1454424
1454424
المنوعات

رسوم قدماء المصريين حولت مقابرهم إلى متاحف فنية زاخرة باللوحات والرسوم

07 مارس 2020
07 مارس 2020

الأقصر «د.ب.أ»: يقول علماء المصريات إن قدماء المصريين عرفوا فن الرسم منذ أقدم العصور الحجرية، وأن منطقة النوبة جنوب مصر، وجد بها أقدم رسوم وصور خطها الإنسان قبيل آلاف السنين.

كما أن قدماء المصريين استعملوا الرسم أكثر مما استعمله أي شعب آخر، وحتى كتاباتهم كانت على شكل صور، واستعملوا الألوان بنسب كانت معروفة لديهم، وكانوا يمتلكون قدرة خاصة على رؤية الأشياء وتصويرها بأسلوب مخالف للقواعد المتوارثة، وقد ظهر هذا واضحا في رسوم « الأوستراكا «، التي كانت مادة رخيصة لرسم المناظر الخيالية، وفى النحت كان الرسامون، يرسمون لوحاتهم على ورق البردي، ثم ينقلونه بالنحت على جدران وأسقف وأعمدة المقابر والمعابد.

وقالت الدكتورة سمر محمد عباس، الأكاديمية بكلية الفنون الجميلة في مدينة الأقصر التاريخية بصعيد مصر، لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ )» إن فن الرسم في مصر القديمة ارتبط بالطبع برسوم أخرى وتشابك معها مثل فن النحت والتصوير والكتابة أيضا.»

واستخدم قدماء المصريين الرسم في عدة أغراض، مثل رسم الاستكشات التجريبية، التي كانت ترسم على قطع الأوستراكا وأوراق البردي، كدراسة تخطيطية للقيام بعمل فني ،وفى رسم استكشات يبدعها الفنان « للمزاج الخاص « مثل رسم منظر ضاحك أو هزلي، أو مشاهد من الحياة اليومية والعامة، أو تلك الرسوم التحضيرية التي كانت تُرسم للتحضير للقيام بعمل فني على جدران المقابر والمعابد، كالتصوير والنحت الغائر أو البارز.

وفي الرسوم الكاملة على الألواح وأوراق البردي، والقماش والخزف المطلي وأسطح القدور والأواني.

وكما تقول الدكتورة سمر محمد عباس، فإن بالنسبة لعصر ما قبل الأسرات في مصر القديمة، وجدت رسوم على الأواني، تدلنا على أن فن الرسم شهد تقدما في ذلك العصر، عن العصور التي سبقته، إذ وجدت صور لطيور وحيوانات ونباتات ورجال يتقاتلون ومراكب وأوانٍ فخارية مزخرفة، تدل جميعها على أنه جرى رسمها كأعمال فنية بحتة، أي أنهم مارسوا الفن من أجل الفن فقط، وأن تلك العصور شهدت معرفة الإنسان بالفنون منذ ذلك الزمن القديم.

وفي كتابه « صفحات مشرقة من تاريخ مصر القديمة «، يقول عالم المصريات ووزير الآثار المصري الأسبق، الدكتور محمد إبراهيم بكر، إن مقابر جبانة منف في محافظة الجيزة، وآثار رجال الدولة القديمة بأبي صير و وسقارة ودهشور، تُعد متاحف فنية زاخرة بالمصورات والرسوم الملونة التي تنقل لنا كل مظاهر الحياة في مصر القديمة، وتوضح لنا كيف تميز فن الرسم في مصر القديمة بملامح خاصة.

وذكر أن فن الرسم والتلوين بلغ أوجه في الدولة الوسطى، وأن طيبة - الأقصر حاليا وعاصمة مصر القديمة على مدار آلاف السنين - كانت مركزا للإبداع الفني، وأن جيوشا من العمال المهرة والفنانين، عسكروا بأعداد كبيرة في الجانب الغربي من طيبة، حيث أقيمت المعابد الضخمة ونحتت مقابر وادي الملوك ووادي الملكات، ومقابر رجال الدولة .

وقال المدير العام لمنطقة آثار الأقصر ومصر العليا، الدكتور محمد يحيى عويضة، لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) إن مقابر بني حسن في محافظة المنيا وسط صعيد مصر، تضم رسوما يُصَورُ فيها صاحب المقبرة في منزله ومع أفراد عائلته، وتارة أخرى يُصَورُ وهو يصطاد الطير والحيوان والأسماك، ومناظر لصاحب المقبرة وهو يتابع قيام العمال بقطع الأشجار وبناء القوارب، وغير ذلك من الأعمال اليومية كالزراعة وتربية الماضية.

وكذلك تسجل جدران تلك المقابر صورا لصاحب المقبرة محمولا على الأعناق، وهو يتابع ممارسة عماله لألعاب القوى والتمرينات البدنية المختلفة والرقص أيضا.

وقد كان ومازال فن الرسم في مصر القديمة، يحظى بإعجاب الكثيرين في مصر وخارجها، ومن المعروف أن المعابد والمقابر التي شيدها ملوك وملكات ونبلاء وأميرات مصر القديمة، في الجيزة والمنيا وأسيوط وسوهاج والأقصر والوادي الجديد وقنا والأقصر وأسوان في صعيد مصر، وفى الشرقية بدلتا بمصر، تجذب مئات الآلاف من السياح الذين يفدون لرؤية الرسوم التي تمتلئ بها تلك المعابد والمقابر، بالإضافة إلى عشرات الباحثين وعلماء المصريات، الذين يحرصون على دراسة تلك الرسوم منذ عقود طويلة وحتى اليوم.

ومن بين أبرز من اهتموا بتلك الـرسوم التـي تُزيٍنُ مـقابر ومعـابد قدماء المصــريين « وليم هـ . بيك « الذي كان يعمل أستاذا للفنون، بمعهد ديترويت للفنون في وسط مدينة ديترويت بولاية ميشيجان بالولايات المتحدة الأمريكية، و الذي اتخذ من العاصمة الإيطالية روما، مركزا لأعماله، والذي شارك في الكثير من الحفائر والاكتشافات الأثرية في دلتا مصر، وزار معظم المناطق الأثرية المصرية، حيث جمع مادة ضخمة من الصور التي التقطها من فوق جدران وأسقف وأعمدة معابد ومقابر قدماء المصريين، ولم يكتف بذلك، بل قام بزيارات للعديد من متاحف العالم التي تضم مقتنيات من الآثار المصرية القديمة، في إطار عمله كفنان متخصص في تصوير الآثار والتحف الأثرية منذ العام 1959.

وقد وضع « وليم هـ . بيك « كتابا حمل عنوان « فن الرسم عند قدماء المصريين «، قام خلاله بتحليل وعرض تطور تجربة الإنسان المصري القديم في سعيه نحو أسلوب فني مميز في الرسم، وتناول العلاقة بين الإنسان في مصر القديمة، وبين التشكيل الخطى والجمالي لفن الرسم الذي وصل لمشارف درامية في التعبير جعلت منه فنا رائداً ومميزاً بين الفنون الإنسانية عبر التاريخ.

يذكر أن فن الرسم في مصر القديمة كان يمارس وفق قوانين وقواعد صارمة تحدد النسب الفنية بين أعضاء الجسم البشري والأوضاع السليمة لإبراز كل جزء من أجزاء الجسم.

واستخدم الفنان المصري القديم في الرسم والتصوير أعواد الغاب ذات الأطراف المبرية، والفراجين الصغيرة المصنوعة من ليف النخيل، وألواح مزج الألوان المصنوعة من الأصداف البحرية، أو قطع الفخار المكسورة. وكانت الألوان لديه هي الأسود والأبيض والأحمر والأصفر والأزرق والأخضر ، وكانت تصنع من الكربون والجير وأكاسيد الحديد والفيانس.