المنوعات

ولادة بلا رحم.. رواية تعلي من قيمة التطوع

12 فبراير 2020
12 فبراير 2020

عمّان «العمانية»: لا تكتفي الحروب بقتل الناس وتهديم بيوتهم وتخريب ما شيدته الحضارة الإنسانية، بل يمتد أثرها ليشمل تدمير القيم الإنسانية وتحطيم الروح المعنوية وتقويض بنية المجتمع. هذه هي مقولة رواية «ولادة بلا رحم» للكاتبة العراقية زهراء طالب حسن، والتي تكشف فيها ما تتسبب به الحروب من أثر سلبي على المجتمع والأسرة، من خلال تناولها لظاهرة أطفال الشوارع ومعاناتهم من الظروف المعيشية ومن نبذ المجتمع لهم.

وترصد الكاتبة في روايتها الصادرة عن «الآن ناشرون وموزعون»، قصة حقيقية لتجربة الشاب هشام الذهبي الذي تطوّع لإنقاذ عشرات الأطفال الذين ابتلعتهم الشوارع وتلقّفتهم أيدي الأشرار مستغلّة براءتهم.

تستوحي الرواية أحداثها من مسيرة الذهبي، إلا أن حياة البطل وباقي شخصيات الرواية لا تمت بأيّ صلة لحياة الذهبي الشخصية، فقد تناولت الروائية قصصا حدثت وتحدث في المجتمع، وسكبت عليها من مخيلتها لصنع مادة سردية متماسكة.

وفي سياق أحداث الرواية، يلتقي البطل مع طفل مشرَّد يعاني الظلم والحرمان، فتتحرك مشاعره تجاه معاناة الطفل، ليرى نفسه مسؤولاً عن إنقاذه من وضعٍ فُرِض عليه، بل وإنقاذ الآخرين ممن يتشابهون في الحال معه. ثم يتعرض البطل لعراقيل متشابكة ومتتالية، ويصطدم بحقائق مستترة خلف ظلمات الشوارع العفنة، ليكتشف أن الظاهرة أكبر من الظاهر.

ويصل البطل إلى قناعة بأن مساعدة هؤلاء الأطفال، لا تتوقف على توفير المأكل والمسكن لهم، بل يجب أن تشمل الغوص في أعماقهم لاستخراج مواهبهم، وأن يشعروا بالأمان قبل ذلك.

يقول البطل: «ربما تكون رغبتي في إحداث تغيير في حياتي للقضاء على رتابتها ما دفعني لإقحام نفسي في تعقب آثار (وائل)، أو ربما هو الفضول الذي يدفعك أحياناً إلى تصرفات لم تخطط لها مسبقاً، فتبدو وليدة اللحظة. لم تكن المرة الأولى التي أشاهد فيها أطفالاً مشردين، لكنها كانت بالتأكيد المرة الوحيدة التي اقتربت فيها من أحدهم إلى ذلك القدر.. لم أكن أنظر إليهم على أنهم أطفال، فالطفولة تعني البراءة، النقاء.. وأولئك في نظري كانوا أبعد ما يكونون عن تلك المعاني. لم أتبحر يوما في سبب تشردهم أو أعتبرهم مجرد ضحايا لجرائم ارتكبها الكبار بحق الطفولة. بالتأكيد كنت يتيماً، لكنني لم أتعاطف يوما مع المشردين».