أفكار وآراء

جذب الاستثمارات الأجنبية بحوافز وضمانات القانون الجديد

16 فبراير 2020
16 فبراير 2020

خلفان بن سليمان البحري -

إن تحديث القوانين والتشريعات كما أشرت في المقال السابق أمر تفرضه المتغيرات والتطورات، والمقصد هنا القوانين التي تنظم شريعة الأعمال التجارية والاستثمارات المحلية والأجنبية، ففي الوقت الذي أصبحت فيه الدولة بحاجة إلى تنفيذ مشروعات إنتاجية نوعية لتعزيز إيراداتها غير النفطية من خلال استثمارات متنوعة وفي قطاعات مختلفة تحقق التنويع الاقتصادي وترفد الناتج المحلي، تأتي الاستثمارات الأجنبية خير معين للمساهمة في مقتضى التنمية الوطنية وذلك جنبا إلى جنب مع الاستثمارات المحلية، فمن خلالها يمكن تنفيذ مشروعات البنية التحتية ذات التكاليف العالية والتي تتطلب خبرات متقدمة في الإدارة والتشغيل والتقنيات والآليات الحديثة والدقة والسرعة في الإنجاز والتي يمكن بواسطتها التخفيف من الأعباء المالية المترتبة على موازنة الدولة وتفادي التأخير في تنفيذها بسبب نقص الوفرات المالية، كما أنها قطعا ستساهم في إثراء الاقتصاد الوطني عبر مشروعاتها الإنتاجية المنخرطة في السوق، إن استقطاب الاستثمارات الأجنبية في هذه المرحلة تعد مهمة وطنية يجب أن تتضافر فيها كل الجهود من الجهات ذات العلاقة وتتكامل الأدوار فيما بينها لضمان تحقيق الأهداف والوصول إلى النتائج المرجوة.

جاء قانون استثمار رأس المال الأجنبي رقم ( 50/‏‏‏‏2019) الصادر في الأول من يوليو 2019 وبما تضمنه من حوافز تشجيعية ليؤكد توجه السلطنة نحو أهمية جذب الاستثمارات الأجنبية في المرحلة القادمة لإقامة مشروعات التنمية والتي يتطلع من خلالها للمساهمة في إثراء الجوانب الاقتصادية ومن هذه الجوانب تسخير المعطيات المتاحة من الموارد والمقومات الطبيعية إلى منتجات من السلع والخدمات في شتى القطاعات وإدخال التقنيات الحديثة والابتكارات المتطورة في المشاريع القائمة وخلق قيمة مضافة وتتطلب كذلك في عملياتها الإنتاجية أيدي عاملة مما سيساهم في تشغيل القوى العاملة الوطنية، علاوة على ذلك سيكون للقانون الجديد دور بارز في تنشيط السوق المحلي وتصحيح مساراته الاستثمارية وإيجاد المنافسة والبحث المستمر في التطوير وإيجاد الابتكارات والتحسينات. من ناحية أخرى سيساهم القانون في الحد من ظاهرة التجارة المستترة التي تفاقمت وتمكنت في معظم الأنشطة الاقتصادية بمساعدة الظروف التي تهيأت لها وتواضع التدابير والإجراءات التي اتخذت بشأنها، وقد استفادت من جميع الفرص والحوافز والدعم للوصول إلى الأرباح التي فور الحصول عليها تكون قد سجلت ضمن التحويلات الخارجية دون أن تكون لها إضافة حقيقية في الاقتصاد بل عانت المؤسسات الوطنية من منافستها غير الشرعية، وسيكون للقانون تأثير إيجابي في الحد منها وستنتقل الأنشطة المستترة إلى استثمارات أجنبية ويمكن ملاحظة ورصد ذلك من خلال الجهات ذات الاختصاص. النظرة الإيجابية الأخرى أن القانون سيساهم في تنظيم مصالح مؤسسات القطاع الخاص وتهيئة بيئة مناسبة للمؤسسات المحلية وتوفير مساحة لمزاولة أنشطة مختلفة وذلك بعد أن تتقلص أعداد مؤسسات التجارة المستترة، وستكون لها فرص الحصول على أوجه الدعم المختلفة وعلى الأعمال المباشرة، وسيسهل لمؤسسات الدولة توجيه الدعم والمساندة إلى الفئات المستحقة. وستكون الفرصة مناسبة لرواد الأعمال وأصحاب وصاحبات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لإبراز مشروعاتهم وتطويرها والرقي بها وجعلها أكثر تنافسية وستكون فرص الأعمال أقرب لهم، كما أن انتقال تسجيل أعمال التجارة المستترة إلى استثمارات أجنبية سيرفد الدولة بالرسوم والضرائب المقررة والتي يغيب الوفاء بها في ظل الأنشطة المستترة.

في الأخير يجدر القول بأن قانون رأس المال الأجنبي بما تضمنه من حوافز وضمانات سيكون عاملا رئيسيا في جذب الاستثمارات الأجنبية وتطوير الاستثمارات الحالية المحلية والخارجية وتنظيم أوضاع السوق ورفع كفاءة المؤسسات وتنافسيتها وتنشيط إنتاجيتها وزيادة مساهمتها الاقتصادية. وضمان الوصول لهذه النتائج هو التطبيق السليم لبنود هذا القانون والإجراءات والضوابط المنبثقة من لائحته التنفيذية.