1439774
1439774
المنوعات

رواق عالية الفارسية للفنون .. مساحة فنية ضخمة ومستودع للفن

19 فبراير 2020
19 فبراير 2020

كتبت - بشاير السليمية -

يشعر الداخل لرواق عالية الفارسية للفنون أنه أمام متاهة فنية ضخمة. سقف أسود عال، وأعمدة مستطيلة ومربعة بيضاء، وأرض رمادية ملساء تحمل انعكاسًا للوحات المعلقة بصورة مموهة، وعلى الرغم مما يحيط بالرواق من الخارج من شركات صناعية إلا أن المكان في الداخل يكسر الصخب بهدوء الفن. فحين يفتح الباب الزجاجي ذو (الضلفتين) يصير المرء في مكان آخر لا يشبه الخارج القادم منه، فتستقبل الزائر لوحتان كبيرتان بإطارين ذهبيين لنساء يلبسن الملابس العمانية التقليدية، وإذا توغل للداخل بين الممرات والأعمدة يلحظ التنوع في أحجام اللوحات، فعلى واجهة العمود وظهره تستقر اللوحات الكبيرة وعلى جنبه تجد اللوحات الطولية الصغيرة، فكما قيل عن أحجام لوحاتها أنها تمتد من مربعات بحجم كف اليد إلى لوحات جدارية كبيرة جدًا. وهذا كان أحد أسباب نشوء فكرة الرواق، فلوحات الفنانة عالية الفارسية كبيرة في الحجم وتحتاج مساحات أكبر، وهذا ما وفره لها هذا المكان بالتحديد باعتباره (warehouse). فاللوحتان آنفتا الذكر كانت النساء فيهما بحجم نساء حقيقيات بل يزيد.

اعتقدت في البدء أن عالية الفارسية قد ارتاحت قليلا مما أسميه قلق الزحام، وأنها ربما اطمأنت على لوحاتها على الأقل، أي لوحات كثيرة وصغيرة وكبيرة، وأنا أتذكر صديقًا لي وهو فنان أيضًا يقول: «إنه شديد التأثر بكل ما يخص لوحاته» وأنه ربما قد يموت لو أصاب لوحاته شيء ما، وكذا سألت الشاب المسؤول عن الرواق: هل هذه كل لوحاتها؟ قال لي بالطبع لا، إذن أين تضع الباقي؟ ماذا لو رسمت لوحات جديدة؟ وقلت في داخلي ماذا لو استنفدت كل الفراغ؟. ابتسم، وقال لي ونحن في الأعلى حيث المكتبة، هل ترين الأعمدة البيضاء؟ إنها مجوفة من الداخل، وحين ظن أني فهمت ما يرمي إليه ابتسمنا معًا.

وددت لو يتوقف الوقت ونحن في المكتبة المعلقة، أشعر أن كل مكان يؤثث بالخشب من كراس وأرفف وكذا أسطح الطاولات وسلم المكتبة يبدو دافئا وحميما بطريقة ما. في الوقت الذي كانت المصورة الصحفية التي قدمت برفقتي مشغولة بالزوايا والانعكاسات محركة القطع الفنية الصغيرة حتى تصل لصورة ترضيها، لفت انتباهنا صخرة بحجم كف اليد مسطحة وبيضاوية الشكل على الطاولة، كانت عالية الفارسية قد رسمت عليها وجها، هناك وجوه أيضًا مرسومة على الكراسي في الأسفل، يستطيع المتجول أن يستريح داخل الرواق حيث شاء لكن بالطبع ليس على الكراسي التي تقول هذه المرة أنها لوحات أيضا، بل وثمة حقائب سفر على يسارك قبل أن تغادر المكان تقول الكلام نفسه «أن تسافر آخذا فنك معك».

مضينا نتجول بين الممرات، كان الوقت ظهرا آنذاك، والمكان هادئ تماما وخال من الزوار، اللوحات وحدها كانت تتكلم. ونحن نهم بالخروج من الرواق كانت ثمة موسيقى لم أعد أذكر ما إذا كان سريانها حقيقا أم أنها كانت تتهيأ لي كلما نظرت للوحة تعكس الصوفي في حركاته وتعابير وجهه ونظراته.