hamda
hamda
أعمدة

إيجابية

02 فبراير 2020
02 فبراير 2020

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

باسم الإيجابية كان هناك من ينكر علينا الحزن والتعبير عن مشاعر الفقد التي عشناها كأمة خلال الأسابيع الماضية، لقد أصبحت الإيجابية مصطلحًا مستهلكًا، يرفعه البعض شعارًا لتخدير المشاعر، التي ينكرون علينا التعبير عنها، إلا أن الإيجابية لا تعني بأي حال من الأحوال كبت المشاعر وإنكارها، فالمشاعر فطرية، لم يضعها رب العالمين فينا عبثا، وهو الذي أحسن كل شيء صنعا، تبارك أحس الخالقين.

صحيح أنني لست مع المبالغة في التعبير عن المشاعر، فقاعدة لا إفراط ولا تفريط تسري على كل شيء في الحياة، والغلو أمر نهينا شرعًا عنه، لكنني أيضًا لست مع كبتها، لأن المشاعر إذا كبتت ستجد طريقًا للتعبير فيه عن ذاتها، بشكل أو بآخر، وإنكارها قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على المرء.

كل منا له طريقته الخاصة في التنفيس عن حزنه، وما يناسبني لا يناسبك، ففي الأسابيع الماضية واجهتني كثير من المواقف، وجدت من حولي يتسرعون في إصدار الأحكام على أصحابها، في حين أنها كانت طرقًا فريدة ومختلفة في التعبير عن الصدمة وحجم الألم الذي أجمع من حولي بأنه لم يشهد له مثيلا.

علينا الاعتراف بأن ما مرّ بنا مأساة كبيرة، كانت فوق الاحتمال بالنسبة للكثيرين، العمل على إنكار ذلك برفع شعار الإيجابية، مناف للفطرة، الناس كانت حزينة بشكل غير مسبوق، وكان عليها أن تجد وسائل تهدئ فيه من هول الحدث، بعض هذه الطرق قد نراها مبالغًا فيها، كما وصفها البعض، إلا أنها ما فكر فيه البعض في تلك اللحظة، التي خذلنا فيها المنطق والعقل.

سننسى حتمًا، فهذه هي سنة الحياة، لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، فلو كان الموت ليس في وسعنا تحمله ما كتب علينا، لكن الأمر سيتطلب منا بعض الوقت، اسمحوا لنا به، فأصابع اليد ليست واحدة، ونحن لسنا متماثلين في قدرتنا على التحمل، والمصاب جلل، والفقد عظيم، لذا رأفة بقلوبكم وقلوب من حولكم، خذوا وقتكم في التعامل مع مشاعركم، والتعبير عن حزنكم بالطريقة التي تناسبكم، لكن لا تنكروها، ولا تكبتوها، فلم تخلق الدموع عبثا، إنها رحمة من الرحمن الرحيم، ونعمة عظيمة من لدن الكريم المنان، جعلها ربي آخر الأحزان يا عمان.