1438512
1438512
المنوعات

عمان تبوأت مكانة متقدمة في المؤشرات البيئية الدولية بفضل اهتمام السلطان قابوس بالبيئة

16 فبراير 2020
16 فبراير 2020

ما تركه من إرث في مسيرة العمل البيئي سيخلده التاريخ -

كان لفقيد الوطن الكبير المؤسس الأول للعمل البيئي وصانع سياسته في السلطنة جلالة المغفور له بإذن الله السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- مسيرته الخالدة في البناء المؤسسي والتشريعي الناجح على المستوى الوطني موطدا الصورة الذهنية الإيجابية عن عمان على المستوى الإقليمي والدولي، فمنذ بداية عصر النهضة وبمرحلة مبكرة لعمر الدولة وضع -طيب الله ثراه- حجر الأساس لتنظيم وإدارة العمل البيئي حيث تدرجت المراسيم السلطانية السامية والقوانين في قطاع البيئة مؤكدة تطور الجانب التشريعي على مدى العقود الخمسة الماضية والتي تمخضت بموجبها عن عدة تحولات من الناحية القانونية والسياسية، فقد انضمت بموجبها السلطنة إلى أهم الاتفاقيات والبروتوكولات والمعاهدات البيئية الدولية الرئيسية في القرن العشرين والتي يعتبرها صناع السياسة البيئية الحجر الأساس لأي بناء قانوني وتشريعي بيئي سليم، البداية المؤسسية كانت مع إنشاء مكتب مستشار حماية البيئة في عام 1974، بعدها أنشئت هيئة عامة لحماية البيئة ومكافحة التلوث في 1979، ومن ثم إصدار قانون البيئة ومكافحة التلوث في عام 1982، عقب ذلك إنشاء مجلس حماية البيئة ومكافحة التلوث في عام 1984، والإعلان عن جائزة السلطان قابوس لحماية البيئة في عام 1989، والموافقة على انضمام السلطنة إلى اتفاقية بازل بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغيرات المناخية واتفاقية التنوع الإحيائي والتصديق على اتفاقية حظر استحداث واستخدام وتخزين واستعمال الأسلحة الكيميائية وتدمير تلك الأسلحة في عام 1994 والموافقة على انضمام السلطنة إلى اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون وبروتوكول مونتريال بشأن المواد المستنفذة لطبقة الأوزون في عام 1998 وحتى إنشاء وزارة البيئة والشؤون المناخية كمؤسسة مستقلة ومعنية بالبيئة بالمرسوم السلطاني السامي رقم 90/‏‏2007 في 9 سبتمبر 2007، وما تلا ذلك من اتفاقيات كان آخرها المصادقة على اتفاق باريس بشان التغيرات المناخية عام 2019 وإعلان العديد من المحميات الطبيعية والتي بلغ عددها 20 محمية طبيعية حتى العام 2019.

الكلمة السامية بريودي جانيرو بالبرازيل في عام1992 أضاءت للعالم روح المسؤولية البيئية كانت لكلمة السلطان قابوس -طيب الله ثراه- في مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية في البرازيل عام 1992 أثرها التاريخي عن ما يجول في خلده وتعبيرا صادقا عن حبه وفهمه لما ينتظر هذا العالم من تحديات بيئية كبيرة وخطيرة والتي تعد اليوم ماثلة أمام الجميع من الهشاشة للأنظمة البيئية العالمية والتي لا يمكن تفاديها إلا بالوعي وتظافر الجهود الأممية والسيطرة على الصناعة، بحيث لا تؤدي التنمية إلى إخلال جسيم بالاتزان البيئي وتقود إلى تدهور النظام البيئي، حيث تعرضت البشرية إلى العديد من الكوارث البيئية السريعة والمأساوية التي ضربت حتى الآن كل قارات العالم ولم تنج منها دولة أو كيان سياسي مهما كانت بيئته وجغرافيته، كل هذه الدلائل والقرائن قد طرحها - طيب الله ثراه - من خلال كلمته التي استمع لها العالم أجمع، وبفضله عمان اليوم سخرت كل إمكانياتها وكوادرها لمشاركة دول العالم هذا التحدي الكبير والعمل على مواكبة هذه التحولات في البيئة والمناخ في تطوير وتعزيز التكامل في التشريعات والقوانين البيئية بما يخدم التنمية المستدامة والدفع بعجلة الاقتصاد الأخضر والنظيف حماية للبيئة وحق الأجيال القادمة في حياة مزدهرة وآمنة.

البيئة في الفكر السامي

تمتعت البيئة العمانية منذ بدايات مسيرة النهضة المباركة برعاية سامية من لدن المغفور له بإذن الله - جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور آل سعيد -طيب الله ثراه- لاهتمامه العميق بحمايتها والحفاظ على مواردها كتراث طبيعي بالغ الأهمية، ورصيداً متجدداً لخطط التنمية ومشروعاتها. وأن توجيهات جلالته وفكره السامي يعتبر منطلقاً نحو أهمية الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية للبلاد باعتبارها ملكاً لكل الأجيال، وهي بمثابة الركيزة الأساسية للاستراتيجية الوطنية لحماية البيئة العمانية، حيث نجحت هذه الاستراتيجية في تحقيق العديد من الإنجازات على مستوى العمل البيئي داخل السلطنة والتي تمثلت في خضوع المنشآت والمصانع للقوانين المنظمة لحماية البيئة وصون الموارد الطبيعية والحياة الفطرية، حيث أصبحت متطلبات الحفاظ على البيئة ركناً أساسياً وآلية متلازمة مع خطط التنمية التي تسعى لإدخال الاعتبارات البيئية في جميع مراحل التخطيط والتنفيذ لمشروعات الدولة الإنمائية، و تعزيز الوعي البيئي ودعم مبادئ التنمية المستدامة، وتطوير العلاقات في المجالات البيئية والمناخية بين السلطنة والدول الأخرى وإيجاد مجالات رحبة للتعاون مع الهيئات والمنظمات المتخصصة، والتأكد من سلامة البيئة ومكافحة التلوث والمحافظة على التوازن البيئي في إطار أهداف التنمية المستدامة، وترسيخ مفاهيم ومتطلبات التعامل مع شؤون البيئة والمناخ على كافة المستويات وتمثيل السلطنة في المؤتمرات الإقليمية والدولية.

جائزة السلطان قابوس لحماية البيئة

جائزة السلطان قابوس لصون البيئة ومنذ تدشينها في عام 1989م قامت بتكريم 15 جهة من المؤسسات والمعاهد والمحميات والأفراد والمجموعات في أفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية كان آخرها بعد إعلان منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» بمنح جائزة السلطان قابوس لصون البيئة لعام 2019 إلى صندوق أشوكا للأبحاث في مجال الإيكولوجيا والبيئة بجمهورية الهند.

وساهمت هذه المؤسسات بجهود قيمة في الأبحاث العلمية والمحافظة والصون في المواقع المسجلة على لائحة التراث العالمي لليونسكو والمحميات الطبيعية، لتصبح هذه الجائزة العربية العالمية مصدر تشجيع والهام لأصحاب الهمم والساعين لصون بيئة كوكب الأرض وموارده من أجل البشرية، وهي محفز مهم إلى بذل المزيد من الجهد والعمل لحماية المحيط الحيوي الذي نعيش فيه.

ومما لا شك فيه أن ما تركه جلالة السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه - من إرث في مسيرة العمل البيئي سيخلده التاريخ وسيكتب عنه اليوم وغدا وسيغدو مادة علمية قيمة لكل باحث ومستنير، وستذكره الأجيال بما قدمه من خير لأمته وشعبه والعالم، وختاما رحم الله السلطان قابوس وجزاه الله خير الجزاء على ما قدمه وأسكنه جنان الخلد إنه سميع مجيب الدعاء.