Mohammed
Mohammed
أعمدة

شفافية - ماذا تعني ثقة المستثمرين بسوق مسقط؟

04 فبراير 2020
04 فبراير 2020

محمد بن أحمد الشيزاوي -

[email protected] -

تعتبر أسواق المال أحد أهم المؤشرات على قوة الاقتصاد أو ضعفه، وتعكس إلى حد كبير توقعات المستثمرين (محليين وأجانب) بشأن أداء الاقتصاد المحلي وإمكانيات نموه أو عكس ذلك، وعلى الرغم من تأثيرات المضاربات على الأسواق صعودا أو هبوطا إلا أن المضاربات كثيرا ما تكون لفترة محدودة تعود بعدها السوق إلى حالتها الطبيعية، ولهذا فإن كثيرا من متخذي القرار في العديد من الدول ينظرون إلى أسواق المال على أنها مؤشر حقيقي لأداء اقتصادهم، وما ينبغي عليهم اتخاذه من خطوات لتعزيز أدائه.

ومن هذا المنطلق ننظر إلى ما شهدته سوق مسقط للأوراق المالية خلال شهر يناير من صعود عدد من مؤشراتها كارتفاع المؤشر الرئيسي وتحقيقه أفضل أداء شهري منذ أغسطس الماضي، وتمكّنه من تسجيل أول صعود في شهر يناير منذ خمس سنوات، وارتفاع عدد الصفقات المنفذة، وصعود القيمة السوقية وغيرها من المؤشرات الأخرى التي يعكس صعودُها ازديادَ ثقة المستثمرين في الاقتصاد الوطني وتوقعاتهم الإيجابية بشأن النمو الاقتصادي خلال العام الجاري والأعوام المقبلة.

وعندما نعيد قراءة ما شهدته سوق مسقط للأوراق المالية في شهر يناير الماضي نجد أن المؤشر الرئيسي ارتفع حوالي 2.5% أي 98 نقطة وأغلق على نحو 4080 نقطة، وهو أول ارتفاع شهري للمؤشر في يناير منذ 5 سنوات، ففي نفس الشهر من عام 2016 تراجع المؤشر حوالي 227 نقطة، واستمر في تراجعه في الأعوام الثلاثة التالية؛ غير أن تسجيله صعودًا بمقدار 98 نقطة في يناير 2020 مؤشر يبعث على الارتياح خاصة أن هذا الصعود يعد ثاني أفضل صعود بين مؤشرات الأسواق الخليجية خلال الشهر الماضي، وفضلا عن هذا فإن المؤشر الرئيسي للسوق قد واصل صعوده ليغلق بنهاية تداولات يوم الاثنين (3 فبراير) على 4115 نقطة مرتفعًا 134 نقطة عن مستواه في نهاية العام الماضي.

كذلك فإن عدد الصفقات المنفذة ارتفع في شهر يناير إلى 11300 صفقة مقابل 10504 صفقات في ديسمبر على الرغم من تراجع عدد أيام التداول من 23 يوما إلى 19 يوما، وسجلت السوق مكاسب في قيمتها السوقية تقدر بـ131 مليون ريال عماني لتبلغ بنهاية يناير حوالي 18.9 مليار ريال عماني، وجميع هذه المكاسب تحققت من صعود أسعار شركات المساهمة العامة وليس من خلال إدراجات جديدة في سوق السندات والصكوك أو الشركات المقفلة.

أما بالنسبة لقيمة التداول التي تراجعت من 79.2 مليون ريال عماني في ديسمبر إلى 41.4 مليون ريال عماني في يناير فهذا يعود إلى أن شهر ديسمبر شهد عددًا من الصفقات الخاصة وارتفاع التداولات في سوق السندات والصكوك التي بلغت قيمة تداولاتها 17.2 مليون ريال عماني من بينها 13.8 مليون ريال عماني قيمة صفقتين تم تنفيذهما على سندات أومنفست الدائمة، وشهد بنك مسقط تداولات بقيمة 15.7 مليون ريال عماني وريسوت للأسمنت 10.1 مليون ريال عماني ليبلغ إجمالي هذه التداولات 43 مليون ريال عماني.

في حين أن شهر يناير لم يكن فيه هذا الاستحواذ، فأعلى قيمة تداول لشركة منفردة كان من نصيب بنك مسقط بـ10.3 مليون ريال عماني ثم عمان للاستثمارات والتمويل بـ2.4 مليون ريال عماني، وبلغت قيمة التداول لأكثر 5 شركات تداولا من حيث القيمة 18.8 مليون ريال عماني في يناير مقابل 49.1 مليون ريال عماني في ديسمبر أي أن أكبر 5 شركات من حيث قيمة التداول استحوذت في يناير على 45.4% من إجمالي قيمة التداول مقابل نحو 62% في ديسمبر، وهذا مؤشر مهم جدا يعكس رغبة المستثمرين في تنويع محافظهم الاستثمارية. وبالإضافة إلى هذا فإن عدد الشركات التي ارتفعت أسعارها في يناير بلغ 37 شركة مقابل 14 شركة في ديسمبر وتراجع عدد الشركات التي انخفضت أسعارها من 49 شركة في ديسمبر إلى 20 شركة في يناير.

كل هذه المؤشرات تعكس حالة التفاؤل التي سادت سوق مسقط للأوراق المالية خلال الشهر الماضي والتي عبّرت عن مستوى ثقة المستثمرين في الاقتصاد الوطني نتيجة للانتقال السلس للسلطة إثر وفاة المغفور له -بإذن الله تعالى- جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيّب الله ثراه- والذي رحل عن عالمنا بعد أن أسس دولة مؤسسات قادرة على التعامل -بإذن الله تعالى- مع مختلف التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني.

ومع حزننا البالغ على فقيد الوطن إلا أننا نجد أن جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- سوف يسير على نهجه في مواصلة بناء عمان اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وفكرا منيرا، وهو ما تعكسه المؤشرات الاقتصادية المتعلقة بالسلطنة، كما تعكسه أيضا أحلام العمانيين وتأكيدهم السير خلف قيادة جلالته الحكيمة.