Mohammed
Mohammed
أعمدة

مرحلة بناء جديدة .. نظرة في خطاب جلالة السلطان

17 مارس 2020
17 مارس 2020

محمد بن أحمد الشيزاوي -

[email protected] -

تشهد السلطنة في ظل الرعاية الكريمة لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - مرحلة بناء جديدة وسط العديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تحتاج إلى فهم أعمق لهذه التحديات وانعكاساتها على مستقبل التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتوفير بيئة صحية قادرة على وضع الحلول الناجعة وتحقيق طموحات قيادة السلطنة وشعبها.

ولعل نظرة سريعة في الخطاب السامي الذي ألقاه جلالة السلطان المعظم في 23 فبراير الماضي تجعلنا نقف على عناوين المرحلة المقبلة التي لابد أن يشترك الجميع في بنائها وهو ما أكده جلالة السلطان هيثم بن طارق بقوله: إن «عُمان تأسست وترسّخ وجودها الحضاري بتضحيات أبنائها، وبذلهم الغالي والنفيس من أجل الحفاظ على عزتها ومنعتها، وإخلاصهم في أداء واجباتهم الوطنية، وإعلائهم لمصالح الوطن على المصالح الشخصية».

ولتأكيد هذا الجانب وترسيخه في مرحلة البناء الجديدة استطرد جلالة السلطان قائلا: «وهذا ما عقدنا العزم على إرسائه وصونه؛ حتى نصل للتطور الذي نسعى إليه، والازدهار الذي سنسهر على تحقيقه، والنزاهة التي لا بدّ أن تسود كافة قطاعات العمل وأن تكون أساساً ثابتاً راسخاً لكل ما نقوم به».

وإذا كان بناء عُمان القوية ذات الحضارة الضاربة في أعماق التاريخ هو العنوان الرئيسي للمرحلة المقبلة فإن هناك العديد من العناوين الأخرى التي تفضي إلى هذه الغاية؛ لعل في مقدمتها النزاهة، وإعلاء مصالح الوطن على المصالح الشخصية، والإخلاص في العمل، والاهتمام بالتعليم والبحث العلمي، والاستماع إلى الشباب وتلمُّس احتياجاتهم واهتماماتهم وتطلعاتهم، وتنشيط قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وريادة الأعمال، والابتكار، والذكاء الاصطناعي، وتوفير فرص العمل للشباب من خلال « تطوير إطار وطني شامل للتشغيل ».

وفي هذا الخطاب نجد إشارات واضحة على أن تطوير الاقتصاد الوطني هو أحد أولويات المرحلة المقبلة، غير أن هذا لن يتحقق إلا من خلال زيادة الإنتاجية والاستفادة من طاقات الشباب ومخرجات التعليم العالي، ولعل هذا ما قصده جلالة السلطان المعظم عندما تحدث عن «تطوير إطار وطني شامل للتشغيل»، فقد اعتبر هذا الأمر «ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد الوطني؛ يستوجب استمرار تحسين بيئته (أي بيئة التشغيل) في القطاعين العام والخاص، ومراجعة نظم التوظيف في القطاع الحكومي وتطويره، وتبني نظماً وسياساتِ عمل جديدة تمنح الحكومة المرونة اللازمة والقدرة التي تساعدها على تحقيق الاستفادة القصوى من الموارد والخبرات والكفاءات الوطنية، واستيعاب أكبر قدر ممكن من الشباب، وتمكينهم من الانخراط في سوق العمل».

ويشرح الخطاب رؤية جلالة السلطان المعظم لتعزيز أداء الاقتصاد الوطني في المرحلة المقبلة عندما قال: «إننا عازمون على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وتحديث منظومة التشريعات والقوانين وآليات وبرامج العمل ... وتبسيط الإجراءات وحوكمة الأداء والنزاهة والمساءلة والمحاسبة ... ومراجعة أعمال الشركات الحكومية مراجعة شاملة بهدف تطوير أدائها ورفع كفاءتها ... كما أننا سنحرص على توجيه مواردِنا المالية التوجيه الأمثل بما يضمن خفض المديونية وزيادة الدخل».

ومن الواضح - خاصة بعد التراجعات الحادة في أسعار النفط والآثار الاقتصادية لفيروس كورونا على الاقتصادات المحلية والعالمية - أن العام الجاري سوف يشهد بناء أسس قوية ينطلق منها الاقتصاد الوطني إلى آفاق أرحب؛ إذ لا يمكن الاكتفاء بالحلول المالية المتمثلة في تقليص الإنفاق دون أن نفكّر في حلول اقتصادية ترفع إيرادات السلطنة وتساهم في توفير فرص العمل الجيدة للشباب، فهناك قطاعات اقتصادية حيوية لم نستغلها بالشكل الأمثل حتى الآن كالسياحة بمختلف أشكالها، واستقطاب الاستثمارات بجميع أنواعها إلى السلطنة، وتفعيل أداء القطاعات اللوجستية والصناعية والتجارية.

إن تحقيق الأهداف التي أكد عليها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - يحتاج إلى تضافر جهود الجميع، وكما قال جلالته فإن «العالم عرف عُمان عبر تاريخها العريق والمشرّف كیانا حضاريا فاعلا ومؤثرا في نماء المنطقة وازدهارها ... تتناوب الأجيال على إعلاء رايته»، وهو ما يجعل الجيل الحالي أمام مسؤولية كبيرة لا ينبغي أن يتهاون في أدائها.