Abdullah
Abdullah
أعمدة

رمـــاد: إنجاز العمل

04 مارس 2020
04 مارس 2020

عبدالله بن محمد المعمري -

[email protected] -

كان يدرك أن أي عمل يقوم به هو بمثابة حب لذاته ولمن حوله، فعشق العمل لم يعرف حدودا في ظل ما كان يفعله لأجل أن يتقنه، أن يكون بارعا به، لا يرتجي من ذلك أجرا ولا جزاءً ممن يستفيدون من ذلك العمل.

يتعرض في كل مرة ينجز فيها عملا إلى طعنة في الظهر، لا يشعر كيف أو لماذا أو حتى ماهو الفعل الموازي لتلك الطعنة التي تلقاها، ما يشعر به هو ألم الطعنة المفاجئ في ظهره، فينزوي بعيدا ليعالجها، ويبقى أثرها على ظهره، ثم يعود من جديد ليُنجز عملا جديدا آخر.

بلا شك هو يدرك حقيقة ما يتعرض له من طعنات كل مرة، ولكن حبه لهذا العمل، وشغفه وجنونه به، ينسيه كل ذلك، ينسيه حتى الآثار التي تخلفها تلك الطعنات، والشعور المتولد في نفسه حين يطعن، لكنه يمضي، يكمل المشوار بعمل آخر، فما أعظم الأعمال التي نؤمن بها أكثر من جراحاتنا.

ذات مرة وبعد أن أنجز عمله، وتلقى طعنة في ظهره، وفي لحظة الانزواء المؤقت التي يعيشها، جعل يفكر، ويدخل في جدال مع عقله، الذي يحاول كسابق عهده في أن يبعده عن كهذا عمل يأتيه بالأذى، ويولد لديه القناعة بأن هنالك خللا فيما يفعل وإن كانت النوايا صادقة، ولكن النفوس التي تطعنه في الخلف مريضة، ربما بالحسد أو الغيرة، أو أنها اعتادت على جزاء الإنجاز بالإساءة. إلا أن العقل يخسر، وعشق العمل هو الفائز دائما .

لا يدرك من هم مثله أي عالم واقعي هم يعيشون فيه، ذلك أن لهم عالمهم الخاص، الذي هو في حقيقة الأمر هو العالم الحقيقي الذي يجب أن نكون عليه، مستنيرين في ذلك بالقاعدة الربانية لقوله تعالى «هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ»، فهم يرددون عبارات تجعل منهم مستمرين في الإنجاز دون توقف، صابرين من أن أجل أن تتحقق أحلامهم وتطبق أفكارهم برؤى تجعل من الواقع جميلا . فما أجمل العمل حين يكون بقلب يتحمل كل ما قد يؤذيه، وأما البشر فلا شيء يرضيهم، وإن رضي عن عملك البعض، فالبعض الآخر لن يعجبه ولن يرضى به، ولكأن ذلك سنة من سنن الله في هذا الكون.