1415575
1415575
مرايا

د. يوسف الملا: انتبه لهذه الأعراض لأنها قد تعني أن طفلك مصاب بـ«البانداس»

26 فبراير 2020
26 فبراير 2020

واحد من كل 200 طفل يتأثر بهذه المتلازمة النادرة -

(قبل عام، تلقيت مكالمة من صديق لي ليقول إنه قلق من أن ابنه الذي أصيب بالحمى كان يتصرف تصرفات غير طبيعية وغير معتادة، على الرغم من أنني لست طبيب أطفال، ذهبت لرؤية الطفل البالغ من العمر ثماني سنوات، وكانت الأعراض للأسف مشابهة لأعراض اضطراب الوسواس القهري. وكان الطفل حسب والديه، يغسل يديه عدة مرات ويقوم بتغيير ملابسه بشكل متكرر في نفس الوقت) ولكن في الحقيقة هذه هي أعراض اختلالات المناعة الذاتية النفسية والعصبية المصاحبة لعدوى البكتيريا الكروية السبحية في الأطفال، والمعروفه طبيا لنا باختصار بإسم (بانداس) وهي رد فعل المناعة الذاتية لمحاربة العدوى.

من هذا الموقف بدأ الطبيب بوزارة الصحة د. يوسف بن علي الملا التحدث عن هذا المرض الذي يتشابه في أعراضه مع أمراض أخرى أكثر شيوعا عند الناس، حيث أسرد موضحا: يتمثل الأمر في أنَ الأجسام المضادة التي يصنعها الجسم لمكافحة الالتهابات، مثل التهاب الحلق أو الحمى تجد طريقها إلى العقد القاعدية للدماغ، ويالتالي يهاجم عن طريق الخطأ العقد الدماغية القاعدية، وهو الجزء الذي ينظم التحكم الحركي الطوعي، وعادات التعلم الإجرائية، والوظائف المعرفية والعاطفية. بمعنى آخر تلك الأجسام المضادة ينظر إليها من قبل الجهاز المناعي نفسه كجزيئات غريبة ويحاول إزالتها، وللأسف في هذه العملية يصبح الدماغ ملتهبا وتسبب مجموعة من الاضطرابات العصبية والنفسية.

وأضاف: الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أن «البانداس»، موجودة عادة في الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 10 سنوات. ووفقا لبحث «شبكة بانداس» يتأثر واحد من كل 200 طفل بهذه المتلازمة النادرة. بتعبير أدق ، يبدأ المرض بعدوى البكتيريا التي لم يتم علاجها في الوقت المناسب مع المضادات الحيوية، وهنا يجب أن ندرك أن إصابة طفل بمتلازمة (بانداس) يمكن ان تكون مرهقة للغاية للوالدين، لأنه يميل إلى أن يأتي دون سابق إنذار وعلى مدى بضعة أيام، وقد يلاحظ الوالدان التغيرات السلوكية مع عدم وجود سبب واضح لها، ويضاف إلى هذا التحدي حقيقة انه لا يوجد اختبار حقيقي واحد للتشخيص، ومن هنا جاء وضع معايير تشخيصية من المهم بمكان أن يكون مقدم الرعاية الصحية على إلمام بها، ومن المهم أيضا التأكد من استيفاء هذه المعايير قبل تشخيص متلازمة (بانداس).

الأعراض

لذا يجب أن يتم الانتباه إلى أن أي طفل يصاب على سبيل المثال، بالتهاب الجيوب الأنفية، أو التهاب الأذن إضافة الى التهاب الحلق، فهو بحاجة إلى اختبار بكتيري لتحديد ما إذا كان ينبغي وصف المضادات الحيوية. وبالنظر الى الدراسات المتعددة في ذات الموضوع، فان هذه الدراسات خلصت في الغالب إلى أن التأخير في التشخيص والعلاج الصحيح يمكن أن يؤدي إلى أن تصبح اختلالات (بانداس) لا يوجد لها شفاء نهائي .

وهنا قد يتساءل أحد الوالدين، أو يتبادر لأذهاننا ماذا لو أن الطفل قد اصيب سابقا بالتهاب الحلق البكتيري، أو أنه أصلا مصاب باضطراب الوسواس القهري أو التشنج اللإرادي، فهل هذا يعني أنه مصاب بمتلازمة (بانداس)؟!

طبعا الإجابة لا، وذلك لأن عدد من الأطفال لديهم الوسواس القهري أو التشنج اللإرادي، أو كليهما، وتقريبا جميع الأطفال في سن المدرسة قد أصيبوا ببكتيريا الحلق في مرحلة ما، وأشار أيضا إلى أن متوسط اصابة الطالب في الصف الدراسي يكون اثنين أو ثلاثة التهابات ببكتريا الحلق كل عام. لذا تعتبر متلازمة (البانداس) تشخيصا عندما تكون هناك علاقة وثيقة جدا بين البداية المفاجئة أو أعراض تفاقم الوسواس القهري مثلا وعدوى بكتريا العقديات، فإذا تم العثور على بكتيريا بالاقتران مع اثنين أو ثلاث نوبات من الوسواس القهري أو التشنجات العضليه اللا إرادية أو كليهما، هنا نستطيع القول بأن الطفل قد أصيب بمتلازمة (البانداس).

لذا إذا كانت الأعراض موجودة لأكثر من أسبوع، يمكن إجراء اختبارات الدم لتوثيق عدوى العقديات البكتيرية السابقة، وإجراء هذا الاختبار مفيد لمتابعة ذلك. (anti-strep antibody titer).

أفضل علاج

كما أنه من الجيد التنبيه الى أن أفضل علاج لأعراض متلازمة (البانداس) الحادة ،هو علاج العدوى البكتيرية المسببة للأعراض اذا كان لا يزال موجودا مع المضادات الحيوية، ومن ثم أخذ مسحة مخبرية من الحلق أو الحنجرة وذلك لتوثيق وجود البكتريا، فإذا كانت تلك العينة أكَدت وجود البكتريا، فإعطاء الطفل للمضاد الحيوي مهم للتخلص من البكتريا المسببة، وللسماح لأعراض متلازمة (البانداس) لتهدأ.

وأضاف: بلا شك أعراض اضطراب الوسواس القهري أو اضطراب التشنجات اللإرادية يمكن تهدئتها ومعالجتها باستخدام الأدوية القياسية لهكذا اضطراب، ولكن ما أن يصاب الطفل مرة أخرى بعدوى بكتيرية، هذا سيؤدي الى تحفيز وعودة أعراض اختلالات بانداس، لكن هنالك علاج آخر أكثر تأثيرا، بحيث يتم إزالة البلازما من الدم واستبدالها بالبلازما من أشخاص آخرين، والذي يجعل علاج مرض أو اختلالات (بانداس) خاملة، لكن اذا ما صادف مستقبلا حدوث التهاب البكتريا الكروية السبحية وأصاب الطفل ولم يتم علاجه بشكل فوري، فإن اختلالات (بانداس) العصبية والنفسية تعود بكامل ضراوتها وشدَتها.

وهنا يشير د. يوسف إلى قدر التحديات التي يواجهها الوالدان، خاصة عندما يواجهون تشخيصًا مبدئيا بأن الطفل قد يكون يعاني من اضطراب نفسي أو أنه مصاب بالتوحُد وهو ليس كذلك. وهنا بالنسبة للعديد من الأطباء الأعراض تبدو مثل الحالات الأخرى، والتي توجد بالفعل لها إرشادات معينة للتشخيص وللعلاج.

لذا يرى د. يوسف الملا أن هذا الأمر بالغ الأهمية، وتجدر متابعته والبحث فيه بدراسات مستفيضة، خاصة وأن هناك أبحاثا طبية أكدت أن هناك أطفالا انتهى بهم الأمر في مؤسسات الطب النفسي كنتيجة للعديد من الأعراض المرتبطة باختلالات البانداس تم فهمها وتشخيصها على أنها علامات على وجود اضطرابات طبية أو نفسية أخرى. ومع ذلك، فإن الأبحاث الأولية التي أجريت مؤخرًا تظهر علامة وراثية تسبب اختلالات (بانداس)، والذي يبدو أنه شكل فريد من أشكال التهاب الدماغ.

وبالتالي، ان ظهرت على طفلك أعراض كالحمى، وفي غضون أيام قليلة ظهرت وبشكل مفاجئ أعراض مرتبطة باضطراب الوسواس القهري، أو بدأ يعاني من قلة الشهية أو عدم تناول طعامه مع القلق، وتغير مفاجئ في مزاجه أو أعراض الاكتئاب، فهنا احتمالية اصابته باختلالات البانداس أصبحت واردة.

في نهاية الأمر، يرى د. يوسف الملا أننا بحاجة الى زيادة الوعي حول اختلالات (بانداس) في المجتمع وكذلك بين الأطباء، خاصة وأنها ليست حالة نادرة، ولكن بالأحرى هي نادرا ما يتم تشخيصها، وقد تحتاج الى المزيد من الأبحاث بشأنها.