1429507
1429507
عمان اليوم

دراسة بيئية تكشف أضرار استخدام المبيدات بطرق غير سليمة ودورها في تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري

03 فبراير 2020
03 فبراير 2020

تعتبر سلاح ذو حدين وتأثيرها يمتد إلى البيئة والكائنات الحية -

كتبت - مُزنة بنت خميس الفهدية -

كشفت دراسة بيئية حديثة عن تأثير المبيدات الحشرية على البيئة والكائنات الحية، حيث جاءت هذه الدراسة من منطلق زيادة الطلب واستخدام المبيدات بشكل كبير في القطاع الزراعي، من أجل حماية النباتات والمحاصيل، وتنتج عنها إذا ما استُخدمت بالطرق غير السليمة العديد من الأضرار على المحاصيل الزراعية والبيئة وصحة الإنسان.

وتُعرف مبيدات الآفات بأنها مجموعة من المستحضرات الكيماوية الزراعية تشمل مبيدات الحشرات والفطريات والأعشاب والحشائش الضارة، وتعتبر عنصرًا مهمًا في منظومة الإنتاج الزراعي؛ إذ إنها تساهم في القضاء على الآفات وفي إنتاج المحاصيل بكميات كبيرة ورفد السوق المحلي بمنتجات زراعية متنوّعة، وذلك حسب ما جاء في نشرة الوشق العدد الخمسين، وهي نشرة شهرية يصدرها المركز الوطني للبحث الميداني في مجال حفظ البيئة.

وحول الأضرار الجانبية للمبيدات فهي كثيرة، ومتعددة إذا ما استُخدمت بالطرق غير السليمة على البيئة مما ينعكس سلبًا على صحة الإنسان والحيوانات والنباتات؛ إذ تسهم المبيدات في تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، وذلك لما تخلّفه من انبعاثات غازية تتصاعد إلى طبقات الغلاف الجوي، كما أنها تتسبب فيما يُعرف بظاهرة الأمطار الحمضية، ويؤدي الاستخدام المتكرر للمبيدات إلى تدمير خصوبة التربة وتلوثها؛ إذ تعد المبيدات أحد أخطر الملوثات على البيئة والتربة، وأيضًا تتسبب في أضرار للكائنات الحية النافعة وتدمير التنوّع الأحيائي.

آلية الانتقال

وأوضحت الدراسة البيئية أن أضرار المبيدات تنتقل إلى الإنسان والحيوان والبيئة من خلال عدة طرق تتمثل في وصول المبيد أو أجزاء منه عن طريق اللمس أو الاستنشاق أو عن طريق الفم أو العين أو بطريقة غير مباشرة من خلال استهلاك المواد الغذائية والماء والهواء الملوثة بآثار المبيدات، وتصل المبيدات إلى المياه كالآبار والأنهار والبحار من خلال عدة طرق منها رش الحشرات المائية الضارة، إضافة إلى وصولها عن طريق ذوبان متبقيات المبيدات الموجودة في التربة الزراعية عن طريق مياه الأمطار والري وكذلك الهواء والمطر المحمّلان برذاذ المبيدات، وتتعدد طرق رش المبيدات منها الرش السطحي وأيضًا الرش بالطائرات لمكافحة آفات معيّنة لتسهيل عملية القضاء على الآفات عندما تكون منتشرة في بقعة واسعة.

وأكدت الدراسة أنه يُمنع رش المحاصيل بالمبيدات قبل حصادها؛ إذ ينبغي رشها قبل وقت طويل تُسمى فترة الأمان وهي تختلف وفقًا لنوع المبيد والمحصول إذ تتراوح فترة الأمان من 3 أيام إلى 30 يومًا، وكلما طالت فترة الأمان تخرج متبقيات المبيدات وتزول من المحصول عن طريق التبخر، وتختلف أسباب انتشار المبيدات في المحاصيل منها استعجال المزارع بحصد المحصول أو جهلًا منه بطريقة استخدام المبيد، كما أن بعضهم لا يقرؤون التعليمات المكتوبة على العبوة.

الحلول

وسعت الدراسة البيئية إلى إيجاد بدائل سليمة للمبيدات لمكافحة هذه الآفات والحشرات منها استخدام أصناف مقاومة من البذور الزراعية والأشجار، وإتلاف بقايا المحاصيل ونواتج تقليم الأشجار والثمار المصابة لكي لا تتجمّع فيها الحشرات، وأيضًا الزراعة بشكل علمي ومدروس، واستخدام مصائد الحشرات، وتغيير درجات الحرارة أو البرودة أو الرطوبة من خلال المخازن والبيوت البلاستيكية، كما يُمكن استخدام المستخلصات والزيوت النباتية الخاصة لرش النباتات إذ إنه ليس لها أي أضرار على البيئة والإنسان، وأيضًا حراثة التربة حراثة عميقة والتي تعمل بدورها على تفكيك التربة وقتل الأطوار غير المكتملة من الحشرات الضارة، ولتفادي أو تقليل أضرار المبيدات هناك عدة طرق تتمثل في عدم الاحتفاظ بأي مبيد يتم خلطه بالماء لمدة طويلة بغرض استعماله لاحقًا، وعدم تخزين المبيدات في أوعية أو زجاجات الشرب العادية بل حفظها في عبوات خاصة، وكذلك حفظ المبيد في مكان مظلم وجاف ذي تهوية جيّدة، وتدريب المزارعين على الاستخدام الآمن للمبيدات ورفع نسبة الوعي لديهم، وتُبعد عن متناول الأطفال.

تشريعات وقوانين

ازداد في السنوات الأخيرة استخدام مبيدات الآفات في السلطنة وذلك لأسباب عديدة منها الاهتمام بالزراعة ورغبة في إنتاجها بكميات تجارية لتسويقها داخل السلطنة وخارجها، وتوجد في السلطنة تشريعات وقوانين منظمة لاستخدام المبيدات إذ أنه صدر قانون المبيدات خلال عام 2006م بمرسوم سلطاني رقم (64/‏‏2006) وقد صدرت لائحته التنفيذية رقم (41/‏‏2012) في العام 2012م.

وأوضحت المادة (10) من هذا القانون بأنه يعتبر كل من يقوم بأي من الأعمال التالية مخالفًا لأحكام هذا القانون سواء قام بها بنفسه أو بشكل غير مباشر من خلال موظف أو وكيل وذلك لتعمّد تغيير أو تشويه أو إتلاف جزء من البيانات الإيضاحية على الملصق بالعبوة، أو فتح العبوة أو إعادة تعبئتها بدون موافقة كتابية من السلطة المختصة، أو الدعاية والإعلان عن أي مبيد دون موافقة كتابية من السلطة المختصة، أو منع أو عرقلة موظفي الوزارة (وزارة الزراعة والثروة السمكية) المعنيين بتطبيق أحكام هذا القانون، أو استيراد أو تداول أو تصنيع أي مبيد بدون الترخيص اللازم، أو استيراد أو تداول أو تصنيع أي مبيد تالف أو مغشوش أو منتهي الصلاحية.

ونصّت المادة (11) من قانون المبيدات بمعاقبة كل من يخالف المادة (10) من هذا القانون أو أية مادة من لائحته التنفيذية أو قرار صادر بموجبه بغرامة لا تقل عن مائتي ريال عماني ولا تزيد عن ألف ريال عماني مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، كما نصت البنود (2)، (4)، (5)، (6) من المادة (10) من هذا القانون على العقوبة بالسجن مدة لا تقل عن 10 أيام ولا تزيد عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ريال عماني ولا تزيد عن ألف ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفي كل الأحوال للمحكمة مصادرة المبيدات المضبوطة أو الأمر بالتخلص منها، وتقوم الجهات المعنية بالتفتيش المستمر والمراقبة لضمان اتّباع الطرق السليمة في رش المحاصيل بالمبيدات، ولكن من الضروري أن يكون المزارع على دراية ووعي كافٍ بخطورة استخدام المبيدات بطرق غير سليمة.

إرشادات

وأشارت الدراسة إلى أنه قبل البدء بمكافحة الآفات عن طريق المبيدات لا بد على المزارع التعرّف على نوع الآفة التي يواجهها وأن يحصل على مشورة من الجهة ذات الاختصاص أو الأفراد المختصين بذلك، إذ إن هناك ظروفًا يكون فيها استخدام المبيدات غير مناسب، وينبغي على مستخدم المبيد التأكد من المستحضرات الموصي باستخدامها ومكان الحصول عليها، ونسب الاستعمال وقوة التركيز وتوقيت الرش وتكرار المعالجة، مؤكدة إلى أنه قبل استعمال المبيد يجب قراءة التعليمات المسجلة على العبوة بشكل جيّد والتقيّد بها والتأكد من صلاحية المبيد، والوعي بالكمية المسموح بها للرش، والتأكد من فعالية المبيد للآفة المُراد القضاء عليها، والتأكد من أن المبيد ليس مغشوشًا، وعدم استنشاق المبيد عند فتحه، وعدم خلط مبيدين معًا إلا في حال كانت لدى المستخدم الخبرة والمعرفة الكافية لتأمين طريقة الخلط.

دراسات وتقارير عالمية

ونشرت «نشرة الوشق» في عددها الخمسين دراسات وتقارير عالمية، حيث أوضحت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «الفاو» بأنه ينبغي إدارة مبيدات الآفات لتجنّب انتقالها من الموقع إلى البيئات البريّة أو المائيّة ومراعاة الملاحظات الميدانية والحالة الجوية ووقت المعالجة وكمية الجرعة عند الرش بالمبيدات، وأكّدت منظمة الصحة العالمية أنّ تأثير المبيدات يمتد إلى البر والبحر والجو وتهديداتها تطال كافة الكائنات الحيّة بما فيها الإنسان، مشددةً على تعظيم دور التوعية بمخاطر استخدام المبيدات إلا وفق اشتراطات ومعايير آمنة على الصحة العامة والبيئة، وحذرت دراسة فرنسية من جامعة لا بورجيه دو لاك من أضرار المبيدات الزراعية على المدى الطويل على البيئة والصحة العامة إذ إنها تستمر عقودًا قبل أن تختفي آثارها تمامًا، وكشفت الدراسة أنّ الآثار الضارة للمبيدات على البيئة تدوم إلى أكثر من أربعة عقود بعد تحليلات أجروها على بحيرة قريبة من منطقة زراعية جنوب فرنسا.

وتشير دراسة مصرية أجراها فريق من جامعة المنصورة بالتعاون مع جامعة ميونيخ في ألمانيا إلى أن التعرُّض المفرط للمبيدات يزيد من خطر إصابة المزارعين بمرض الشلل الرعاش، وكشفت دراسة أُجريت لرسالة ماجستير من غزة بعنوان «المبيدات الزراعية وأثرها على الصحة في محافظات غزة» عن تعاظم خطر إصابة المزارعين بعدد من الأمراض منها الفشل الكلوي والكبدي وأمراض الجهاز العصبي والأورام السرطانية نتيجة الإفراط في استخدام المبيدات الحشرية وطول مدة التعرُّض لها، وأثبتت الدراسة وجود ارتباط بين المستوى التعليمي للمزارع وكيفية تحديده الجرعة المطلوبة من المبيد وأنه كلما زاد مستواه التعليمي زادت كفاءته في تحديد الجرعة دون إفراط، كما تشير الإحصائيات على مستوى العالم أنه في عام 1992م تسببت المبيدات في حالات التسمم لما يقرب من 25 مليون شخص في الدول النامية مات منهم ما يقرب من 20 ألف شخص سنويًا.