1446902
1446902
عمان اليوم

حارة الرمل بعبري معلم تاريخي يجسد «عبقرية» المكان في الزمن العماني القديم

28 فبراير 2020
28 فبراير 2020

يعود تاريخ بنائها لأكثر من 300 عام وصممت بطريقة هندسية فريدة -

مرسوم سلطاني قرر صفة المنفعة العامة للحارة والأهالي ينتظرون تطوير المشروع -

عبري -‏ سعد الشندودي -

تعتبر حارة الرمل بولاية عبري واحدة من الحارات الأثرية والعريقة بالسلطنة ويعود تاريخ بنائها لأكثر من 300 عام وتم بناؤها بوسط مدينة عبري على سفح وتلال جبل الرمل وتمتاز بيوتها بأنها متجاورة ومتلاصقة مع بعضها البعض وتضم بين أروقتها الممرات والطرق الصغيرة، ويتميز نظام الهندسة المعمارية بالحارة بأن أغلب البيوت بها شرفات ونوافذ وأقواس مستوحاة من فن العمارة العربية والإسلامية، وكذلك أسقف المنازل عملت بجذوع النخيل وصبغت باللونين الأبيض والأحمر.

بل إن حارة الرمل العريقة بولاية عبري تعتبر معلما حضاريا تراثيا وسياحيا تجسد عراقة الوطن وفن البناء وبساطة الحياة وقناعة الناس في الماضي، بل هي تجسد البيئة الطبيعية وطراز حياة الإنسان العماني وعبقريتة في استخدام واستغلال خامات البيئة المحلية للسكن والراحة .

وقد كان لـ «عمان» وقفة بولاية عبري والتقينا بمجموعة من الأهالي وذلك لمعرفة أهمية حارة الرمل العريقة ومقترحاتهم وآرائهم من أجل تطوير الحارة لجعلها معلماً ومقصداً سياحياً وحضارياً.

أهمية الحارة

فيحدثنا في البداية الدكتور خليفة بن حارب اليعقوبي فيقول : تعد حارة الرمل بولاية عبري من الحارات العتيقة الموغلة في القدم ، وتعتبر المركز الشتوي لسكن الأهالي بالولاية في العصور السابقة وكان الأهالي يسكنون فيها خلال فصل الشتاء وذلك نظراً لتدني درجات الحرارة في المزارع ( النخيل)، كما أنها قريبة من فلج المفجور الذي يمد المنطقة المجاورة له بالمياه وتقع حارة الرمل بعد حارة الشريعة في الترتيب وفق مجرى ماء فلج المفجور.

ويضيف قائلاً : إن موقع حارة الرمل بولاية عبري يعتبر موقعا مميزا جداً ؛ وهي تقع على سفح الجبل مما يجعلها منطقة تصريف مائي طبيعية لا تحتفظ بالمياه، كما أن ارتفاعها مكّنها من استقبال أشعة الشمس دون معوقات، وكذلك العمارة فيها تقليدية؛ فقد بنيت البيوت في معظمها من الطين الذي يوفر الدفء خلال فصل الشتاء ، بالإضافة إلى ذلك نجدها حصينة بارتفاعها وشموخها .

ويختتم خليفة اليعقوبي حديثة قائلاً : إن حارة الرمل العريقة بولاية عبري بموقعها الحالي يمكن أن تكون مزاراً سياحياً جاذباً، ويمكن تطويرها لتصبح منطقة سياحية بحيث ترمم وتهيأ البيوت لتصبح مزارات سياحية ونزلا للسياح مع اقامة مطاعم تراثية، وعندها ستعود الحياة للحارة التاريخية وبذلك ستصبح مورداً اقتصادياً للولاية.

طريقة البناء والهندسة

وأما سعيد بن سالمين اليعقوبي فيقول : إن حارة الرمل تعتبر من الحارات القديمة بولاية عبري، وتتميز بخصوصية ليس لها نظير، وتقع على سفح جبل يسمى الشحشاح، نسبة إلى حصن الشحشاح أسفل الجبل، وقد بنيت بطريقة هندسية فريدة من نوعها، واغلب المنازل مبنية من الطين والصاروج والجص والحجارة، وتحفها النخيل والبساتين، وهي تمثل المدينة الأم في العصور السابقة (واحة عبري) ، وبها ثلاثة مساجد: مسجد سدرة الرمل، ومسجد الشريعة، ومسجد الحارة، يوجد بأعلى الجبل برجان، ومبنى قديم، وتوجد بها ممرات طبيعية، تصل من وإلى أعلى الجبل، يلتقي بالقرب منها واديا الروس (وادي الكبير) والصخبري، وكذلك تنساب بين جنباتها مياه فلجي المفجور والمبعوث، وبها كهف كبير يصل إلى الجانب الآخر للحارة قديماً، ويوجد بها سدرة عريقة عمرها أكثر من ٤٠٠ عام تقريباً، وتسمى (سدرة الرمل)، حيث كان البدو الرحل يبيتون تحتها، وبها أقدم مدرسة اسمها مدرسة الإصلاح وكان بها مدرسة تعليم القرآن الكريم بالقرب من مسجد الشريعة وبرجها القديم ، وكان يدرس بالمدرسة المغفور له علي بن سالم الغلابي .

زيارة الرحالة

ويضيف قائلاً : إن أهل حارة الرمل بولاية عبري كانوا يشتغلون بحرفتي الزراعة والرعي، كما زار الحارة العديد من الرحالة ونذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر، الرحالة الليفتنانت جيمس ريمون ويلستد، الذي زارها وولاية عبري خلال عام 1836م واعجب بها وأراد أن يرسم للولاية خريطة وذلك لما تتمتع به من طبيعة جميلة ، وجبال شاهقة ، وممرات فريدة وإعطاء صورة حية عن مدنها وسكانها ،إلا انه اضطر لقطع رحلته قبل أن ينجز مهمته بسبب ظروف طارئة.

ترميم الحارة

ويختتم سعيد اليعقوبي حديثة قائلاً : إننا نطالب ونناشد الجهات المعنية كوزارة التراث والثقافة بترميم حارة الرمل لما لها من اهمية تراثية وتاريخية ، وكذلك نناشد وزارة السياحة بالتخطيط لتكون الحارة معلماً ومقصداً سياحياً، والسماح في المستقبل للقطاع الخاص بعد ترميم الحارة بعمل نزل تراثية بالحارة ومطاعم ومقاهٍ تراثية لكي تخدم السياح .

معلم تراثي وسياحي

وأما سعيد بن حمد المنذري فيقول : إن حارة الرمل تعتبر واحدة من الحارات التاريخية والأثرية والعريقة بولاية عبري بل تعتبر معلماً تراثياً وسياحياً بالولاية .

ويضيف قائلاً : إننا نناشد الجهات المعنية بالسلطنة الاهتمام بحارة الرمل وترميم بيوتها ولذا نطالب وزارة التراث والثقافة التعاون مع وزارة السياحة بوضع خطة لكي تكون حارة الرمل بولاية عبري معلماً تراثياً وسياحياً في المستقبل .

ويختتم المنذري حديثة قائلاً : إن حارة الرمل بولاية عبري تمتاز بموقعها الجبلي وبيوتها التراثية العريقة؛ ولذا نطمح من الجهات المعنية القيام بترميم الحارة وعمل بها مطاعم أو مقاه تراثية ومحلات لبيع الفضيات والحلي في المستقبل، وكل هذا سيساعد على تنشيط الحركة السياحية بولاية عبري .