بقي المستهلكون في منازلهم بسبب مخاوف من فيروس كورونا »

والطريف أيضا أن شركات الاتصالات حققت مكاسب ضخمة مع تزايد استخدام الرسائل والاتصالات، بالإضافة إلى تطبيقات التجارة الإلكترونية التي أصبحت بديلا عن الذهاب للمحال والمراكز التجارية والمطاعم.