رندة_صادق
رندة_صادق
أعمدة

عطر: إلى من يهمه الأمر

18 مارس 2020
18 مارس 2020

رندة صادق -

[email protected] -

عندما تغيب الشمس هي لا ترحل بل تذهب إلى مكان آخر يحتاجها، فلا يمكن أن نتهمها بالرحيل وسرقة الضوء، هي لم ترتكب جرما هي كانت على طبيعتها. وعندما يحل الليل ويزين السماء بنجومه الواعدة التي تشهد على ولادات متكررة لقصص حب لا تنتهي، هو لا يحارب النهار ولكنه يترك له مساحة ليرتاح. وعندما تأتي الريح عاتية وقاسية ويصحبها البرق والرعد وتغرق الأرض بنعمة المطر هي تهيئ الحياة للربيع القادم وتحيي اليباس الذي تشقق من قسوة الصيف، رحلة سريعة تنقل صيف الحرية إلى خريف الانتظار.

إذا لن أكلمكم عن الصيف أو الخريف أو الشتاء فهم استراحة الدورة في انقلاب الطبيعة، يبقى لنا الربيع بجماله وتأثيره في دورة الحياة، من المهم أن ندرك عندما يغادرنا الربيع هو لم يَملنا، ولكن في مكان آخر صبية تنتظره لتركض في الحقول وتقطف شقائق النعمان وتبتسم للفراشات، انه وعد الحياة في أوج بهجتها لذا لا يجب أن لا نسأم انتظاره. لقد اخترت أن أبقي اللغة على حافة الربيع، لأننا مكبلون بقلق المرحلة وتطوراتها، هي رشوة أمل قد تكون سلاحنا في وجه الإرادات المنكسرة وذلك لما للربيع من معنى عميق ورمزية في تجدد الحياة وفرح الألوان، هو عيد الحياة بكل ما في العيد من سعادة وأمل، انطلاقا من هنا أدعوكم إلى التوقف والنظر في دواخلكم لأن هناك يكمن الجمال الحقيقي.

إلى من يهمه الأمر رسالة عامة كي نتوقف ونعيد ترتيب الفوضى التي ارتكبناها في حياتنا وان نبدأ السلام مع ذواتنا، السلام لا يعني استسلام، بل قوة يسيرها العقل والضمير تكمن صلابتها في قوة إيماننا بالله أولا والثقة بأنفسنا ثانية، وان نطهر أرواحنا من الخوف الآتي من غربتنا وسطوة الرعب من المجهول، وان لا نستسلم لمشاعر الحيرة التي تولد العجز.

وحوش تلتهم قدرتنا على التعايش مع ما يدور حولنا من مستجدات، نحن اليوم نحتاج كما كبيرا من الإيجابية التي لا يمكن أن يصنعها إلا نحن وتختلف طرقنا في حماية صحتنا النفسية، قد يلجأ البعض إلى الصلاة وقراءة القرآن أو ممارسة هواية معينة ويمارس رياضة يحبها، وقد يفعل كما فعل الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي كان شخصية قلقة تعاني من بعض الهواجس والخوف الذي كاد أن يتطور ليتحول إلى مرحلة الدخول في كآبة مرضية، وقد حاول أن يحرر نفسه من كل طاقة سلبية خاصة أن الأفكار السوداء كانت تحضر قبل نومه، فلجأ إلى مشاهدة المسرحيات قبل أن ينام لكي تمنحه فرح اللحظة وتجعله لا يستسلم للأفكار السوداء.

انه علاج ذاتي قد يجدي ومحاولة لعكس الطاقة السلبية وتحويلها إلى طاقة إيجابية، ربما على كل واحد منا البحث عن العلاج الذي يناسبه بنفسه، بداية من تبنيه مبدأ الإيجابية التي لا تفترض أن الكون يحاربه وانه ولد ليعيش حياة تعيسة خالية من النعم لأننا بتنا نسمع هذا الكلام بكثرة، الناس مسجونة في الدائرة الصغيرة تعيش انعكاس العام الكبيس وتأثيره على أحداث عام 2020 هذا العام الذي ظهرت قسوته من بداية أحداثه التي حدثت وأظهرت عجز الإنسان رغم ما بلغ من معرفة وعلم، الكون المحاصر لن يفرز بهجة في المنظور القريب فليصنع كل إنسان منا درع حمايته ويجد ملاذه الذاتي.

ربما كثر سيرون الأمر مضيعة لطاقاتهم وأن الأمور التي تحدث لن تأخذ بعين الاعتبار هذا الطرح، ولكن المبادرة باتجاه الذات من أهم المبادرات التي تدعم حضورنا الإنساني

تبقى الرسالة لمن يهمه الأمر.