1435459
1435459
العرب والعالم

البرلمان اللبناني يناقش البيان الوزاري للحكومة رغم الاحتجاجات

11 فبراير 2020
11 فبراير 2020

خطة طوارئ لمعالجة حاجات الناس ومواجهة الاستحقاقات والتحديات -

بيروت - (وكالات) - انعقد مجلس النواب اللبناني أمس لمناقشة البيان الوزاري تمهيداً لمنح الحكومة الثقة رغم احتجاجات متظاهرين حاولوا صباحاً إغلاق الطرق المؤدية إلى البرلمان واندلعت مواجهات بينهم وبين القوى الأمنية التي استخدمت الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه.

وحاول المتظاهرون عرقلة وصول النواب إلى مقر المجلس النيابي انطلاقاً من رفضهم منح الثقة للحكومة برئاسة حسان دياب. وهم يرون أن هذه الحكومة لا تحقق مطالب رفعوها منذ أشهر بتشكيل حكومة من اختصاصيين ومستقلين تماماً عن الأحزاب السياسية التقليدية.

إلا أن 68 نائباً تمكنوا من الوصول ووفروا النصاب اللازم للجلسة التي قرأ فيها دياب البيان الوزاري ويتضمن تنفيذ «خطة طوارئ سريعاً» لإخراج البلاد من الانهيار الاقتصادي الذي تشهده منذ أشهر.

وفرضت القوى الأمنية والجيش طوقاً أمنياً في محيط مقر البرلمان، وأغلقت طرقا عدة بالحواجز الاسمنتية الضخمة لمنع المتظاهرين من الوصول إلى مبنى المجلس النيابي.

ومنذ الصباح الباكر، تجمع المتظاهرون عند شوارع عدة مؤدية إلى مجلس النواب، واندلعت على أحد الطرق مواجهات وعمليات كر وفر بينهم وبين القوى الأمنية التي رشقوها بالحجارة فردت باستخدام خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع، وفق مصور لوكالة فرانس برس.

واستمرت المواجهات ساعات عدة. وأعلن الصليب الأحمر اللبناني عن معالجة 328 شخصاً في المكان جراء التعرض للغاز المسيل للدموع واصابات أخرى، كما نقل 45 شخصاً إلى المستشفيات.

وفي شارع آخر، جلس متظاهرون على الأرض لقطع طريق من الممكن أن يسلكها النواب، فحاول عناصر الجيش منعهم، ما أدى إلى حصول تدافع بين الطرفين. وقال متظاهرون لوسائل اعلام محلية إنهم تعرضوا للضرب على يد عناصر الجيش.

وقال الجيش في تغريدة إن «أعمال الشغب والتعدي على الأملاك العامة والخاصة تشوه المطالب ولا تحققها ولا تندرج في خانة التعبير عن الرأي».

في وسط بيروت، قالت كارول مفضلة عدم ذكر اسمها الكامل، لوكالة فرانس برس «أنا هنا لأقول +لا ثقة+ بهذه الحكومة، لأن الطريقة التي تشكلت بها لا تجعلنا نثق بها»، مضيفة «لا يمكن للبلد أن يكمِّل بالطريقة نفسها».

ورغم انتشار المتظاهرين في محيط المجلس، نجح عدد من النواب من الوصول إلى مقر البرلمان. ووصل عدد منهم باكراً حتى قبل بدء التظاهرات، واستخدم أحدهم دراجة نارية للعبور، وفق وسائل اعلام محلية أشارت أيضاً إلى أن نواباً أمضوا ليلتهم داخل مكاتبهم.

وأثناء محاولة أحد الوزراء الوصول إلى المنطقة، وقف متظاهرون أمام السيارة ورشقوها بالبيض، وصرخ أحدهم «استقل! استقل!». إلا أن القوى الأمنية أبعدت المتظاهرين بالقوة، وفتحت الأسلاك الشائكة أمام السيارة لتدخل متجهة نحو مقر البرلمان.

وأصيب أحد النواب في رأسه، وفق ما نقل مكتبه، أثناء محاولته الوصول إلى البرلمان. وجرى نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج قبل أن يعود لاحقاً لحضور الجلسة.

قال كريستوفر (26 عاماً) «نحن هنا لنقول إنه حتى لو منح النواب الثقة للحكومة، فالشعب لن يمنحها إياها».

وأضاف أن الوزراء كان يجب أن يكونوا «مستقلين عن الاحزاب التي خربت البلد وبالطبع لن تعيد إصلاحه».

ورفع المتظاهرون لافتات كُتب عليها «لا ثقة».

ويشهد لبنان منذ 17 أكتوبر تظاهرات غير مسبوقة ضد الطبقة السياسية التي يتهمها اللبنانيون بالفشل في إدارة الأزمات السياسية والاقتصادية المتلاحقة. وتراجعت وتيرة التظاهرات بعد تشكيل دياب حكومته خلفا لحكومة سعد الحريري التي استقالت تحت ضغط الشارع.

وقد تستمر جلسة المجلس النيابي حتى اليوم . وأعلنت أحزاب عدة، أبرزها تيار المستقبل بزعامة رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، نيتها عدم منح الثقة للحكومة.

وشكل دياب الحكومة الشهر الماضي من عشرين وزيراً غير معروفين بغالبيتهم ومن الأكاديميين وأصحاب الاختصاصات. وقد تمّ اختيارهم بغرض تجنب أسماء قد يعتبرها المتظاهرون استفزازية.

ويرى محللون أن الحكومة الجديدة ليست سوى واجهة لفريق سياسي واحد مؤلف من حزب الله وحلفائه، ويأخذ متظاهرون على الوزراء أنهم لا يمثلون سوى الأحزاب التي سمتهم. كما أنهم يطالبون النواب بالاستقالة معتبرين أنهم جزء من الطبقة السياسية الفاسدة.

تواجه الحكومة الجديدة تحدّيات كبيرة خصوصاً على الصعيدين الاقتصادي والمالي في ظل أزمة سيولة وتراكم الدين العام إلى نحو 92 مليار دولار، أي أكثر من 150 % من إجمالي الناتج المحلي.

وقدرت منظمة إحصاءات محلية (إنفو برو) أن 220 ألف شخص خسروا وظائفهم منذ اكتوبر.

وأقرّت الحكومة اللبنانية بالإجماع في السادس من الشهر الحالي بيانها الوزاري الذي يتضمن عناوين خطة عملها في الفترة المقبلة وأحالته على البرلمان.

وتلا دياب أمس البيان الوزاري، وفيه التزام الحكومة «إنجاز خطة طوارئ قبل نهاية فبراير لمعالجة حاجات الناس الطارئة ومواجهة الاستحقاقات والتحديات الداهمة»، وإلحاقها بخطة إنقاذ شاملة متكاملة على ثلاث مراحل من مائة يوم إلى ثلاث سنوات.

وحذر البيان الوزاري من أن «كل يوم يمر من دون المضي في التنفيذ يكلف البلد وناسه المزيد من الخسائر والأضرار وقد نصل إلى الانهيار الكامل الذي سيكون الخروج منه صعباً إن لم نقل شبه مستحيل».

كما التزمت الحكومة تنفيذ مقررات مؤتمر (سيدر) الذي أقر في العام 2018 في باريس سلسلة هبات وقروض للبنان بقيمة 11,6 مليار دولار مقابل إصلاحات هيكلية وخفض عجز الموازنة.

واعتبر دياب، وفق البيان، أن الحكومة الحالية هي «حكومة مواجهة التحديات». وتأمل الحكومة بعد نيلها الثقة ومباشرة عملها أن تحظى بدعم المجتمع الدولي. وأعلن دياب التزام حكومته بالاستقلال عن التجاذب السياسي ورفض التوطين ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

وقال دياب «إننا نعتزم العمل على أن نكون حكومة تعمل لتخدم لبنان وشعبه واقتصاده، حكومة مستقلة عن التجاذب السياسي تعمل كفريق عمل من أهل الاختصاص، حكومة تعتبر أن الكثير من مطالب الحراك، هي ليست فقط محقة، بل هي ملحة وفي صلب خطتها».

وأضاف « تلتزم الحكومة بأحكام الدستور الرافضة للتوطين، والتمسك بحق العودة للفلسطينيين، كما سنعمل مع الدول الشقيقة والصديقة لإيجاد حل لأزمة تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا)، ونواصل تعزيز الحوار اللبناني-الفلسطيني لتجنيب المخيمات ما يحصل فيها من توترات، وهو ما لا يقبله اللبنانيون، استنادا الى وثيقة الرؤية اللبنانية الموحدة».