hamda
hamda
أعمدة

ليلة النار

15 مارس 2020
15 مارس 2020

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

الصدفة البحتة هي التي قادتني لقراءة رواية ايريك ايمانويل سميث (ليلة النار) في هذه الفترة بالذات، التي باتت تطرح الكثير من الأسئلة حول (الإيمان) وماهيته، وتنهمر أسئلة الشباب علي حول (المعنى) الذي أجد شخصيا نفسي عاجزة عن الإجابة عليها، فأنا لا أملك الإجابة على كل الأسئلة، أمر يصعب شرحة لمن عنده معتقد بأننا ككتاب نعرف كل شيء، ولعلنا من ساهمنا في زرع هذا الاعتقاد فيهم، لأننا نتصرف كذلك من خلال كتاباتنا، غير مدركين أننا أيضا باحثون عن أجوبة لأسئلة تزداد أصواتها علوا في دواخلنا.

أخذت الرواية لأنني كنت أبحث عن (نزهة أدبية) تبعدني قليلا عن القراءات العميقة التي وجدت نفسي فيها الفترة الماضية، مدفوعة بالكلام من عرضها علي، عن جمال اللغة، وسحر الصحراء، وثقافة الطوارق، أخذت الرواية مؤملة نفسي باستراحة ذهنية، وهو ما حدث فعلا، فالرواية جميلة حقا، لغتها شاعرية، تغوص بنا في أعماق الصحراء الجزائرية، ونقاء وشهامة وكرم الطوارق، لكنها أيضا رحلة روحية عميقة جدا، لفيلسوف فرنسي ملحد، يجد نفسه يجر بدون قصد إلى حوارات عميقة عن الوجود، عندما يلتقي بمسيحية مؤمنة، تصر على مناقشته في الحادة، وفي المقابل، يرى نموذجا للجزائري المسلم البسيط، الذي يشع وجهه رضا وتسليما، والذي لا يوجد مكان للخوف في قلبه وهو يواجه مفاجئات الصحراء، والمجهول الذي تمثله بامتدادها الذي لا يبدو أن له نهاية.

يجد الكاتب أنه قد قطع كل تلك المسافات من فرنسا للجزائر، فقط ليجد الله في لحظة تيه في الصحراء، ضل طريقه فيها عن رفاقه، ليكتشف بأنه ما ضل ولكن تمت قيادته للقاء الله الذي أنكره طوال حياته.

طرح الكاتب كثير من الأسئلة الوجودية التي شغلت البشرية وما زالت، وكغيره تركها بدون إجابة، لأن كل منا عليه أن يطرح الأسئلة الخاصة به، ولأن ليس بالضرورة أن يكون لكل سؤال جواب يقنعنا، فالأجوبة التي تصل للقلب لا يقتنع بها العقل ببساطة، أحيانا كثيرة تظهر الأجوبة حولنا بوضوح، لكن لأننا نشأنا على التعقيد، لا ندرك أحيانا بأن أبسط الأشياء أصعبها.