إشراقات

النظافة - الذوق الراقي

28 فبراير 2020
28 فبراير 2020

علي بن سعيد العلياني -

النظافة بما تحتويه من جمال يضفي على المكان بهاء ورونقاً خاصاً ويعطي مسحة من الألف المتنامي الذي يعني استمرارية الحياة بكامل بهائها والاستمرارية في العطاء والبهجة بالنسبة للأشخاص وكل هذه المعطيات الرائعة مصدرها الذوق السليم الذي ينظر إلى الحياة بمنظار يخلو من الكآبة والقلق ويتسامى بالنفس إلى الدرجات العالية من الإنسانية التي تعتمد مبدأ العيش في جو مفعم بالأمل والحيوية والعطاء.

فالنظافة ذوق راق عندما تكون محبا لكل ما يبعث البهجة والسرور من منطلق أن يكون كل ما حولك مرتبا أنيقا يكتسي بألوان زاهية تنفتح لها النفس وتكون خالية من كل الشوائب والمعطيات غير الجميلة.

النظافة ذوق راق عندما تتكامل كل أركان البيئة من ناحية التناسق والصفاء من خلال إبعاد كل المعطيات السلبية التي تجلب الضيق والكدر والأمراض وهذا لا يتأتى إلا باعتماد النظافة كأساس مهم من أسس حياتنا العملية.

النظافة ذوق راق عندما تمتلك الحس المرهف الذي يؤهلك أن تمتلك عينين تبصران الجمال في كل بقعة وزاوية من خلال تحريك النفس والعطاء في هذا الجانب عطاء ينم عن تحمل المسؤولية تجاه الوطن والمجتمع الذي نعيش فيه.

النظافة ذوق راق لأنها رمز التحضر والتقدم ورمز الأناقة التي تأسر الألباب وتأخذ بمجامع القلوب لتجد كل ما حولك ومن حولك يشيرون إليك بالبنان ويقدمون لك صنوف الاحترام والتقدير بنفس مشرقة وقلوب محبة لأن الفطرة السوية تمقت كل ما يؤدي إلى تخلي الإنسان عن هيئته الجميلة وخلقته السوية، فالنفس جبلت على حب كل ما هو جميل ومرتب وتنفر من كل ما هو مقزز وغير مرتب ولا نظيف.

النظافة ذوق راق عندما يتعلق الأمر بأنه ليس لديك خيار ثان حتى تعيش مع من حولك في محبة ووئام وانسجام من خلال التزامك بكل معايير الإنسانية الراقية وبالتالي خيار التزام خط النظافة هو الذي يوصلك إلى بر الأمان في هذه الحالة.

النظافة ذوق راق فأنت تحب كل إنسان نظيف مرتب زكي الرائحة وتنفر من كل إنسان غير نظيف نتن الرائحة، لأن فطرتك الطبيعية هي التي تحكم، وبالتالي لا تغيير في نواميس وقوانين هذا الكون إلى أن تقوم الساعة. وهنا كان لزاماً علينا الوقوف في مربع الذوق العالي والفطرة السليمة السوية دون تردد أو نقاش أو جدال.

النظافة ذوق راق، عندما تذهب إلى أي مكان وتجده نظيفاً مما يدفع نفسك إلى الرضا والسعادة ونسيان كل ضيق وكدر. وهنا تظهر الأهمية القصوى للنظافة من حيث إظهار رقي الشخص وثقافته ونظرته الثاقبة من خلال التعامل مع الواقع بكل إيجابية.

النظافة ذوق راق، فأنت أيها الإنسان سيد الكون وخلقت لتكون مميزاً في كل خطواتك ومراحل حياتك وأخذك وعطائك في هذه الحياة وبالتالي يجب أن لا ترضى بأي خدش في جدار ذوقك الرفيع وثقافتك العالية، ويجب أن تدرك أنك أمام مسؤولية أنت أهل لها وخوض غمارها دون تردد أو تفكير يضيع عليك الوصول إلى القمة وأداء دورك كما يجب.

النظافة ذوق راق، فإن الرقي هو عنوان كل إنسان مجد متفاعل مع محيطه بكل حواسه من خلال فطرته السليمة فهو ينظر إلى الحياة من خلال سعيه لتحقيق الأهداف العظيمة والأماني الجميلة وهذا السعي لا يكتمل إلا باكتمال جميع الجوانب وتكامل كل الأركان، فبدون العناية بالنظافة أينما حللنا وارتحلنا لن نحقق أهدافنا ولن نصل إلى مبتغانا لأن عدم الاهتمام بالنظافة يؤدي إلى إيجاد ثغرات واختلالات بيئية تعيق كل الخطوات التي تؤدي إلى الرقي والازدهار والتقدم.

النظافة ذوق راق، يبعد عنا شبح حياة الفوضوية واللامبالاة ويزيح عن كاهلنا كل عناء بسبب المطبات الناتجة عن الإهمال والتراخي تجاه بيئتنا التي تنادي وتستغيث وتستجدي أن ننقذها من براثن القاذورات وأن نعتقها من عبودية الحشرات الضارة والجراثيم والبكتيريا.

النظافة ذوق راق، فأنت تعيش في وسط تنتظر منه الكثير والكثير في مسألة التخلص نهائياً من كل المناظر والمظاهر غير المرغوبة والتي تنفر منها النفس، وبما أنك جزء من هذا النسيج المترابط عليك أن تقوم بمسؤوليتك في هذا الجانب خير قيام من خلال العمل والعطاء دون كلل أو ملل.

النظافة ذوق راق، فإن الحق تبارك وتعالى عندما قال: (خذوا زينتكم عند كل مسجد) فإنه يشير وبشكل مباشر إلى أن نكون في صورة جميلة تقبلها النفوس وتألف وجودها بل وتبتهج لمقدمها، هذه الصورة التي عبر عنها الحق تبارك وتعالى بقوله: (خذوا زينتكم)، والزينة هي كل ما يتزين به الإنسان من ملبس نظيف وبدن طاهر من كل النجاسات وبالتالي فإن ديننا هو دين الذوق الراقي الذي يحثنا على السير في هذا الطريق دون تراجع.

النظافة ذوق راق، عندما يأتي الأمر النبوي بأن كل من أكل ثوماً أو بصلاً فلا يقربن مصلانا، ومع وجوب صلاة الجماعة فإنه يشير إلى أن الروائح النفاذة غير المحببة هي مصدر إزعاج للآخرين وبالتالي صلاتك هنا في جماعة ومع وجود احتمال إلحاق الأذى بالآخرين ممنوعة فلا يقربن لأن الرائحة هنا تسبب النفور والأذى والتقزز. الرائحة على أنها رائحة فقط إلا أنها تؤذي نفسياً، إذاً هي سبب كاف للابتعاد وعدم القرب حتى يزول هذا السبب الطارئ وهذا هو أمر نبوي قاطع أن لا نتناول أي طعام ولو كان حلالاً ما دام يحتوي على رائحة تؤذي الآخرين، فالهدف من الصلاة هو الاجتماع على الخير والمودة والمحبة والتآلف، ورائحة البصل والثوم كافيتان للقضاء على التقارب بل يساعدان على النفور والتقزز وربما النفور الدائم المبني على معطيات طارئة لكنها تترك أثراً كبيراً في النفس.