lama
lama
أعمدة

ذات: ما تدركه بقلبـك سيتحقق

11 مارس 2020
11 مارس 2020

لمى دعدوش -

[email protected] -

يعاملنا الله تعالى بلطفه الخفي، لا نرى له شكلاً ولا نسمع له صوتاً، ولكن قد ندركه إدراكاً قوياً عميقاً إن انتبهنا ووجّهنا حواسنا وقدراتنا إليه، وقد نستفتح هذا العطاء واللطف الربّاني فيتواجد ويتضاعف أكثر في حياتنا عندما نستفتح من الله عطاياه وفضله، هو قوّة روحيّة قلبيّة تجعل روحك مهيّأة لاستقبال رسائل الله تعالى الحسيّة والمعنويّة والماديّة، وتجعلك مهيأ للتعامل والتفاعل معها وإفساح الطريق لها لتفعل فعلها في حياتك. قد تكون حركتك النفسية معيار توازنك وفتحك ولطف الله بك، فتواصلك الداخلي مع ذاتك وحديثك مع نفسك عن نفسك وعن الحياة وعن الله وعن الناس وعن كل شيء يحدّد بكل دقّة ما يدخل إلى عالمك َمن عطايا وما يخرج منه، لعل أغلب الناس يتحدث عن نفسه (لا يتحدث معها) فيظل في دائرة أناه يدور فيها إمّا بنظرة دونيّة ضعيفة أو بتقديس ذاتي مغال، وكلاهما يبعده عن مبتغاه.

إن أردت عطاء الله فحدّث نفسك عن عطائه للجميع بدون استثناء، فتتصل بالعطاء الإلهي اللامحدود، لأن الكون متواصل بكل ذراته ومكوناته، فاتصال أفكارك بالعطاء والكرم الإلهي سيجعله يسري في دائرة حياتك ومجرياتها، وإن أردت الشفاء والرحمة والقرب واللطف والكرم فحدّث نفسك بهم كثيراً، فأنت بذلك تدعوهم للحضور إلى عالمك وواقعك، وقد قال الله تعالى: «إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح» فكل ما في بالِك َمن أفكار ومشاعر سيتجلى في أحداث حياتك وعلاقاتك بصورة مدهشة لم تخطر لك على بال، فعندما تراقب العطاء والخير، والجمال والكرم والمحبة واللطف ستكون أنت َعلى ترددها وإيقاعها فتتجلى في حياتك، وكذلك من يراقب ُالهموم والأحزان والقلق والخوف يصبح نكداً فظاً كئيباً لا يُؤنَس بقربه ولا مجالسته.

عندما تراقب الفرح والسكون والخير، أنت تتصل به ويسري فيك ويتحقق لك، وعندما تحدث نفسك عن اللطف والفتح الإلهي والوفرة ستراها بأم عينك داخلياً في ثباتك ويقينك وإخلاصك وخارجياً في تحققها المادي الملموس في حياتك. عندما نملك تلك الشفافية التي تجعلنا نرى ما لا يرى لندرك بعيون داخليّة ثاقبة أن الله معنا في كل شيء وكل وقت وكل موقف وكل لحظة، وأن معيته وأقداره وألطافه تلازمنا.

جميل أن تشعر أنك في معية الله يعلم ما بك وماذا تريد ثم يدفعك إليه بإلهام عابر، ثم تجد عونه بمعونة ربانية إلهية تأخذ بلُبِك َونفسك َكلها، فتفيض في قلبك مشاعر امتنان وحب وحمد وشكر.. على جميع ما وهب وأعطى وقدر وألهم .

حدّث نفسك عن ربك كثيراً فهو من لا يعجزه شيء، وتقرّب إليه بكلماته ومعانيه التي أرادك أن تعرفها وتدركها لتعيش في نعيمها وعطاياها، واعلم أن كل ما تراقبه وتدركه وتتفاعل معه شعورياً في قلبك يتجلى تماماً في عالمك.