1439625
1439625
عمان اليوم

خطابات السلطان قابوس.. خارطة طريـــق لإنجازات الحاضـر وملامح المسـتقبل

18 فبراير 2020
18 فبراير 2020

وضوح الرؤية وتحـــــــــــديــــد الغــــايــــات -

كتبت : أمل رجب -

كانت خطابات القائد الراحل ترجمة لرؤية شاملة عميقة وشاملة تهتم بالحاضر وتستشرف المستقبل وتتكيف مع مختلف متطلبات التنمية في كل مرحلة من مراحل تطور عمان، وفي عشرات الخطابات التي ألقاها السلطان قابوس في مختلف المناسبات والأعياد الوطنية وأمام مجلس عمان وفي المحافل الدولية، كانت خطاباته بمثابة خارطة طريق للحاضر والمستقبل، لا تقتصر على تحديد ما يواجه عمان من تحديات وطرح السبل المثلى للتغلب عليها، لكنها تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، فهي ترسم ملامح المستقبل بكل ما يتطلبه من جهد وعطاء وتخطيط علمي مدروس، وكما قال،طيب الله ثراه:« في حين يتوجب علينا أن نستمد الثقة والقوة من إنجازاتنا، لا يسعنا في الوقت ذاته إلا أن نوجه أنظارنا إلى المستقبل.»، وترصد خطابات القائد الراحل ما تحقق في عمان من منجزات حضارية في مجالات عديدة تهدف كلها إلى تحقيق غاية واحدة هي بناء الإنسان العماني المواكب لعصره والمساهم في تطوير مجتمعه وتحقيق أهداف وثوابت النهضة المباركة وأهمها تطوير الموارد البشرية، وتطوير الموارد الطبيعية، وإنشاء البنيـة الأساسية، وإقامة دولة المؤسسات، وفي الشأن الخارجي حددت خطابات السلطان قابوس مواقف السلطنة تجاه ما يعنيها من قضايا وتطورات دولية وفق مبدأ واحد أساسي هو عدم التدخل في شؤون الغير وتبني ثوابت السياسة العمانية الخارجية بالالتزام بقيم السلام والاستقرار والتقدم والازدهار.

ومنذ خطابه الأول بمناسبة الوصول إلى مسقط لأول مرة بعد توليه مقاليد الحكم، أرسى جلالته مبادئ رؤيته التي تلتزم بمستقبل أفضل وتدعو إلى بذل الجهد والعمل من أجل عمان المستقبل:« إننا إذ ندعوكم للتطلع إلى مستقبل يبشر بالخير فإن علينا جميعا أن نواجه مسؤوليات المرحلة الجديدة بكل الإيمان والثقة، ومضاعفة الجهد بروح من التعاون والتكاتف». وسرعان ما جاءت خطبته في العيد الوطني الأول لتحدد المبادئ الأساسية للخطة الداخلية والسياسة الخارجية:« فخطتنا في الداخل أن نبني بلدنا ونوفر لجميع أهله الحياة المرهفة والعيش الكريم، وهذه غاية لا يمكن تحقيقها إلا عن طريق مشاركة أبناء الشعب في تحميل أعباء المسؤولية ومهمة البناء، ولقد فتحنا أبوابنا لمواطنينا في سبيل الوصول إلى هذه الغاية وسوف نعمل جادين على تثبيت حكم ديمقراطي عادل في بلادنا في إطار واقعنا العماني العربي وحسب تقاليد وعادات مجتمعنا، جاعلين نصب أعيننا تعاليم الإسلام الذي ينير لنا السبيل دائما.»

وما بين العيد الوطني الأول والثاني كانت عجلة التنمية قد أخذت تدور والخدمات الأساسية تنتشر في كل مكان، وبرؤيته العميقة لمتطلبات التطور، أدرك القائد الراحل أن التعليم مفتاح كل تقدم وأن الخدمات الأساسية حق لكل مواطن، وجاء خطابه بمناسبة العيد الوطني الثاني مؤكدا على توجيه الجهود في الدرجة الأولى إلى نشر التعليم عبر مدارس في كل جزء من السلطنة وفي ميدان الصحة فقد تم رفع شعار ( الصحة حق لكل مواطن ) وتوجهت الجهود لإيصال الخدمات الطبية للمواطنين في كل موقع، وفي جميع خطاباته، وخلال السنوات التالية نجد أن تطور التنمية وملامحها وتوجهاتها واستدامتها شغل حيزا كبيرا من خطابات القائد الراحل إلى شعبه، فكانت خطاباته ترصد ما يتم تحقيقه من إنجازات وما تحتاجه التنمية من عمل وجهد لمواصلة التقدم وفي هذا الجانب قال:« إننا نجند كل الطاقات من أجل النهوض بمستوى الفرد وتنمية موارده ووعيه اقتصاديا، وفي هذا المضمار فإن استغلال كافة الموارد الاقتصادية في بلادنا يشكل عاملا هاما في المرحلة المقبلة من أجل تحسين دخل الفرد وارتفاع مستواه الاقتصادي، ولنا في هذا خطة طموحة تهدف إلى تحقيق تنمية شاملة، فعّالة ومتوازنة موضوعة وفق برنامج مدروس يقوم على حصر الموارد والطاقات المختلفة للمجتمع وتوجيهها للاستغلال الأمثل بغية الوصول إلى تحقيق الأهداف المرجوة من التنمية الاقتصادية في ضوء الإمكانات»، وأكد في خطاب آخر:« لقد سعينا ومنذ عدة سنوات إلى تنويع مصادر الداخل القومي، وتوسيع قاعدة اقتصادنا الوطني، وذلك بالاتجاه نحو تخفيف الاعتماد على عائدات النفط، واستغلال الموارد الطبيعية المتوفرة في بلادنا، ويسعدنا أن نقول اليوم إن خططنا في هذا المجال بدأت تعطي ثمارها».

وبينما تعددت ثمار التنمية وانتشرت ملامحها في ربوع عمان عبر خمسة عقود من النهضة التي أرست دولة منفتحة وعصرية، فقد كان القائد حريصا على التأكيد في كافة خطاباته حين يتحدث عن ثمار التنمية وأهدافها:« ‏إن الإنسان في كل التجارب الناجحة للأمم والشعوب هو غاية التنمية يجني ثمارها ويسعد بمكاسبها، وهو أيضا وبنفس المستوى من الأهمية وسيلة التنمية وأداتها الفعالة لتجسيد خططها وبرامجها إلى واقع ملموس يحقق الخير ‏للجميع».

وبينما كانت رؤية القائد الراحل أن الإنسان هو هدف التنمية وغايتها، فقد أكدت خطاباته أيضا على أن الدولة العصرية لا تقوم إلا على أسس راسخة من التقاليد والماضي العتيد، وفي الكثير من خطابات القائد الراحل سنجده حريصا على الحث على الحفاظ على الأواصر القوية التي تربط بين الماضي والحاضر والمحافظة على الإرث العماني العريق والتقاليد الراسخة وفي هذا الصدد يؤكد جلالته :« إن الرغبة في بناء دولة عصرية تأخذ بأحدث أساليب العلم والتقنية لم تجعل ‏هذا البلد الأصيل يتنكر لتراثه العريق وأمجاده التليدة، بل سعى دائما إلى مزج الحداثة بالأصالة. ففي الوقت الذي أقام فيه المنشآت الحديثة في مختلف مجالات الحياة أولى اهتماما كبيرا للمحافظة على تراثه المعماري بترميم القلاع والحصون والبيوت الأثرية. كما عمل على إحياء الموروث العلمي والثقافي من خلال جمع المخطوطات ونشر الكتب الدينية والأدبية واللغوية التي أسهم بها علماء عمان وأدباؤها في حركة الثقافة العربية على امتداد العصور.» كما يقول القائد الراحل:« بقدر ما حافظنا على أصالتنا وتراثنا الفكري والحضاري عملنا على الأخذ بأسباب التطور والتقدم في الحياة العصرية. لقد كان واضحا لدينا أن مفهوم التراث لا يتمثل فحسب في القلاع والحصون والبيوت الأثرية وغيرها من الأشياء المادية، وإنما هو يتناول أساسا الموروث المعنوي من عادات وتقاليد، وعلوم وآداب وفنون، ونحوها مما ينتقل من جيل إلى جيل، وأن المحافظة الحقيقية على التراث لن تتم ولن تكتمل إلا بإعطاء كل مفردات هذا المفهوم حقها من العناية والرعاية. وقد نجحنا بحمد الله خلال السنوات الماضية في ‏تحقيق جانب كبير من هذا الهدف الوطني النبيل.»

وقد انعكست رؤية جلالته لعمان المتقدمة العصرية في إرساء الأسس الراسخة لدولة حديثة تزهو بتجربتها الديمقراطية التي بدأت في السلطنة منذ وقت مبكر تنفيذا لوعد أعلنه السلطان الراحل، وكانت بداية التجربة مع إنشاء المجلس الاستشاري للدولة والذي قال عنه القائد الراحل:« افتتحنا المجلس الاستشاري للدولة ليكون إطارا لجهد مشترك بين الحكومة والمواطنين في مختلف مجالات التنمية.. يساهم في تلبية احتياجات ورغبات أبناء شعبنا، وفي تحقيق أفضل مستويات التطور الاقتصادي والاجتماعي في كافة ربوع البلاد، وإننا لنرجو لهذا المجلس أن يوفق في إبراز إمكانيات التعاون بين القطاعين الحكومي والأهلي بما يخدم أهداف التنمية الشاملة.»

وعبر الدعم المتواصل والإشادة بتطور التجربة، رصدت خطابات القائد الراحل استكمال تجربة عمان الديمقراطية مسارها نحو التطور بإنشاء مجلس الشورى ثم مجلس الدولة وإصدار النظام الأساسي للدولة كخلاصة للتجربة الديمقراطية في السلطنة، وقد قال السلطان الراحل في خطاب له:« تعدد الآراء والأفكار التي تخدم الصالح العام، وتثري مسيرة التطور والبناء، هي من أهم العوامل التي تعين على وضوح الرؤية، وتحديد الغاية، لذلك فأنتم جميعاً مطالبون، سواء في مجلس الدولة أم في مجلس الشورى، بأن تبذلوا قصارى الجهد في دراسة المسائل التي تطرح عليكم، أو تلك التي ترون طرحها في نطاق المهام الموكولة إليكم، دراسة موضوعية تتسم بالدقة والواقعية والوعي، وصولاً إلى آراء سديدة، وحلول رشيدة، تؤدي بجانب الجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومة إلى تقدم الوطن، وتوفير أسباب الحياة الكريمة للجميع على هذه الأرض الطيبة الآمنة بإذن الله.»

كان القائد الراحل يتابع عن كثب ما تحرزه التجربة من تقدم، كما كان حريصا بنفس القدر على إبراز الأهداف التي تسعى إليها عمان لتحققها من خلال مجالسها، وفي خطابه بمناسبة افتتاح مجلس الشورى، يؤكد السلطان قابوس:« نجحت التجربة الرائدة التي قصدنا منها توفير ساحات أرحب للمواطنين من أجل المشاركة الفاعلة المنتجة في بناء وطنهم وخدمة مجتمعاتهم المحلية فقد أثبت المجلس خلال الفترة الماضية قدرته على حمل الأمانة في إطار من المسؤولية والوعي والبصيرة تجلى فيها ما قُدم من توصيات وما أعد من دراسات وما أسهم به من مداولات ومناقشات، وإننا إذ نقدر ما بذل من جهد وما تحقق من تنسيق لنؤكد على ضرورة الارتقاء بهذه التجربة النابعة من صميم الواقع العماني وتطويرها وتعزيزها بما يثري مسيرة النهضة المباركة ويعطي بعداً أشمل وأعمق لدور المواطن في الحفاظ على منجزاته وإن من أهم واجباتهم خلال المرحلة القادمة تحقيق هذه الغاية بما ترسونه من قواعد يحتذى بها في ميدان العمل ومبادئ يهتدى بنورها في مضمار التوعية بالأهداف الكبرى لهذا الوطن العزيز.».

ووفق النهج الذي وضعه السلطان قابوس في المساواة بين الجميع كان حريصا في نفس الخطاب على رصد ما يتميز به المجلس من تنوع وما لديه من خبرات، ولإتاحة المجال للمشاركة الفعّالة للمرأة في الحياة السياسية وفي بناء وطن يواصل طريقه نحو التقدم والازدهار قال القائد الراحل إنه من بين ما يميز المشاركة في هذا المجلس:« مشاركة من نوع جديد هي دخول المرأة مجلس الشورى لأول مرة ولا غرابة في ذلك فكما أتحنا لها الفرصة الكاملة في التعليم والعمل وممارسة الأنشطة الاجتماعية في حدود ما تمليه المبادئ الدينية والأعراف والتقاليد التي لا تتعارض معها رأينا أن من حقها ــ بعد هذه الحقبة من عمر النهضة العمانية الحديثة ــ أن تشارك بفكرها وتسهم برأيها في شؤون وطنها ، إنها لمسؤولية وطنية كبيرة على المرأة أن تثبت من خلال جهدها الدائب وعملها المتواصل قدرتها على القيام بها على الوجه الأكمل .. وبهذه المناسبة فإننا ندعو المرأة العمانية في كل مكان في القرية والمدينة في الحضر والبادية في السهل والجبل أن تشمّر عن ساعد الجد وأن تسهم في حركة التنمية الاقتصادية والاجتماعية كل حسب قدرتها وطاقتها وخبرتها ومهارتها في المجتمع فالوطن بحاجة إلى كل السواعد من أجل مواصلة مسيرة التقدم والنماء والاستقرار والرخاء....إننا ننادي المرأة العمانية من فوق هذا المنبر لتقوم بدورها الحيوي في المجتمع ونحن على يقين تام من أنها سوف تلبي النداء.»

وإلى جانب القضايا الديمقراطية ورصد تقدم ومتطلبات التنمية ومختلف جوانب الشأن المحلي، كان لجميع فئات وشرائح ومكونات هذا المجتمع نصيبه من الاهتمام والدعم في خطابات القائد الأب، فمنذ البداية أكدت خطابات السلطان قابوس على الاهتمام بالشباب وتأكيد مكانة المرأة في هذا المجتمع والمساواة بين الجميع:» في هذا الوطن سواسية لا فرق بين صغير وكبير وغني وفقير» وحين أراد جلالته أن يبرز أهمية التعليم في تقدم الأمم، فقد أتاح للمرأة العمانية منذ طفولتها أن تكون مؤهلة لأن تتبوأ مكانتها كشريكة في العمل وبناء هذا الوطن حيث أكد جلالته :« فالمهم هو التعليم حتى تحت ظل الشجر ولم يغب عن بالنا تعليم الفتاة وهي نصف المجتمع فكان أن خرجت الفتاة العمانية المتعطشة إلى العلم تحمل حقيبتها وتيمم شطر المدرسة.»، ومرارا وتكرارا نجد خطابات القائد الراحل يؤكد على دور المرأة العمانية:« لقد أولينا، منذ بداية هذا العهد اهتمامنا الكامل لمشاركة المرأة العمانية، في مسيرة النهضة المباركة فوفرنا لها فرص التعليم والتدريب والتوظيف ودعمنا دورها ومكانتها في المجتمع، وأكدنا على ضرورة إسهامها في شتى مجالات التنمية، ويسرنا ذلك من خلال النظم والقوانين التي تضمن حقوقها وتبين واجباتها، وتجعلها قادرة على تحقيق الارتقاء بذاتها وخبراتها ومهاراتها من أجل بناء وطنها، وإعلاء شأنه. ونحن ماضون في هذا النهج، إن شاء الله، لقناعتنا بأن الوطن في مسيرته المباركة، يحتاج إلى كل من الرجل والمرأة فهو بلا ريب، كالطائر الذي يعتمد على جناحيه في التحليق إلى آفاق السماوات، فكيف تكون حاله إذا كان أحد هذين الجناحين مهيضا منكسرا؟ هل يقوى على هذا التحليق؟!.»

ومن جانب آخر، تعكس الخطابات السامية اعتزازا كبيرا بشباب عمان، وأهمية إعداد الأجيال الجديدة لأداء واجبهم نحو وطنهم، وفي خطاباته السامية، كان السلطان الراحل حريصا على إبراز دورهم الحيوي في بناء الوطن وخدمة المجتمع من ناحية وتشجيعهم على أداء هذا الدور بروح من الجدية والتفاني في العطاء، وعبرت العديد من الخطابات عن هذا الاهتمام الكبير بالشباب الذين هم مستقبل عمان وذخيرتها للمستقبل، وأكد القائد الراحل في أحد خطاباته بمناسبة إعلان عام الشباب:« إن عام الشباب، ومن قبله عام الشبيبة، ما هو الا دعوة صادقة إلى الاهتمام بالإنسان العماني الذي هو صانع الحضارة، وهدف التنمية، وأداة التطوير والتعمير.. دعوة نابعة من القلب إلى كل المسؤولين في القطاعين الحكومي والأهلي إلى إعطاء مزيد من العناية والرعاية إلى مختلف شرائح المجتمع، وخاصة تلك الشريحة التي تجسد الأمل الواعد للأمة في مستقبل أفضل ألا وهي الشباب. ولا يخفى أن اهتمامنا بالإنسان العماني لا يقتصر على عام د‏ون عام، ولكن الهدف ‏السامي المتوخى من هذا العام إنما هو التذكير والتنبيه والتوجيه الصريح القاطع بأن يكون الشباب دائما في صميم اهتماماتنا لا نغفل ولو طرفة عين عن النهوض به فكريا وعلميا، وثقافيا ورياضيا، وفنيا وتقنيا. فبارتقاء الشباب في كل هذه المجالات ترتقي حياة المجتمع وتزدهر، وينمو الاقتصاد الوطني، وتجد الزراعة والصناعة والتجارة طريقها إلى التطور والتقدم. مما يؤكد الأثر المتبادل الذي تحدثه التنمية المتوازنة، ويؤدي إليه التطوير المتكامل».. كما أكد جلالته:« إننا اذ ننادي الجميع للاهتمام بشبابنا ورعاية تطلعاته وطموحاته فإننا في ذات الوقت وبنفس القدر من الأهمية نوجه نداءنا المتجدد إلى الشباب بأن يعي دوره الكبير في بناء الوطن في مختلف الميادين، فيشمر عن ساعد الجد باذلا قصارى طاقته في الإسهام الإيجابي في حركة التنمية الشاملة.»

وبروح الأب والقائد لشعب عمان الأبي كان السلطان قابوس في كافة خطاباته حريصا على التحية والتقدير لكل من يساهم في العمل من أجل عمان، مشيدا بالشراكة الوثيقة بين الوطن والمواطن وبين القائد والمواطن والأجهزة المدنية والأمنية والقوات المسلحة:« بجميع فروعها البرية والجوية والبحرية، وفرقنا الوطنية وشرطة عمان السلطانية لما قاموا ويقومون به في ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار وبناء عمان الحديثة في ظل السلم الذي نعيشه اليوم»، وكانت هذه الروح نفسها هي ما أرست باستمرار مبدأ التعاضد والتكاتف في تحقيق المستقبل الأفضل لعمان:» ... نحيي شعبنا في كل ربوع البلاد تحية الاعتزاز بما قدمه من أمثلة رائعة في العمل والكفاح ونهنئه بما حققناه معا عبر خمسة عشر عاما بفضل الله ورعايته لنا من إنجازات ونهضة في كافة المجالات وضعت بلدنا على الطريق الصحيح لبناء حاضره والتطلع بثقة إلى مستقبله وأتاحت له استئناف دوره الحضاري العريق وهيأته للتفاعل الإيجابي مع الأسرة الدولية. إننا إذ نشهد إشراقة عام جديد من أعوام مسيرتنا الظافرة، فإننا لنذكر بالرضا ما حققته جهودنا خلال العام الماضي من خطوات أضافت مكاسب جديدة لإنجازاتنا القائمة في كل أرجاء البلاد، وأعطت مثلا صادقا للعمل الجاد، والتعاون المخلص من أجل رفعة عمان وعزتها.»

وبينما كانت رؤية جلالته تضع باستمرار الأولوية للتقدم والاستقرار داخل عمان، فقد حددت الخطابات السامية منذ البداية الخطوط العريضة للسياسة الخارجية العمانية وهي سياسة منفتحة على العالم وتنتهج حسن الجوار مع جيران السلطنة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأية دولة، وتدعيم علاقات عمان مع الدول العربية وإقامة علاقات ودية مع دول العالم، وكما قال السلطان الراحل :« تستمر عمان في جهودها المتواصلة ونشاطاتها الباسلة في الأسرة الدولية وتسهم بنصيبها في حل المشاكل والقضايا العالمية إثباتا لوجودها كعضو في هيئة الأمم المتحدة وإعرابا عن رغبتها الأكيدة في استقرار الأمن والسلام بين دول العالم المختلفة وإقامة علاقات الود والصداقة مع كل دولة تمد يد الصداقة لنا على أساس الاحترام المتبادل وعلاقات الند للند.» ‏كما أكد جلالته على: « إننا نحرص دائما على أداء دورنا كاملا على الساحة الدولية وفقا لسياستنا التي ننتهجها منذ البداية بكل الإيجابية والوضوح والتي تقوم على أساس من الإيمان الراسخ بمبادئ التعايش السلمي بين جميع الشعوب، وحسن الجوار بين الدول المتجاورة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، والاحترام المتبادل لحقوق السيادة الوطنية .. ‏إننا نمد يد الصداقة والتعاون إلى جميع الدول التي تلتقي معنا على هذه المبادئ، ونعمل ضمن هذا الإطار على توطيد علاقاتنا المتنامية مع كافة دول المنطقة تقديرا منا لأهمية التعاون بينها في كل ما يخدم المصالح الأساسية ‏لجميع شعوبها ، كما نعمل مع إخواننا وأصدقائنا في العالم لتطوير علاقاتنا بما يحقق أهداف التعاون المشترك لخير شعوبنا والأسرة الدولية، وفي ذات الوقت فإننا نكرس إمكانياتنا للمشاركة المخلصة في تعزيز فرص السلام والأمن على كافة المستويات الإقليمية والدولية.»

وبفضل توجيهات السلطان الراحل قادت السياسة الخارجية الحكيمة السلطنة إلى مكانة متميزة في علاقاتها مع العالم وهي محل الإشادة والتقدير الدوليين لعمان الدولة الحديثة العصرية التي تواصل طريقها على طريق التطور والتنمية لاحتلال مكانها بين الدول المتقدمة.

وبعد عقود من العمل والنهضة الشاملة ومع تعدد ثمار النهضة العمانية نجد خطابات السلطان قابوس وهي ترصد حصاد ما أنجزته عمان من نهضة شاملة وتعدد ملامح الدولة الحديثة العصرية :«نعم لقد تم إنجاز نسبة عالية من بناء الدولة العصرية حسبما توسمنا أن تكون عليه بفضل الله عز وجل وذلك من خلال خطوات مدروسة متدرجة ثابتة تبني الحاضر وتمهد للمستقبل، وقد تمكنت خطط التنمية السابقة بحمد الله مع اتساع أرجاء عمان وصعوبة تضاريسها الجغرافية من إنجاز الكثير في هذا المضمار الأمر الذي غير وجه الحياة في هذا الوطن.»‏