1429134
1429134
العرب والعالم

آلاف المتظاهرين العراقيين يحتجون على تكليف محمد علاوي بتشكيل الحكومة

02 فبراير 2020
02 فبراير 2020

الصدر طلب من أنصاره مساعدة قوات الأمن في عودة الحياة إلى طبيعتها -

بغداد - عمان - جبار الربيعي- (وكالات): شهدت بغداد ومدن جنوب العراق أمس احتجاجات يشارك فيها شباب غاضبون مناهضون للحكومة، رفضا لتكليف وزير الاتصالات الأسبق محمد توفيق علاوي تشكيل الحكومة العراقية، بعد أشهر من الاحتجاجات والشلل السياسي.

وأعلن عن تسمية علاوي رئيسا للوزراء مساء الأول بعد توافق توصلت إليه الكتل السياسية بشق الأنفس، بهدف الوصول لبديل عن رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي الذي استقال منذ شهرين تحت ضغط الشارع.

وجدد ائتلاف النصر الذي يتزعمه رئيس مجلس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، تأكيده بأنه ليس طرفا باختيار المرشح لرئاسة مجلس الوزراء في هذه المرحلة، لافتا إلى أن المرشح المؤهل يجب أن يحظى بثقة الشعب.

وقال الائتلاف في بيان انه «على المرشح أن يثبت أهليته بالابتعاد عن المحاصصة المقيتة وان يحاسب كل الذين تسببوا في إراقة الدم العراقي البريء في ساحات التظاهرات وخارجها، ورعاية عوائل الشهداء والجرحى».

وأكد أن على المرشح أن «يعيد للدولة اعتبارها باستعادة الأموال والمناصب التي تم الاستيلاء عليها بغير وجه حق وإعادة الثقة للقوات المسلحة والأمنية لحماية الشعب والدفاع عنه، وإجراء انتخابات مبكرة عادلة ونزيهة».

وجرت تظاهرات أمس شكل فيها شباب غاضبون مناهضون للحكومة غالبية فيها رفضا لتكليف علاوي الذي يؤكد أنه مستقل، تشكيل الحكومة العراقية. ويطالب المحتجون بتسمية رئيس وزراء مستقل سياسيا لم يعمل في الحكومة، ويعتبرون أن ذلك لا ينطبق على علاوي.

ففي مدينة النجف رفع متظاهرون أمس لافتة تقول «محمد علاوي مرفوض، بأمر الشعب!». وأمضى شبان مقنّعون الليلة قبل الماضية وهم يشعلون إطارات سيارات في الشوارع التي ما زال عدد منها مغلقا تعبيرا عن غضبهم من تكليف علاوي هذا المنصب.

وفي مدينة الديوانية جنوب العراق، توجه متظاهرون إلى المقار الحكومية للمطالبة بإغلاقها وتوقفها عن العمل، فيما بدأ طلاب ثانويات وجامعات اعتصامات.

وفي الحلة على بعد 100 كم جنوب بغداد قام متظاهرون بإغلاق طرق رئيسية وجسور بإطارات مشتعلة احتجاجا على تولي علاوي رئاسة الوزراء، رافعين صورا منددة به وهم يهتفون «علاوي ليس اختيار الشعب!».

كما توافد مئات الطلاب إلى شوارع تؤدي إلى ساحة التحرير الرمزية، المعقل الرئيسي للاحتجاج في بغداد، حاملين صورا لمحمد علاوي وقد رسمت إشارة الضرب باللون الأحمر على وجهه.

وقالت المتظاهرة طيبة الطالبة في كلية الهندسة (22 عامًا) «نحن هنا لرفض رئيس الوزراء الجديد؛ لأن تاريخه معروف ضمن الطبقة السياسة. لا غيرة لديه ونحن نريد أحدا يغار على الوطن ويعمل من أجله».

بدأ علاوي مشواره السياسي في 2003 عندما انتخب نائبا في برلمان ما بعد سقوط نظام الديكتاتور الراحل صدام حسين، عقب الغزو الأمريكي للعراق. وقد عيّن وزيرا للاتصالات في 2006 واستقال في 2007، ثم عاد نائبا في 2008 ليخلف نائبة توفيت وفاز بعضوية المجلس في 2010 أيضا. في العام نفسه، عيّن مجددا وزيرا للاتصالات في حكومة نوري المالكي، لكن تلك الفترة لم تكتمل، وطبعت سيرته السياسية باستقالته من الحكومة في أغسطس في 2012. ويومها اتهم علاوي المالكي بغضّ النظر عن عمليات فساد يقوم بها مقربون منه.

وجاء تكليف علاوي في الوقت «بدل الضائع» للمهلة التي حددها رئيس الجمهورية برهم صالح للكتل السياسية لتسمية شخصية ترأس الحكومة، قبل أن يتخذ الرئيس نفسه قرارا أحادي الجانب.

وقال علاوي (65 عاما) في فيديو نشره عبر صفحته على فيسبوك متوجها إلى الشعب والمتظاهرين المحتجين باللهجة العراقية «الآن أنا موظف عندكم، وأحمل أمانة كبيرة وإذا لم أحقق مطالبكم، فأنا لا أستحق هذا التكليف».

وأضاف: بعد أن كلفني رئيس الجمهورية تشكيل الحكومة قبل قليل، قررت أن أتكلم معكم قبل أن أتكلم مع أي أحد، لأن سلطتي منكم».

وفي وقت لاحق نشرت رئاسة الجمهورية فيديو لرئيس الجمهورية مكلفا علاوي، الذي تلا بعد ذلك كلمة تعهد فيها تنفيذ مطالب الشارع، وخصوصا الانتخابات المبكرة وحقوق ضحايا التظاهرات. وهنأ رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي علاوي في اتصال هاتفي، بحسب بيان صادر عن مكتبه.

وأدى العنف إلى مقتل أكثر من 480 شخصا، غالبيتهم العظمى من المتظاهرين، منذ اندلاع التظاهرات في الأول من أكتوبر الماضي في بغداد ومدن جنوب العراق.

وقال سجاد جياد عضو مركز «بيان» ومقره العراق: إن أمام علاوي شهرا واحدا لتشكيل حكومته، لكن التحدي سيكون بضمان استقلاليتها. وأوضح جياد «إذا تعلمنا شيئا من رئيس الوزراء السابق، فهو أن الأمر الأصعب، هو التراجع عن مطالب الكتل السياسية».

ويجري تشكيل الحكومة في العراق عبر مفاوضات ماراثونية معقدة تجريها الأحزاب السياسية لتوزيع المناصب الوزارية بما يضمن مصالحها، بالاستناد إلى المقاعد التي تشغلها في البرلمان.

ويرى جياد أنه إذا فشل علاوي في معارضته لمرشحي الوزارات الذين تقدمهم الأحزاب، فإنه «سيؤكد ما يقوله المحتجون»عن ولائه للفصائل.

من جانبه حث مقتدى الصدر أنصاره أمس على مساعدة قوات الأمن في فتح الطرق التي أغلقت على مدى أشهر من الاعتصامات والاحتجاجات وطالب بعودة الحياة اليومية إلى طبيعتها بعد تعيين رئيس وزراء جديد.

ودعا الصدر، الذي كان ينحاز في بعض الأحيان إلى المحتجين المناهضين للحكومة وفي أحيان أخرى للجماعات السياسية المدعومة من إيران، أنصاره غير المسلحين المعروفين باسم «القبعات الزرق» على العمل مع السلطات لضمان عودة المدارس والشركات للعمل بشكل طبيعي.

وقال الصدر في بيان نشر على حسابه على تويتر «أجد لزاما تنسيق (القبعات الزرق) مع القوات الأمنية الوطنية البطلة ومديريات التربية في المحافظات وعشائرنا الغيورة لتشكيل لجان في المحافظات من أجل إرجاع الدوام الرسمي في المدارس الحكومية وغيرها كما وعليهم فتح الطرق المغلقة لكي ينعم الجميع بحياتهم اليومية وترجع للثورة سمعتها الطيبة».

وأضاف: «أنصح القوات الأمنية بمنع كل من يقطع الطرقات وعلى وزارة التربية معاقبة من يعرقل الدوام من أساتذة وطلاب وغيرهم».

وقال مراسل رويترز إنه يبدو أن بعض أنصاره قد ساعدوا بالفعل على إخلاء أماكن الاحتجاجات في ساحة التحرير في بغداد أثناء الليل. وأخلي تقريبا مبنى المطعم التركي الذي احتله المتظاهرون منذ أكتوبر ووقف أفراد القبعات الزرق خارجه يحملون أجهزة اللاسلكي للحراسة.

وكان أنصار الصدر قد دعموا المتظاهرين في السابق وفي بعض الأحيان ساعدوا في حمايتهم من هجمات لقوات الأمن ومسلحين مجهولين.

لكنهم انسحبوا من مخيم الاعتصام الرئيسي بناء على طلبه في الفترة الأخيرة بل وهاجموا المتظاهرين في ساحة التحرير، مخيم الاحتجاج الرئيسي في العاصمة، قبل ساعات من تعيين علاوي أمس الأول.

واتهمه العديد من المتظاهرين ومنهم بعض من أنصاره الذين انضموا للمحتجين بالتخلي عن قضيتهم. ويأتي أغلب أنصار الصدر من أحياء فقيرة في شرق بغداد ويعانون من المظالم نفسها التي يعاني منها الكثير من العراقيين وهي انعدام فرص العمل وضعف الرعاية الصحية والتعليم.