مدينة سمهرم الأثرية تاريـخ عريـق ومينـــاء للبـــان

أدرجت في قائمة التراث العالمي عام 2000م -

تقع مدينة سمهرم في الجهة الشرقية لمدينة طاقة والتي تبعد حوالي 30كم عن مدينة صلالة بمحافظة ظفار، وتسمى المنطقة محلياً بخور روري، وهي المجرى الطبيعي لشلالات دربات الشهيرة في محافظة ظفار. وكان ميناء سمهرم من أهم الموانئ المشهورة في جنوب شرق الجزيرة العربية في تجارة اللبان منذ أقدم العصور التاريخية، وللتركيز على أهمية هذا الموقع الأثري تم يوم الاثنين الماضي افتتاح العرض المرئي «حركة الإنسان على أرض عُمان» بمتنزه سمهرم، والذي يدور حول تاريخ عُمان عبر العصور حتى العصر الحديث، وذلك بمؤثرات صوتية ومرئية جذابة، واستهدف العرض إلقاء الضوء على المواقع السياحية والأثرية الهامة في السلطنة.

ويتميز هذا المكان بعراقة تاريخية قديمة حيث عرف قديما بميناء موشكا، والذي تم ذكره في نصين يونانيين يعودان إلى الفترة ما بين القرن الأول والثاني الميلادي، ومما يروى عن شهرة الميناء وأهميته منذ القدم بأن جرار اللبان العُماني المتجهة إلى (بلقيس) ملكة سبأ كان يتم تحميلها من ميناء سمهرم، وقد تم من خلال التنقيبات الأثرية لمدينة سمهرم العثور على عدد من المخطوطات ومعبد قديم وقطع نقدية وأثرية تشير جميعها إلى أن المدينة كانت على صلة تاريخية وحضارية بالهند وبلاد ما بين النهرين وبلاد النيل، وكذلك اتضح أن المدينة بنيت بالحجر الجيري، وتميزت بفن معماري جميل ولها سور وعدة بوابات وأبراج مربعة.

كما تم الكشف عن خمسة نقوش حجرية كتبت بالأبجدية العربية الجنوبية، وهي تصف تأسيس المدينة التي بنيت لتأكيد السيطرة على تجارة اللبان، حيث اكتشفت من قبل ويندل فيليبس عام 1952م، واستكملت البعثة الإيطالية التنقيب عن آثارها - واكتشف فريق جيولوجي فرنسي عام 1988م آثار قديمة يعود تاريخها إلى 35 مليون سنة، وهي عبارة عن رسوبيات وأسنان حيوانات منقرضة، كما تم الكشف عن آثار معبد قديم شيد في وسط الجانب الشمالي من المدينة، وعثر على جدرانه الثلاثة وعلى مذبحين ونحت بارز لثور على أحد المذبحين، ومن المعثورات الأثرية الأخرى تمثال برونزي صغير لفتاة تعزف على الناي، وتمثال غير مكتمل لفتاة (أرخ) للقرن الثاني الميلادي، بالإضافة إلى مجموعة من القطع النقدية البرونزية وختم من البرونز يحمل سطرين من الكتابة باللغة القديمة.

كما تشير الشواهد من بعض الأدوات والعملة المعدنية والفخار إلى أن مدينة سمهرم كانت من إحدى المدن العربية التي تميزت خلال تلك الفترة التاريخية بعلاقات بحرية متينة مع مناطق البحر الأبيض المتوسط والهند ومنطقة الخليج، وقد تم تحديد الحقبة الزمنية للموقع ما بين القرن الرابع قبل الميلاد إلى القرن الخامس الميلادي.

وقد أدرج موقع سمهرم التاريخي في قائمة التراث العالمي منذ العام 2000م وتعتبر مدينة سمهرم إحدى المعالم التراثية والسياحية بمحافظة ظفار التي تحظى باهتمام السياح والزائرين للمحافظة مما دفع الجهات الحكومية المعنية إلى الاهتمام بهذا الموقع والسعي لإنشاء المرافق الخدمية اللازمة فيه.