1451227
1451227
الاقتصادية

مؤتمر «التأمين الصحي» يبحث الرؤى المستقبلية لـرفـع كفـاءة الخدمـات الصـحيـة فـي السـلـطنـة

03 مارس 2020
03 مارس 2020

أكثر من 170 مليون ريال إجمالي الأقساط و490 ألفا المشمولون بالتأمين العام الماضي -

السلطنة على أعتاب البدء في تطبيق التأمين الصحي الإلزامي للعاملين في القطاع الخاص والوافدين المقيمين والزائرين -

كتب - نوح بن ياسر المعمري -

ناقش مؤتمر الشرق الأوسط للتأمين الصحي الذي تستضيفه الهيئة العامة لسوق المال، تطبيق نظام التأمين الصحي في السلطنة والاستثمار فيه للوصول إلى مستوى عالٍ من الخدمات الصحية في السلطنة والتي أصبحت ضرورة ملحة من النواحي الاقتصادية والاستثمارية والاجتماعية، كما ركز المؤتمر على نظام الترميز الطبي في السلطنة لإيجاد تسعيرة عادلة لتجاوز الإشكاليات المتعلقة بآليات المطالبات والسداد.

جاء مؤتمر الشرق الأوسط الدولي الثالث عشر للتأمين الصحي أمس برعاية معالي ناصر بن خميس الجشمي أمين عام وزارة المالية وبحضور عدد من أصحاب المعالي والسعادة والمسؤولين من الجهات المعنية ومشاركة دولية واسعة من العاملين والمهتمين بشأن تطوير الخدمات الصحية وشركات التأمين وإعادة التأمين بفندق كراون بلازا القرم.

وحمل المؤتمر عنوان «التحول الرقمي للتأمين الصحي، وفرصه الاستثمارية» والذي يعد من أهم المؤتمرات الإقليمية في مجال التأمين الصحي ويستقطب الكثير من المشاركين من مختلف دول العالم لعرض تجاربهم في هذا المجال، ويهدف المؤتمر إلى عرض تجربة السلطنة في مجال التأمين الصحي والجهود المبذولة لتطوير مستوى جودة الخدمات الصحية، بالإضافة إلى الاستفادة من التجارب العالمية والتقنيات الحديثة للتأمين الصحي، والوقوف على الرؤى المستقبلية لهذا القطاع.

ويهدف المؤتمر إلى الوقوف على الرؤى المستقبلية للـتأمين الصحي، إضافة إلى التعرف على الدور الرقابي والتنظيمي لضمان تقديم خدمات صحية ذات جودة عالية تعمل على تطوير سوق التأمين الصحي، والاستفادة من التقدم الهائل والمطّرد على المستويين المحلي والدولي في معايير الجودة وأمن المعلومات وخصوصية البيانات، والتعرف كذلك على نماذج وتجارب مارستها العديد من المنظمات والحكومات في مجال التأمين الصحي من خلال ما سيتم استعراضه من دروس مستفادة وتحديات تكون قد واجهت تطبيق نظام التأمين الصحي وبما يكفل ضبط تعاملات أطراف العلاقة وضمان حقوقهم بما في ذلك حملة الوثائق.

جدير بالذكر أن الهيئة تسعى إلى تنظيم حملة توعوية لمختلف شرائح المجتمع لتهيئته ورفع مستوى وعيه بآلية التعامل مع وثيقة التأمين الصحي الموحدة وكذلك الفائدة الاقتصادية والاجتماعية المنشودة لمشروع التأمين الصحي، إضافة إلى تطوير قدرات الكوادر البشرية وتنمية مهاراتهم في مختلف النواحي، وقريبا بإذن الله سندشن هذه الحملة التوعوية.

تطبيق التأمين الصحي الإلزامي

وقال سعادة عبدالله بن سالم السالمي الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال: تأتي أهمية هذا المؤتمر وتوقيته من جانبين، في أن السلطنة على أعتاب البدء في تطبيق مشروع التأمين الصحي الإلزامي على العاملين في القطاع الخاص والوافدين المقيمين في السلطنة والزائرين لها، والثاني أن التحول الرقمي بشكل عام أصبح مطلبا ملحا في جميع مناحي الحياة وفي التأمين الصحي هو أداة ووسيلة لتأمين صحي أكثر كفاءة وأعم نفعا.

من هذا المنطلق يأتي هذا المؤتمر ليسلّط الضوء على الممارسات والتجارب المختلفة الإقليمية والعالمية في مجال التأمين الصحي والأنظمة والتكنولوجيا المستعملة في إدارته والتي نأمل أن نتعلم منها ونستشرف الرؤى والتوجهات المستقبلية لهذا القطاع الواعد في ظل النمو الطبيعي والمطرد الذي يشهده القطاع في السلطنة، والجهود المشكورة المبذولة في سبيل تطوير مستوى جودة الخدمات الصحية والتأمينية.

وكما تعلمون فقد صدر في وقت سابق قرار مجلس الوزراء بتكليف الهيئة العامة لسوق المال بالتنسيق مع الجهات المعنية لإعداد اللوائح والتشريعات اللازمة لتطبيق نظام التأمين الصحي على العاملين في القطاع الخاص والوافدين المقيمين في السلطنة والزائرين لها.

ولقد انطلقت الهيئة العامة لسوق المال في تنفيذ توجيهات مجلس الوزراء من كون التأمين الصحي وسيلة لتمكين المستهدفين منه بالتمتع بالخدمات الصحية الضرورية كحاجة إنسانية، وليس باعتبار التأمين غاية في حد ذاته، لذلك حرصت الهيئة على وضع مجموعة من الأسس لضمان نجاح تطبيق المشروع بالشكل السليم، أهم هذه الأسس ضمان حق المؤمن عليه في الحصول على الخدمة الصحية المناسبة في المكان الذي يعمل أو يقيم فيه في محافظات السلطنة المختلفة، وفي الوقت نفسه العمل على الحد من تحميل أصحاب الأعمال والعاملين لديهم أعباء مالية إضافية عالية تكون لها تبعات على أصحاب الأعمال والقطاع الخاص.

ولم تدخر الهيئة جهدا بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة في سبيل اتخاذ جميع الخطوات الضرورية لتنفيذ المشروع من خلال خارطة طريق واضحة المعالم ومحددة الخطى والمخرجات، حددت الأطراف ذات العلاقة والجهات المعنية ودور كل منها في تنفيذ هذا المشروع الوطني الحيوي، وكان لتعاون وزارة الصحة والجهات الحكومية والخاصة الأثر البالغ الذي سهل المهمة ومكن من تحقيق الأهداف المرجوة.

نمو مطرد في قطاع التأمين

وأشار سعادته إلى أن قطاع التأمين الصحي في السلطنة شهد نموا مطردا وبمعدل سنوي بلغ 31% على مدى السنوات السبع الماضية وقبل التطبيق الإلزامي، وتجاوزت إجمالي أقساط التأمين الصحي الـ170 مليون ريال عماني لعام 2019م، متجاوزة بذلك تأمين المركبات الذي كان يحتل المقدمة قبل ذلك، للعام الثاني على التوالي. كما بلغ عدد المشمولين بالتأمين الصحي بنهاية العام الماضي 2019 حوالي 490 ألف شخص أي ما نسبته 10% من السكان، منهم نسبة كبيرة من الشرائح المستهدفة بالتأمين الإلزامي، الأمر الذي يؤكد حاجة السوق إلى هذا النوع من التأمين ومزيد من التوسع في الاستثمار فيه، وكما ذكرنا أن التأمين ليس غاية في حد ذاته وإنما هو وسيلة لتوفير الخدمات الصحية للجميع، فإن تطبيق التأمين الصحي الإلزامي سيواكبه دون شك مزيد من الاستثمارات في مجال الخدمات الصحية الخاصة كمًا ونوعًا وسيوفر فرص عمل مناسبة للكوادر البشرية وقيمة اقتصادية مضافة للاقتصاد الوطني.

وتحدث الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال على جاهزية البنية التشريعية لمشروع نظام التأمين الصحي (ضماني)، وقال: أصدرت الهيئة العامة لسوق المال عددا من الأدوات التنظيمية والتشريعية، من أبرزها إصدار نموذج الوثيقة الموحدة للتأمين الصحي، وذلك تمهيدًا لتطبيق المشروع على مراحل بحسب درجات الشركات، بحيث يتم البدء بالشركات العالمية والكبيرة والانتقال تدريجيا وصولا إلى فئات الشركات الأخرى، على ألا يتم الانتقال إلى المرحلة التالية إلا بعد قياس نتائج تطبيق المرحلة التي سبقتها وتحديد مدى نجاحها في تحقيق المستهدفات المرجوة، مع الأخذ في الاعتبار خصوصية فئة الشركات الصغيرة والمتوسطة والتي لن يشملها القرار في المراحل الأولية من التطبيق.

وتمثل الوثيقة الموحدة للتأمين الصحي الحد الأدنى من التغطية الصحية الأساسية المتوجب إتاحتها لجميع المنتفعين من مشروع التأمين الصحي، وتهدف الوثيقة إلى استرجاع السلامة البدنية للفرد، واستعادة مستويات الصحة المقبولة مهنيا له. كما أن هنالك قواعد التأمين الصحي، والتي تنظم بعض جوانب العلاقة التأمينية المتعلقة بتطبيق نظام التأمين الصحي في السلطنة، وتحدد متطلبات وشروط الحصول على التراخيص اللازمة لمزاولة نشاط التأمين الصحي، وطرق فض المنازعات المتعلقة به، بالإضافة إلى التزامات أطراف العلاقة التأمينية.

وتم تدشين قاعدة بيانات التأمين الصحي في شهر أغسطس من العام الماضي لتوفير البيانات والمعلومات للمهتمين بالقطاع ومساعدتهم في عمليات اتخاذ القرار وإعداد دراسات الجدوى وتشجيع الاستثمار في التأمين الصحي والقطاع الصحي الخاص، وتحتوي القاعدة على بيانات الشركات والعاملين في القطاع الخاص، وبيانات القطاع الصحي الخاص، إضافة إلى بيانات الزائرين للسلطنة عبر مختلف المنافذ الحدودية، ومؤشرات نمو أقساط التأمين الصحي. مشيرا سعادته إلى أنه من ذات المنطلق والاهتمام، ورغبة في توفير بيانات دقيقة وديناميكية وعادلة عن الممارسات المرتبطة بالتأمين الصحي ومطالباته، فقد طرحت الهيئة مناقصة لتطوير منصة «ضماني» الإلكترونية لتبادل وإدارة المعلومات والمطالبات، التي انتهت أعمال تحليلها مؤخرا وأسند العمل إلى شركة محلية مرتبطة بخبرات عالمية مختصة في مجالات الربط الإلكتروني لأنظمة التأمين الصحي ومعلوماتها وإدارة المطالبات التأمينية. كما يتوقع أن تتمكن المنصة بنهاية العام نفسه من ربط الجهات الحكومية ذات الصلة بمشروع التأمين الصحي، وشركات التأمين، ومقدمي الخدمات الصحية، مع بعضها لتبادل معاملات التأمين الصحي إلكترونيا.

وتعد منصة ضماني إحدى أهم الركائز الأساسية لنجاح تطبيق مشروع التأمين الصحي في السلطنة، نظرًا لما تحتويه من خواص ووظائف ستتمكن الهيئة من خلالها من الرقابة على معاملات التأمين الصحي، والحد من سوء الاستخدام للمنافع الصحية أو أي محاولات للاحتيال، كما أن المنصة ستمكن الجهات الرقابية من تتبع تحويل الأموال بين شركات التأمين ومقدمي الخدمة الصحية.

وبهذا تكون الهيئة وبتعاون الجهات ذات العلاقة قد استكملت كافة المتطلبات الأساسية للعمل بالتأمين الصحي الإلزامي ويبقى توقيت البدء الفعلي مرهونا بصدور التشريعات التي بموجبها يتم إلزام مؤسسات القطاع الخاص بالتأمين.

الانتهاء من التشريعات والتنظيمات ومراحل العمل -

ناقش المؤتمر في محاوره أهمية اتجاه السلطنة ممثلة بالجهات المعنية لتطبيق مشروع التأمين الصحي، والذي يعد حافزًا للعمانيين العاملين في القطاع الصحي وجذب الاستثمارات، كما أنه من الأسباب التي استدعت للتأمين الإلزامي تسجيل نسبة 45% من الوافدين داخل السلطنة من حجم عدد السكان، وقد عكفت الهيئة لإعداد مشروعات القوانين واللوائح اللازمة لتطبيق التأمين الصحي الإلزامي وتسليط الضوء على هذا النوع من التأمين والكيفية المثلى لإدارته للاستفادة منه في تطوير مستوى الخدمات الصحية، وقد انتهت الهيئة العامة لسوق المال كمرحلة أولى من التشريعات والتنظيمات اللازمة، حيث بات التأمين الصحي يمثل الحصة السوقية الأكبر من إجمالي المحفظة التأمينية ويأتي في المرتبة الأولى بعد تجاوزه لمحفظة تأمين المركبات، إذ بلغت نسبته 35% لعام 2019، مقارنة بـ33% في عام 2018.

واستعرضت المحاور الأخرى مشروع منصة ضماني الإلكترونية، والتي تمثل هذه المنصة العصب الرئيسي لمشروع ضماني إذ تعنى بربط كافة الجهات المعنية إلى جانب شركات التأمين والمؤسسات الصحية الخاصة، مما يساهم في تسهيل الإجراءات بين شركات التأمين والمؤسسات الصحية الخاصة والإشراف عليها من قبل الجهات المعنية.

وتطرق أيضا إلى عرض نظام الترميز الطبي في السلطنة والذي سيسهم في إيجاد تسعيرة عادلة، وتجاوز الإشكاليات الحالية المتعلقة بآليات المطالبات والسداد. وتناولت الحلقة النقاشية أيضا موضوع الاستثمار في قطاع التأمين الصحي وهذا النوع من التأمين يمكن الاستفادة منه في تطوير مستوى الخدمات الصحية والتي أصبحت ضرورة ملحة من النواحي الاقتصادية والاستثمارية والاجتماعية، وتعوّل الهيئة كثيرًا على دور مؤسسات التأمين في توفير منتجات تأمين مبتكرة ومتنوعة، وتقديم مزايا تنافسية وخيارات مختلفة وخدمات عالية الجودة تهدف إلى زيادة مظلة التأمين الصحي، وتلبية احتياجات السوق. وبوجود هذا الطلب يمكن أيضا أن يستجيب السوق ويقبل المستثمرون على الاستثمار في القطاع الصحي لتوفير الخدمات الصحية المناسبة لمقابلة هذا الطلب.