شريفة_التوبية
شريفة_التوبية
أعمدة

وتر: لأجل عينيــها

04 مارس 2020
04 مارس 2020

شريفة بنت علي التوبية -

يقال إنه ترك كل شيء لأجل عينيها ونمش خديها، ترك الثروة والجاه والقصر والعائلة واللقب الملكي، ترك كل شيء لأنه أحبها ووجد الأمان معها، وعثر على سعادته في القرب منها، لقد أحبها ولا شيء أكثر من ذلك، ولأنه أدرك أنه لا يحتاج إلى شيء أكثر من الحب، وقد فعلها من قبل الملك إدوارد الثامن الذي تنازل عن العرش من أجل المرأة التي أحبها وكانت مطلّقة، فترك كل شيء لأن الدستور الملكي لا يسمح للملك العازب بالزواج من مطلقة، فقال وهو يعلن تنازله عن العرش والتاج «لقد وجدت أنه من المستحيل تحمّل العبء الثقيل من المسؤولية وأداء واجبات الملك دون مساعدة المرأة التي أحبها». وها هو قد فعلها هاري الابن الأصغر للأمير تشارلز حينما أحب الممثلة الأمريكية ذات الأصول الإفريقية ميجان وهي امرأة مطلقة أيضاً، وتزوجها، ليجسّدا الحب في أجمل صوره ومصداقيته، إنه اليقين الذي يجعلك لا تتخيل الحياة دون أن يكون من تحب فيها بجانبك، الحب الذي يجعلك مخلصاً لشخص واحد إلى درجة أن تظن بأنك مصاب بحالة من التوحد في زمن تتعدد فيه المغريات، إنها العاطفة الصادقة التي تجعلك لا تخون في زمن تفتح لك الدنيا كل أبوابها للخيانة، إنها العاطفة الحقيقية حين تؤمن بمن اختاره قلبك في زمن لا إيمان فيه ولا ثقة ولا يقين، العاطفة التي لا تأتي سوى مرة واحدة في العمر، ولا تتكرر مهما تكررت البدائل والوجوه.

لذلك احرص على انتقاء من سيرافقك الطريق، ومن سيكون معك، اختر من اختاره قلبك لتبني معه بيتك وعائلتك، ولو فعلتها ستجتاز الكثير من مصاعب الحياة، فالرفيق المحبّ يهوّن الصعب عليك، ويجمّل القبيح في عينيك، ويحرث الأرض لتكون سهلة تحت قدميك، وستجد دائماً يد حنونة تمسك بيدك في أحلك الأوقات بعمرك، وشمعة تحترق لتنير عتمة لياليك، وستعلم مع الأيام أن وردة عمرك ما كانت ستزهر في أرض قاحلة من المحبّة، وتذكّر أن لك حياة واحدة، فعشها بحب ومع من تحب، فالبيوت لا تبنى من الحجر والأسمنت بل تبنى بالمحبة والثقة، والأبناء لا يتربون تربية صحيحة إلا في بيت يملأه الحب بين الأم والأب، فإذا التقيت بحب عمرك ونصفك الآخر فتمسّك به، ولا تقبل أن تحيا مع نصف لا يكمّلك ولا تكمّله، وثق أن الإنسان أكثر ما يحتاج إليه ليعيش بصحة وسلام هو الحُب، ليكون قاعدة تُبني عليها جدران البيت وسقفه.