oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

عمان وثقافة السلام

29 فبراير 2020
29 فبراير 2020

المنهج العماني في ثقافة السلام مدرسة لحالها تحتاج إلى التأمل والتدبر لمعرفة كل أبعادها، هذه هي الفكرة الأساسية التي يمكن الخروج بها من خلال الندوة التي انعقدت ضمن فعاليات معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته الخامسة والعشرين، وهي جلسة حوارية عن «السلام في فكر السلطان الراحل قابوس - طيب الله ثراه -» حاضر فيها معالي يوسف بن علوي بن عبد الله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية.

لقد أشار ابن علوي إلى أن جلالة السلطان قابوس كان أمة وحكم أمة، وأنه هدية المولى عز وجل لأهل عمان، فخلال عهده انتقلت السلطنة إلى مصاف التقدم عبر رحلة من العمل والإخلاص والتفاني التي شارك فيها الجميع لأجل نهضة هذه البلاد، وكانت مسألة السلام وترسيخه سواء السلم الداخلي أو السلام الخارجي مع دول العالم، من المرتكزات المحورية في فكر السلطان الراحل.

وقد أكد جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- على أن القائد الراحل كان رجل الحكمة والسلام، وأن عمان سائرة على عهده، كما أن العالم كله يؤكد على أن ما تأسس لعمان في خمسة عقود إرث عظيم أصبح مضرب الأمثال في الهيئات الأممية ولدى الشعوب كافة، ما يعني أن هناك منهج تأسس في هذا الإطار يشار إليه بالبنان ويعرفه الداني والقاصي.

التأكيد على قيم السلام العمانية، يقود إلى تأمل التاريخ العماني منذ القدم وإلى اللحظة المعاصرة، وأن ما تحقق ويتحقق اليوم له جذوره البعيدة في تربة الأمس، فسيرة الشعوب والأمم هي خط متصل وما تجنيه اليوم تكون قد زرعته في الأمس، وهكذا تصبح صيرورة الكفاح والعمل لأجل المستقبل المشرق، باستلهام التجارب التاريخية الثرية وتطويعها عبر التواصل الحضاري والإنساني مع الزمن الحديث.

إن مفهوم السلام وقصته المشبعة بالمعاني تتطلب المزيد من المحاضرات والكتب التي تروي للأجيال المتعاقبة عن تجربة عظيمة تستحق تأملها بكل عمق، ولعل مثل هذه الندوات تقدم مفاتيح للقراءة وبسط المفاهيم التي يمكن الانطلاق منها للمزيد من القراءات واستبصار التجارب عبر التاريخ العماني القديم والحديث، وتقاطعات ذلك التاريخ مع التجربة الإنسانية بشكل عام.

لقد نسج السلطان قابوس -رحمه الله- رواية عظيمة عن السلام العماني، تأتي وتتعاظم ثمارها باستمرار، والآن مع عهد جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -أيده الله- نحن ماضون على الطريق والعهد إلى المزيد من الإنجازات على أرض الواقع إلى أن تصبح صورة عمان أكثر بهاء وإشراقا على المحيط الدولي والإنساني.

أخيرا فإنه من الصعب أن يتم تلخيص مجمل تاريخ كبير وعريض وثري، وتجربة إنسانية ليس ثمة حصر لبحرها الفياض، ما يعني أن ما نأخذه ونتعلم منه سيظل أطيافا من تلك التجربة الكبيرة، ومع كل مفهوم ومرتكز ومعنى جديد تتجدد لدينا الرغبة في المزيد من الاستكشاف.