رندة_صادق
رندة_صادق
أعمدة

عطر: التفاؤل في زمن الكورونـا

11 مارس 2020
11 مارس 2020

رندة صادق -

[email protected] -

حالة الهلع تعم الأرض، إنه الفيروس القاتل الذي ينتشر كالنار في الهشيم ويبالغ في زرع القلق في نفوس سكان الأرض أجمعين وكأن الأرض التي تعيش مرحلة الركود الاقتصادي والحروب العبثية ونزاعات ليس لها من سلطان وغضب يقابله غضب حيث استفحلت العنصرية والوحشية والعصبية كان ينقصها فيروس الكورونا الذي يسجل الخسائر في الأرواح وفي الاقتصاد.

إنه الفيروس الأكثر انتشارا ولكنه ليس الأكثر فتكا كما يروج له، أعداد كثيرة من الناس تموت يوميا بحوادث السير، بالسرطان، بأمراض الكبد والكلى وتموت الناس أحيانا بلا مقدمات، بما يعرف بالموت المفاجئ بسبب توقف القلب أو الدماغ، وأعداد كثيرة تموت لان أصحابها قرروا إنهاء حياتهم فينتحرون لأنهم ملوا الحياة والخوف منها فقرروا أن يتحدوا الموت الذي ينتظرهم في آخر المطاف فيحددون بأنفسهم الموعد الذي يناسبهم، كل ذلك من صلب الحياة ومن طبيعة تناقضاتها الغربية والتي تصيبنا بدهشة العجز وقصر الحيلة، لأننا كائنات في مهب الصدف مهما حاولنا تنظيم الفوضى من حولنا.

كل تلك الأسباب التي ذكرتها هي أمور نتقبلها حين تحدث ولا ننتظرها ولا تقتل أحلامنا، فنحن نحلم لننجو، لكن اليوم وفي زمن الكورونا من يجرؤ على التفاؤل؟

الإحصائيات غامضة وبعض الدول غير شفافة بحديثها عن عدد الإصابات، والعلم غير قادر بعد على فهم طبيعة الفيروس الجديد الذي يقولون إنه نوع طور نفسه من فيروس الإيبولا، تحليلات كثيرة نسمعها هنا وهناك، وقد انتشر في البداية أن أسبابه الخفافيش التي يأكلها الصينيون، ثم سمعنا تحليلات أخرى تنفي وأخرى تؤكد، ولكنها إلى الآن ليست دراسات علمية بحتة تقوم على براهين وأدلة مثبتة، هي ما زالت تضع الفرضيات وفرضيات تنفي فرضيات ويدورون في الحلقات المفرغة.

تاريخ البشرية مليء بالأوبئة التي انتشرت وحصدت ملايين البشر منها: الطاعون والكوليرا والحصبة والجدري والإنفلونزا وطبعا من أشهرها الطاعون، وكذلك ما عرف بالإنفلونزا الإسبانية التي ظهرت عام 1918 وبحسب المراجع «تعود هذه التسمية إلى انتشار تقارير هذا المرض في إسبانيا حيث شكك كثيرون في أن هذا الوباء نابع من إسبانيا ولقبوه بالإنفلونزا الإسبانية. إلى يومنا الحاضر لا تزال هنالك شكوك حول منبع هذا المرض حيث تحدثت بعض المصادر أن أول إصابة به قد سجلت على أراضي الولايات المتحدة الأمريكية بينما حدث البعض أن أول إصابة به ترجع إلى سنة 1917 بالنمسا، وأسفر وباء الإنفلونزا الإسبانية والذي واصل انتشاره إلى حدود شهر ديسمبر سنة 1920 عن وفاة ما بين ثلاثين وخمسين مليون نسمة. طبعا الواقع الطبي اليوم تطور وأصبح هناك إمكانية لتبادل المعلومات بين الدول ومع منظمة الصحة العالمية، والمشهد السوداوي هذا لا يجب أن يجعلنا نتخلى عن تفاؤلنا، الحياة جميلة، أجمل من أن نرهنها لمخاوفنا. في منطق القدرية لا نستطيع أن نغير من بعض الأمور التي تصبح واقعا قاسيا ومؤلما ولكنه حقيقي ولا يمكننا تجاهل يد الله عز وجل فيه.

الحيطة والوقاية والتفاؤل ثالوث لا يجب أن نتخلى عنه من وجهة نظري هم علاج المرحلة القادمة لسكان الأرض، لأن غالبا لن يتوقف انتشار الكورونا سريعا، كما انه لن يستمر إلى الأبد، هو مرحلة صعبة وأمر يبدو أنه خرج عن إرادة الإنسان، ولكنه يجتهد ويعمل ليعيد ضبطه والسيطرة عليه بكل قواه. وبالطبع أولا وأخيرا إرادة الله فوق الجميع، جرعة تفاؤل مع مقدار من الأمل والإيمان بالله سيجعلون هذه المرحلة تمر بأقل الأضرار.. حمى الله الجميع.