ghada
ghada
أعمدة

الدرامـا السـورية... أكـثـر مـن ترفـيه!

13 مارس 2020
13 مارس 2020

غادة الأحمد -

احتلت الدراما السورية معظم ساعات البث الفضائي، لتصبح الدراما الأكثر متابعة من الجمهور العربي.

ولعل أكثر ما يميز الأعمال الدرامية التي تعرض على شاشات الفضائيات العربية محاولاتها الجادة والحقيقية في نقل صورة قد تبدو (طبق الأصل) عن المجتمع السوري دون رتوش أو تزويق أو مكياج!!!.

وتناولها لموضوعات اجتماعية ظلت على مدى سنوات ضمن (المسكوت عنه) مثل: «التشرد» و«النزوح» و«الاغتصاب» و«بيع الأعضاء» و«الجاسوسية» و«قضايا الشرف»، و«الزواج العرفي» وحياة «الكازينوهات» و«الخيانة الزوجية» والتي ظلت بعيدة عن المعالجات الدرامية طويلاً.

واستطاعت الدراما السورية أن تحقق معادلة النجاح لأعمالها من خلال: طرح موضوعات جادة وساخنة وحقيقية (الحرب ـ النزوح ـ الهجرة ـ تغير أخلاقيات المجتمع في ظل الحرب....) تحترم عقل المشاهد العربي وتنميه، ولا تنسى القالب الفني المحكم من كتابة نص وتمثيل وإخراج.

لعل الدراما السورية أرادت في أعمالها الأخيرة أن تقف إلى جانب الطبقات الشعبية المهمّشة ترصد حياتهم وخيباتهم وانكساراتهم وتسلط الضوء على أخلاقياتهم في ظل الحرب وما طرأ عليها من تبدل وتغيير وتتابع مصائرهم وإلى أين تذهب بهم الأحداث.

وأيّاً تكن الصورة التي قدمتها الدراما للمجتمع السوري. فإني أجدها صورة مقلقة وخطيرة تستدعي الانتباه الشديد من قبل الباحثين في علمي الاجتماع والنفس لدراسة هذه الحالات وتقديم تصوّر مبدئي للحلول إلى «من يهمه الأمر».

لقد كشفت الدراما السورية المستور، والمسكوت عنه، والمخبأ في زواريب الحارات والشوارع والعشوائيات وأضاءت ليل المدينة لتساهر الناس في بيوتهم، وأماكن سهرهم، وعملهم، في لوحات فنية وإنسانية غاية في الإتقان، ولتفتح الجرح على قضايا اجتماعية وأخلاقية، وقانونية تنتظر حلاً.

ولعل مسلسلات مثل «عناية مشددة» و«ضبوا الشناتي» و«سحابة صيف» و«زمن العار» و«عن الخوف والعزلة» و«قاع المدينة» و«قلوب صغيرة» و«خمسة ونص» و«الهيبة» و«طريق النحل» من أكثر المسلسلات التي لامست الوجع الإنساني والظلم الاجتماعي الذي وقع ويقع على شخصياتها؛ بلغة درامية واقعية، وبإخراج متميز لأهم المخرجين والمخرجات السوريين والسوريات، وأداء متميز لعمالقة الدراما السورية.

ونلحظ في الآونة الأخيرة تأثر جيل كامل بالأعمال الدرامية المتصلة بالبيئة الشامية، فقد انتشرت ظاهرة حمل «السلاح والخناجر» بين جموع الأطفال في العيد تيمناً بأبطال مسلسل «باب الحارة» مع ما يحتويه من مغالطات تاريخية، واجتماعية إلاّ أنه حقق أكبر متابعة جماهيرية ولعل السر يكمن في الإنتاج الذي لا يهمه تنمية الفكر بقدر ما يهمه الربح والتسويق.

إن دور الدراما اليوم تعدى الدور الترفيهي إلى الدور التربوي والمؤثر والمحفز لإحداث تغييرات جذرية في بنية المجتمع العربي وسلوكياته وأخلاقياته وهنا مكمن الخطر.

لذلك نرى أنه من الواجب الأخذ بيد صناع الدراما والمساهمة في الارتقاء بها، وتأمين هوامش أكبر من الحرية للخوض في دقائق الأمور ليكون الفن الحامل الحقيقي لأي تغيير يطال بنية المجتمع.

الدراما السورية.. قصيدة اجتماعية صادمة بجرأتها، وصادمة بواقعيتها، تنتظر قراءتها، وتحليل ما جاء فيها، لأن ما جاء فيها يبعث على الهلع!!!