salem-mahad
salem-mahad
أعمدة

حفاوة ناقصة

12 مارس 2020
12 مارس 2020

د. سالم بن محاد بن علي المعشني -

يا سيدي، حاولتُ مرارا إسعادكم؛ لولا الداخل الذي حرمني متعة الخارج ممن يتحينه العارفون بمزاجكم، ممن يتصيدونكم بدرا كمالا، عقب دجنة وملوحة، مؤمنون بعقيدتكم المذعورة من سماحة الفطرة السورية، تلك التي تفر من (كورونا العصر) فرار الشادن من الأسد!

فهل هي جناية كبرى، أو نكاية أخرى عندما يستحلب المقام الرفيع مدرارا يروق لحدقتيه المقعرتين من ضروع الملق؟!!. مرة واحدة في تاريخي الطويل حذقت علوم (الأتيكيه) كان ذلك قبل جفاف الزيف بسنوات، بعدها تضاعفت محنة حظي المنكوس، وحصد الفلاحَ أولئك الذين شيأوا كل ما يعرفون من أفكار وقيم وتركوا (رابعة) بجوار (عمر) يتواجدن ويشربان من عصائر الروح مالا تستطيبه أمعاء العصر.

كيف خذل الداخل الخارج ولم يترك للزيف البوار فسحة ليلطخ ملامح ما قبل التصنع؟! متى كانت الحفاوة ناقصة؟ هل تأصلت منذ سقط الحياء مغشيا عليه؟ كانت تلك الجناية الأولى بحسب الخبير الماهر بأدواء الكبراء.

حاذقٌ مهر سجل الزيارات بعدد لا يحصى من التوقيعات الحميمية، مستجلبا لكل زورة تقليعة من أرشيف التلوينات المستنبتة من أرقى الحدائق الاصطناعية، أملا في استدرار ضرع الحفاوة وإن كان «عسلا ناطفا كذبا مداهنا معسولا» مع استماحتي أبي فرات عذرا.

خسارتي إذن حفاوة ناقصة، استطالت جمودا وفترةً من طول الصدود، لقد خدعتني حكمة المتنبي: « وطول مقام المرءِ بالحيِّ مُخْلقٌ لدباجتيهِ فاغتربْ تتجدَّدِ... فإنِّي رأيتُ الشمسَ زيدتْ محبةً إلى الناسِ أنْ ليستْ عليهم بِسَرْمدِ». لم أعد أتذكر من زيارتي اليتيمة في الألفية الأولى سوى قليل من الجمل العابرة، تميل إلى الدعابة والمرح- ظاهرا- منها إن لم تخن الذاكرة:

«أراك تمشي الهوينا» عندها فزعت إلى أبي فرات: «ارحْ ركابك من أينٍ ومن عَثَرِ.. كفاكَ جيلانَ محمولا على خطرِ»

تجاسرتُ برهة وسرت كلمات أمير التصنع وزعيم المبتدعين في عروقي « وركبٍ كأطرافِ الأسنَّةِ عرَّسُوا على مثلها والليلُ تسطو غياهِبُه... لأمرٍ عليهم أن تتمُّ صدورهُ وليس عليهم أن تتمُّ عواقبُه» وما إن شرعتُ في رسم الصنعة لزيادة منسوب الحفاوة حتى تسمرت قدماي، وتقطعت أوصالي وحيالي عبدالله:

«أمامي غيوبٌ وسرٌّ رهيب ْ

وخلفي عذابٌ وماضٍ مريرْ

إلى أين أمضي و هل أنثني ؟

أمامي خطير ٌو خلفي خطير»

يا سيدي ما برحت الدواخل نواعما من وريف الظِّل، وجميل الطَّل، بينما فضحت الوجوه في دوائر الملق حيل الزيف، لقد تشققت أنوف بجوار أنوف وطابت محمية التجاعيد، وخسر من شيأََ الضمير استجابة للجسد. أتى في الوقت الضائع ببدعة أخرى مفادها: بأنه كائن قيمي، نسي بأنه خمسون عاما يرتع في مسارح البهيمية !!!! ماذا نقول له سوى: « قدك اتئب أربيت في الغلواء.. كم تعذلون وأنتم سجرائي « للناس أعين وأكباد، تنهنه قليلا عن المكان، الجسد لم يزل كعادته باليا، والروح لم تزل صادية في الصحراء.