أفكار وآراء

الشركات والحقوق الأساسية للمساهم

04 مارس 2020
04 مارس 2020

د. عبد القادر ورسمه غالب -

[email protected] -

المساهمون يملكون الشركة وهم زادها الأساسي في البقاء والاستمرارية طيلة فترتها. وقوانين الشركات التجارية تتناول العلاقة بين الشركة من جهة ومساهميها من الجهة الأخرى، وهناك العديد من الضوابط والأحكام واللوائح لضمان حين سير هذه العلاقة لمصلحة جميع الأطراف وكل المجتمع الذي تخدمه الشركات.

ولكن، مع مرور الزمن تبين أن هذه القوانين واللوائح التنفيذية ليست بالدرجة الكافية لضبط وحكم العلاقة بين الشركة والمساهم أو تطوير هذه العلاقة لتحقيق المصلحة المشتركة. ولسد هذه الفجوة أو الجفوة، طرأت الحاجة للبحث عن حلول عملية للحفاظ على العلاقة الأزلية بين الطرفين وتمتينها. ومن هذا، نبعت ضرورة الالتزام بضوابط الحوكمة التي يجب أن تضعها الشركات وتلتزم بها مع التطوير المناسب كلما ظهرت الحاجة.

ومن الضوابط الرئيسية في الحوكمة، أن يكفل إطار حوكمة الشركات ضمان حماية حقوق المساهمين في الشركة. وهذا الحق لكل مساهم، سواء كان يصنف مساهم كبير أو مساهم صغير أو بينهما. وبصفة عامة، فان الحقوق الأساسية للمساهمين يجب أن تشمل عدة حقوق نذكر منها مثلا، تأمين أساليب تسجيل الملكية للأسهم، تأمين سلامة نقل أو تحويل ملكية الأسهم، الحصول على المعلومات الخاصة بالشركة في الوقت المناسب وبصفة منتظمة ودائمة، تحقيق مشاركة المساهم في التصويت في كل الاجتماعات العامة للمساهمين، والحق في انتخاب أعضاء مجلس الإدارة للشركة، والحصول على حصص من أرباح الشركة بقدر مساهمته.

هذه النقاط تشكل المحور الرئيسي الذي يوضح ويحكم حقوق كل مساهم في الشركة ومهما كان مقدار مساهمته. وللمساهمين الحق في المشاركة التامة غير المنقوصة، وفي الحصول على معلومات كافية عن جميع القرارات المتصلة بالتغيرات الأساسية في الشركة، ومن بينها، التعديلات في النظام الأساسي أو في مواد تأسيس الشركة أو في غيرها من الوثائق الأساسية للشركة، أو عند طرح أسهم إضافية، أو عند القيام بأية تعاملات مالية غير عادية قد تسفر عن بيع الشركة أو انضمامها للغير أو تملكها أو التأثير على حقوقها المالية على المديين البعيد والقريب.

ولتحقيق القيام بهذه الحقوق والاستفادة منها، ينبغي أن تتاح للمساهمين فرصة المشاركة الفعالة والتصويت في الاجتماعات العامة للمساهمين، كما ينبغي إحاطتهم علما بالقواعد التي تحكم اجتماعات المساهمين، ومن بينها قواعد التصويت اذ يتعين الحرص على تزويد المساهمين بالمعلومات الكافية في التوقيت المناسب بشأن تواريخ وأماكن وجداول أعمال الاجتماعات العامة، بالإضافة إلى توفير المعلومات الكاملة في التوقيت الملائم بشأن المسائل التي يستهدف اتخاذ قرارات بشأنها خلال الاجتماعات. كما يجب إتاحة الفرصة للمساهمين لتوجيه أسئلة إلى مجلس الإدارة ولإضافة موضوعات إلى جداول أعمال الاجتماعات العامة، على أن توضع حدود معقولة لذلك. وينبغي أن يتمكن كل مساهم من التصويت بصفة شخصية أو بالإنابة، كما يجب أن يعطى نفس الوزن للأصوات المختلفة، سواء كانت حضورا أو بالإنابة.

ومن المسائل الهامة، طيلة فترة استمرار الشركة، أنه يتعين الإفصاح عن الهياكل والترتيبات الرأسمالية التي تمكن أعدادا معينة من المساهمين من ممارسة درجة من الرقابة لا تتناسب مع نسبة الملكية التي يملكونها. ولتحقيق هذا المبدأ، يجب السماح لأسواق الرقابة على الشركات بالعمل على نحو فعال ويتسم بالشفافية الكافية التي تمكن كل مساهم من العلم الكافي لاتخاذ قراره المناسب. كما يجب ضمان الصياغة الواضحة والإفصاح عن القواعد والإجراءات التي تحكم حيازة حقوق الرقابة على الشركات في أسواق رأس المال، وينطبق ذلك أيضًا على التعديلات غير العادية، مثل عمليات الاندماج وبيع نسب كبيرة من أصول الشركة، بحيث يتسنى للمستثمرين فهم حقوقهم والتعرف على المسارات المتاحة لهم كما أن التعاملات المالية ينبغي أن تجرى بأسعار مفصح عنها، وأن تتم في ظل ظروف عادلة يكون من شأنها حماية حقوق كافة المساهمين وفقًا لفئاتهم المختلفة. ولتحقيق العدالة يجب ألا تستخدم الآليات المضادة للاستحواذ لتحصين الإدارة التنفيذية ضد المساءلة. وينبغي أن يأخذ المساهمون، ومن بينهم المستثمرون المؤسسون، في الحسبان التكاليف والمنافع المقترنة بممارستهم لحقوقهم في التصويت.

هذه المسائل الهامة، يحب أن تجد المكان المناسب عند إعداد ضوابط الحوكمة للشركات. وبوجود هذه الضوابط، يجد المساهم حقوقه كاملة غير منقوصة، ويصبح من واجبه هو الالتزام بالعمل وفق هذه الحقوق والحرص على التمسك بها مع الآخرين في الشركة. وتوفير هذه الحقوق الهامة، يمكن المساهم من التعامل مع الشركة بكل ثقة واطمئنان وللدرجة التي تدفع الشركة للأمام بحثا عن التطور وتحقيق الأرباح التي تعود في نهاية الأمر للمساهم نفسه. والعطاء من الطرفين يضمن استمرارية الشركة وبقائها لفائدة المجتمع.