1442999
1442999
المنوعات

«توابيت ملكية» خمسة نصوص مسرحية غنية بالدلالات للكاتبة تحية الرواحي

23 فبراير 2020
23 فبراير 2020

تسعى الكاتبة العُمانية تحية الرواحي إلى تنويع مقارباتها لمجموعة من الهموم الإنسانية في نصوصها المسرحية «توابيت ملكيّة» الصادرة عن الجمعية العمانية للكُتّاب والأدباء، بالتعاون مع «الآن ناشرون وموزعون» في الأردن.

هي خمس مسرحيات ذات موضوعات اجتماعية وإنسانية وفلسفية وتعليمية، بعضها فاز في مسابقات المنتدى الأدبي، ونفِّذ على خشبة المسرح، وحصلت على جوائز في المهرجانات المسرحية أيضا خلال الفترة(2004-2012 )، وهي: مكبّ النفايات، والقيد، والمهمة، وتوابيت ملكية، ومسرحية الأطفال البلورة.

جاءت المجموعة في مائة وعشر صفحات من القطع المتوسط. وطرقت نصوصها الخمسة مواضيع متعددة، ففي «مكب نفايات» بدت شخصية الزبال غير مبالية إزاء الأحداث التي ألمت بالمدينة بعد أن امتلأت المكبات بالنفايات، وغرقت المدينة بعد ذلك في القذارة نتيجة سوء الإدارة وتهرب المسؤولين من أداء مسؤولياتهم. بينما حفلت مسرحية «القيد» بالحوار المأساوي بين شخصياتها، واستلهمت معاناة المهاجرين، لا سيما في فترة الثورات العربية، لترسم واقعا يبعث على الأسف، ويعرّي الواقع الإنساني الذي سقط سقوطا أخلاقياً وإنسانياً أمام معاناة هؤلاء المهاجرين الذين لا حول لهم ولا قوة.

وفي مسرحية «المهمة» يكتنف الغموض المشهد الحواري بين مجرمين (رجل وامرأة) ورجلي أمن، ثم يلامس مكامن الضعف الإنساني، حين يؤْثر صاحب الواجب سلامته الشخصية على القيام بدوره في حماية مجتمعه وأداء أمانته بإخلاص. أما «توابيت ملكية» فبحثت فيها الزوجة عن زوجها وسط الجثث وفي متاحف الملوك، لتخرج المسرحية بمجموعة من الإسقاطات التي تمس واقعنا الاجتماعي والسياسي المعاصر. وخاطبت مسرحية «البلورة» الأطفال على لسان أمير البنان ومجموعة الأقزام، محاولة أن تزرع فيهم قيم العدالة والمحبة والاستقلالية.

تقول العجوز في «القيد» مجسدة عمق المأساة: «اليوم لا يُسأل الذاهبون عن أعمارهم، ولا تُسأل الأرض عن أولادها، ولا يُسأل العابثون بالحياة عن عبثهم. أتدرون لماذا؟ لأننا نحن وأنتم (مشيرة للجمهور) وهم (مشيرة إلى المصلوبين والأم) ما زال يسكننا الخوف، ونخشى أن نرفع أيادينا إلى الشمس. وعلقنا بالأرض، أخفينا كل ما أرادونا أن نخفيه، ورفعنا الأيادي معلنين بداية التصفيق. صفّقوا، صفّقوا لتنجح مهزلة أخرى».

وفي نفس المسرحية تخاطب الأم رضيعها الذي فقدته في مشهد الدمار والهجرة، بأبيات للشاعر العراقي عبد الوهاب البياتي قائلة:

ولدي الحبيب ناديت باسمك والجليد

كالليل يهبط فوق رأسي، كالضباب

كعيون أمك في وداعي كالمغيب

ناديت باسمك في مهب الريح

فجاوبني الصدى: «ولدي الحبيب»

والقاتلون يحصون أنفاسي،

وفي وطني المعذب يسجنون آباء إخوتك الصغار

ويبشرون بالعلم الحر البعيد

وأنت لا لا تجيب.

ومن أجواء المسرحيات:

«... واجبهم يدفعهم إلى ذلك؛ فمثلما يتوجب على الراعي أن يجرّ القطيع إلى العشب، يتوجب عليهم جرّ معدتي الخاوية إلى قوت ما. أنا لا أستحي أبداً من تشبيهي بالنعجة. النعاج يا جمهوري الجميل كائنات وديعة وساذجة وتحصل على طعامها بدون عناء. وأنا نعجة جائعة. وهم، من هم؟؟ لا تسألوا. على رِسلِكم؛ سيتضح لكم كل شيء فيما بعد.

المهم أنه كما أخبرتكم سلفاً؛ واجبهم أن يتركوا لي طعاماً. قلت واجبهم (بصوت منخفض) و.. ا.. جبهم.. هم.. هوووس.. اخفضوا أصواتكم وانتبهوا؛ فهؤلاء الرعاع لا يمتلك أحد منهم جزءاً ضئيلاً من الإنسانية.. مهمتهم تنتهي بإنجاز الواجب، وواجبي تجاه نفسي يحتّم عليَّ أن آكل شيئاً، أيّ شيء. المهم أن آكل فأنا جائع جداً وبطني المسكين يصدر أصواته المعتادة، أصواتاً لا تنتهي إلا إذا أكلت بالطبع، وبعدها بلا شك سأنظف المكان، لكنني لـن أنظف ما دام الجوع يزعج معدتي، لن أمسح ولا ذرة غبار واحدة».

مسرحية: «مكب النفايات»

«...اصرخ.. اصرخ.. اصرخ بصوت أعلى، فلعل الصراخ يوقظ العيون النائمة، أو لعل الزمن يبعث الحياة من جديد في القلوب التي وهنت..»

«...نم يا صغيري نم، فمن يمت لا يستطع الصراخ. ولا جدوى لصراخ حين لا ضرورة.. نم قليلا يا بني نم. هذه الطائرات التي لا تتوقف عن القصف تتعهد براعم الخوف فينا. تجاهلها ونم.. نم في طريق النحل، نم ودعني أغفو قليلا.. نم قبل أن تسقط القذائف على قفص الحمام. اضطجع على درجات هذا المهد ونم. نم قليلا.. نم قليلا.. نم..».